يبدو أن ملايين من الأفغان الذين تضربهم المجاعة وينتظرون على أحر من الجمر وصول إمدادات الإغاثة إليهم بعد انهيار نظام طالبان سينتظرون أطول مما يمكنهم تحمله، ويقول ديفيد إيرنشاو من جمعية أوكسفام الخيرية البريطانية في إسلام اباد «السباق لا يزال قائما، الوضع أصبح يتسم الآن بقدر أكبر من الخطورة مقارنة بأسبوع مضى». يذكر أن أكثر من سبعة ملايين نسمة، أي حوالي ثلث تعداد سكان أفغانستان، أصبحوا الآن في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، لكن تزايد حدة الفوضى واقتراب فصل الشتاء يعرقل بصورة متزايدة أيضا وصول إمدادات الغذاء، ويعكس قرار الأممالمتحدة بضرورة إقامة جسر جوي كسبيل وحيد يمكن من خلاله المساهمة في نقل قدر كاف من إمدادات الدقيق إلى شمال أفغانستان الوضع الطارئ هناك.،وتقلع أربع رحلات جوية يوميا من طاجيكستان محملة بإمدادات إغاثة إلى فيصل آباد في أفغانستان. من جانبها، قالت كريستين برثيام العاملة في برنامج الغذاء العالمي «هذا الجسر سيسمح للبرنامج بنقل مزيد من الطعام وسرعة تخزينه قبل حلول الشتاء وسقوط الثلوج التي ستعرقل حركة النقل على الطرق في أفغانستان»، والمشكلة أنه لا يكفي نقل الامدادات الغذائية إلى أماكن التخزين في المدن الكبرى فقط، ولكن يجب أيضا نقلها إلى القرى الجبلية النائية التي ستصبح معزولة عن العالم الخارجي لعدة شهور قادمة، وذلك في فترة زمنية لن تزيد عن أسبوعين، ونفس المشكلة تنطبق أيضا على الأراضي العليا بوسط أفغانستان والتي يقطنها أساسا سكان من قبائل الهزارة. ويقول سيدهارث ديفا من أوكسفام «رغم ورود إمدادات الإغاثة الغذائية، فإنها لن تكفي حتى نهاية آذار /مارس المقبل»، وبالنسبة لمناطق غرب وجنوب أفغانستان، فإنه يبدو أن الصداع الرئيسي في رأس وكالات الإغاثة هناك ليس الشتاء وإنما انعدام الأمن، ففي الغرب الأفغاني، دأبت عصابات محلية مسلحة على السطو على شاحنات الأممالمتحدة وهي في طريقها إلى حيرات، حيث تقوم تلك العصابات بتوزيع ما نهبته من مواد الإغاثة على القرى الموالية لها، وفي الجنوب، دفع استمرار القصف الأمريكي لقندهار والذي بث الذعر والرعب في قلوب المدنيين إلى فرارهم تجاه باكستان، لكن الحدود مغلقة والوضع في معسكرات اللاجئين بائس. ويضيف ديفا «كثير ممن تشردوا من ديارهم داخل أفغانستان لم يخسروا ديارهم فحسب، بل وطعامهم أيضا». ويشار إلى أن المجاعة في أفغانستان ليست نتيجة للحملة الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد مواقع طالبان، ولكنها ترجع بالضرورة إلى 22 عاما من الاقتتال بين الفصائل الأفغانية المتناحرة والحرب الأهلية والجفاف الذي اجتاح البلاد في السنوات الأخيرة، وبينما كانت فرص أولئك الذين فروا إلى باكستان قبل الأزمة الحالية جيدة نسبيا للحصول على مساعدات أو الإقامة في مستوطنات لاجئين مستقلة، فإن مئات الآلاف من النازحين الأفغان الآخرين لا يزالون ينتظرون المساعدات الإنسانية في داخل أفغانستان، أما في الشرق، حيث لا يمثل الجفاف عاملا مدمرا كما هو الحال في مناطق أخرى من البلاد، فإن عمال الإغاثة يواجهون مشكلات من نوع آخر، ففي جلال آباد، تم نهب مقار بعض منظمات الإغاثة ومخازنها، بينما أصبحت الطرق غير آمنة. من جهته، يقول إريك فالت المتحدث باسم الأممالمتحدة «سائقو شاحناتنا ليسوا مسلحين وصاروا بذلك تحت رحمة أي كائن مسلح». ولا شك أن إنعدام الأمن يجعل الأمور صعبة أمام منظمات الأممالمتحدة ووكالات الإغاثة في حمل العاملين الأجانب في مجال الإغاثة على العودة إلى أفغانستان، وتثور الانقسامات بين الخبراء حول الكيفية التي يتعين من خلالها التعامل مع الوضع القائم، فالبعض يقول إنه بدون دعم زعماء القبائل المحليين، فإن توزيع المواد الغذائية لا يمكن تنفيذه بطريقة مناسبة، ويوضح إرهارد باور من منظمة فيلتها ونجرهايلفه الالمانية الخيرية قائلا «نحن نحتاج إلى إبرام اتفاقات أمنية مع الحكام الجدد»، وتدعو منظمات أخرى إلى نشر قوات حفظ سلام دولية لحماية عمليات نقل مواد الإغاثة في مواجهة العصابات المسلحة. أما إرنشاو من منظمة أوكسفام البريطانية الخيرية، فيضيف قائلا «نحن لا نريد حراسا مسلحين لحماية قوافل الإغاثة، لأن ذلك سيمثل استفزازا للآخرين». موضحا أن الحاجة ماسة إلى نشر قوة لتأمين الطرق، وأمن على هذا الرأي من حيث المبدأ فرانسيس فيدريل نائب مبعوث الأممالمتحدة في أفغانستان.، لكنه يشير إلى ضرورة عدم إرسال قوة من قوات الأممالمتحدة بل إرسال قوة تشارك فيها الدول فرادى.