أعلنت لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي عن موافقة رئيس مجلس الاتحاد على تأجيل تقديم المخالصة المالية الخاصة برواتب اللاعبين خلال فترة التسجيل الشتوية؛ مُرجعة ذلك الإجراء إلى «الظروف الخارجة عن إرادة الاتحاد السعودي لكرة القدم والتي أدت إلى تأخر صرف استحقاقات الأندية سواء من بدل النقل التليفزيوني وغيرها من الاستحقاقات»؛ يأتي ذلك الإعلان المدروس بُعيد إعلان المملكة عن اضخم ميزانية في تاريخها؛ وتحقيقها إيرادات مالية بلغت 1110 مليارات ريال؛ وفائضا بحدود 306 مليارات؛ في الوقت الذي قُدرت فيه مصروفات العام 2012 بما يقرب من 690 مليارات ريال؛ وفائضا متوقعا بلغ 12 مليار ريلل. لا يمكن الجمع بين فوائض الميزانية، وأرقامها القياسية، وبين عجز الرئاسة العامة لرعاية الشباب الذي ألزمها بإضفاء الشرعية على مخالفات الأندية الصريحة، وتأخرها في الإيفاء بإلتزاماتها المالية تجاه لاعبيها، والأندية الأخرى!. فقطاع الشباب يفترض أن يكون القطاع الأكثر أهمية بالرعاية، والتطوير، لأسباب إستراتيجية فكرية، إجتماعية، رياضية، وأمنية؛ وأي تهاون في التعامل مع هذا القطاع قد يقود إلى إشكالات مستقبلية لا يعلم مداها إلا الله. كتبت قُبيل الإعلان عن موازنة 2012 مقالة بعنوان: «التنمية الرياضية... ملاعب الأندية السعودية»؛ أشرت فيها إلى أن المملكة في أمس الحاجة لتحقيق تنمية رياضية شاملة، وزيادة إستثماراتها الموجهة للبنى التحتية الرياضية وعلى رأسها منشآت الأندية، وملاعب المُدن الرئيسة في جميع المناطق، والمحافظات؛ وأكدت على أن «بناء مقار الأندية، وتشييد المدن الرياضية والملاعب بات خيار إستراتيجيا لدعم الرياضة، والمحافظة على النشيء، وخفض معدلات الجريمة، والإنحراف، وتنمية المهارات، وتحقيق طموح الشباب، ورغباتهم الملحة في الحصول على منشآت رياضية لا تقل جودة عن مُنشآت الدول الخليجية الأخرى. كُل ما أتمناه أن يتزامن الإعلان عن ميزانية الخير للعام 2012 مع قرار استكمال البُنى التحتية الرياضية التي اصابها الشلل منذ ما يقرب من ثلاثين عاما»؛ تنمية قطاع الشباب والرياضة أمر تفرضه الظروف، والحاجة المُلحة، فالرياضة لم تعد ترفا كما يعتقد البعض، بل وسيلة لإحتواء الشباب، وتطوير مهاراتهم، وتفجير طاقاتهم، وقدراتهم، وإبداعاتهم؛ والمحافظة عليهم، وتوجيههم التوجيه الأمثل خدمة للوطن، وحماية للمجتمع الأكبر. متوسط عمر المنشآت الرياضية السعودية يزيد على 25 عاما، وربما أتت متأخرة في التصنيف عن معظم الدول الخليجية التي باتت تحظى بمنشآت رياضية ضخمة، وحديثة؛ واهتمام واسع بقطاع الشباب والرياضة، وإنفاق توسعي موجه لإحداث نقلة نوعية في القطاع الأكثر أهمية على مستوى العالم. ترزح الأندية الرياضية السعودية تحت وطأة العجز المالي، وشبح المنشآت، وسوء الإدارة التي اسهمت في زيادة حجم الأزمات المالية بدلا من حلها. وزارة المالية باتت الشماعة التي تُعلق عليها الرئاسة العامة للشباب، والأندية تقصيرهم في إدارة القطاع؛ وتطويره وإحداث نقلة نوعيه تُعينه على منافسة الجيران. أعتقد أن الأمر تجاوز حد المقبول؛ فلا يمكن أن يُترك قطاع الرياضة لمواجهة مصيره المحتوم؛ ولا يمكن القبول بحملة التشهير الفضائية التي تتعرض لها المملكة؛ الأندية الرياضية؛ وزارة المالية؛ و الرئاسة العامة لرعاية الشباب دون أن نجد تحركا مسؤولا من قبل الحكومة لتلافي الأخطاء، ووضع خطة إستراتيجية لإعادة بناء قطاع الرياضة وبما يحقق الفائدة للجميع. أقترح تبني الحكومة لإجراء دراسة إستراتيجية شاملة عن الوضع الرياضي في المملكة، وأن تلتزم بتبني التوصيات وتنفيذها على أرض الواقع. ضعف الاستثمارات الحكومية في البُنى التحتية الرياضية أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. من المفترض أن تسارع الحكومة في تنفيذ القرارات الخاصة بدعم الرياضة، وإنشاء المدن الرياضية في جميع المناطق، وبناء المنشآت ومقار الأندية، ومراكز الأحياء أو المدن والقرى؛ وأن تُسارع في دفع مستحقات الأندية وعلى رأسها مُستحقات النقل التلفزيوني المُقدر ب 150 مليون ريال؛ وإعانات الاحتراف. قطاع الرياضة والشباب في حاجة ماسة لدعم خادم الحرمين الشريفين، فهو القادر، بعد الله، على إعادة توهجه، ومعالجة مشكلاته، وبناء مُنشآته؛ وتحويل عجزه المالي إلى فائض يُحاكي من خلاله فائض موازنة الخير والنماء التي أنعشت جميع قطاعات الدولة واستثنت قطاع الرياضة والشباب.