حصلت (الجزيرة) على معلومات دقيقة في بحثها عن ملفات (14) متهماً في قضية مقتل (4) مقيمين من الجنسية الفرنسية بالمدينةالمنورة وتهديد نسائهم بإطلاق النار بناء على معتقدهم الفاسد بعدم صحة عقود الأمان والعهد لهم، وذلك في الوقت الذي تنظر فيه المحكمة الجزائية المتخصصة لوائح التهم الموجهة ضدهم. وأشارت معلومات قد تلقتها ل»الجزيرة» أمس الأول مفادها أن (6) من المتهمين كانوا يعملون بصفة مباشرة تحت أوامر قائدهم الهالك وليد الردادي وكانوا متورطين بالتستر وإيواء الإرهابي «الردادي» ودعمه مادياً ومعنوياً طوال عامين من هروبه من يد العدالة وكانوا على علم بأنه على قائمة ال(36) التي أعلنت عنها وزارة الداخلية بتاريخ (21-5-1426ه) وتم الكشف عن الجناة بعد أسبوع من العملية الإرهابية بالرغم من عدم توافر معلومات دقيقة عن الجناة بعد تنفيذ العملية، كذلك ضبطت السيارة التي نفذ الجناة العملية الإرهابية بواسطتها مخبأة في منطقة صحراوية، كما سعى أحد المتهمين بالسفر لليمن بعد قتل الفرنسيين لمعرفة طريق لتهريبه خارج المملكة، كذلك نفذ أحد المتهمين عملية سرقة أجهزة كمبيوتر من منزل زوج شقيقته وإعطاء قيمتها للهالك الردادي. وكانت الأجهزة الأمنية قد أعلنت في (8 صفر 1428ه) الموافق (26 فبراير 2007م) عن تعرض مجموعة من المقيمين الفرنسيين للقتل من قبل مجهولين وجاء بيان من المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي في حينه أن الجهات الأمنية تلقت بلاغا بعد الساعة الثانية من ظهر يوم الاثنين الموافق 8 صفر 1428ه عن تعرض مجموعة من المقيمين فرنسيي الجنسية مكونة من أربعة رجال وثلاث نساء وطفلين لإطلاق نار من سيارة مجهولة أثناء عودتهم من رحلة برية وتوقفهم للراحة في منطقة صحراوية تبعد 17 كلم عن طريق المدينة - تبوك حيث كان بعضهم ينوي التوجه إلى مكةالمكرمة لأداء العمرة. وأوضح المتحدث الأمني اللواء التركي في حينه أن الجهات الأمنية باشرت الحادث فور تلقي البلاغ حيث اتضح مقتل اثنين من الرجال في الحال وإصابة اثنين توفي أحدهما بعد نقله إلى المستشفى والآخر يتلقى العلاج اللازم كما تم ترتيب نقل وإقامة النساء والأطفال بالمدينةالمنورة ولا يزال التحقيق جاريا. وفي يوم الثلاثاء (9 صفر 1428ه الموافق 27 فبراير 2007م) وإلحاقا للبيان المعلن يوم الاثنين الموافق (8-2-1428ه) عن تعرض عدد من المقيمين فرنسيي الجنسية لإطلاق نار من قبل مجهولين مما نتج عنه مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة رابع تم نقله للمستشفى. أوضح المتحدث الأمني بوزارة الداخلية في حينه أن المصاب مبارك جون مبارك البالغ من العمر (17) عاما توفي صباح الثلاثاء متأثرا بإصابته، وفي سياق الإنجازات الأمنية لملاحقة مرتكبي هذه الأعمال الشنيعة صدر إيضاحاً بتاريخ (16 صفر 1428ه الموافق 6 مارس 2007م) لما سبق التنويه عنه بشأن حادث الاعتداء الذي تعرض له مجموعة من المقيمين من الجنسية الفرنسية بالقرب من المدينةالمنورة يوم الاثنين الموافق (8-2-1428ه) والذي نتج عنه مقتل أربعة منهم فقد صرح مصدر مسؤول بوزارة الداخلية بأن الأجهزة الأمنية المختصة باشرت الحادث لحظة الإبلاغ عنه واتضح من مجريات التحقيق أن مجموعة من المقيمين الفرنسيين مكونة من ثلاث عوائل كانت تقصد منطقة المدينةالمنورة قد تاهوا في منطقة صحراوية تبعد 90 كيلو مترا عن المدينةالمنورة وبعد عدة محاولات منهم للاسترشاد عن الطريق الرئيسي وأثناء وقوفهم للاستراحة توقفت بالقرب منهم سيارة من نوع نيسان باترول خضراء اللون نزل منها شخصان باشرا إطلاق النار عليهم من أسلحة رشاشة وذلك وفقا لشهادة الأحياء منهم. وبالنظر إلى شناعة ما أقدم عليه هؤلاء المجرمون الذين خرجوا عن تعاليم الدين الحنيف وتخلوا عن الشيم العربية وغدروا بأبرياء عزل معصومي الدم في منطقة صحراوية خالية فقد استنفرت قوات الأمن في المنطقة وساندها المواطنون من أهل المنطقة الذين آلمهم ما حدث وبالرغم من محدودية المعلومات التي أدلى بها ذوو الضحايا نتيجة للسرعة التي نفذت بها الجريمة إضافة إلى اختلاف اللغة فقد أسفرت الجهود الأمنية المكثفة عن توسيع دائرة البحث وتضييق دائرة الاشتباه والحصول على أدلة وقرائن قوية أدت إلى ضبط المشتبه بهم. وأعلنت الأجهزة الأمنية في حينه أن مصلحة التحقيق تستدعي قيام كل من عبدالله ساير معوض المحمدي (سعودي الجنسية) وقريبه ناصر بن لطيف البلوي (سعودي الجنسية) بتسليم نفسيهما لأقرب جهة أمنية لإيضاح حقيقة موقفهما وذلك بصفة عاجلة وفي مدة لا تتجاوز الساعة الثامنة من صباح يوم الأربعاء الموافق (17-2- 1428ه) وفي حال عدم تسليم نفسيهما فسوف يتم التعامل معهما باعتبارهما مطلوبين للجهات الأمنية. إلا أنهما لم يتجاوبا مع البيان، وكانت الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على المدعو (عبدالله ساير المحمدي) أحد قتلة الفرنسيين الأربعة في 26 فبراير الماضي حيث تم القبض عليه في خيمة نصبها وسط مزرعة في قرية (البوير) التابعة لشجوى في مركز المليليح 80 كم شمال غرب المدينةالمنورة، وتتبع رجال الأمن بتعاون من المواطنين تحركات المحمدي منذ أواخر شهر رمضان المبارك، حيث شوهد رجل ينتقل بين الجبال المحيطة بالمزرعة وحاول الفرار أكثر من مرة ولم يتم التأكد من شخصيته لبعده عن أنظار المتابعين إلا أنه بالمتابعة والملاحقة الشديدة من رجال الأمن تم القبض عليه داخل الخيمة التي نصبها داخل إحدى المزارع في قرية البوير ولم تصدر منه أية مقاومة لرجال الأمن، ويعتقد أن ذلك بسبب إرهاقه وعامل المفاجأة له كما أنه لم يعثر معه على أية أسلحة، وبسؤاله عن أسلحته أجاب أنها في إحدى الجبال المحيطة إلا أنه وبعد التضييق عليه بالمعلومات والأدلة استخرج سلاحا رشاشا فجأة في مكان ليس ببعيد عن الخيمة التي قبض عليه فيها. وبعد القبض على عبدالله ساير المحمدي يسدل الستار على فصول مسرحية قتل الفرنسيين الأربعة التي وقعت في شجوى التابعة لمركز المليليح في 26 (فبراير) من العام (2007م). حيث تم قتلهم بدم بارد من الجناة الأربعة عبدالله ساير المحمدي ووليد الردادي وماجد بن معيض الحربي وناصر البلوي، حيث تم قتل وليد الردادي في مواجهة مع رجال الأمن عندما كان يتحصن في شقة لأحد أقاربه في أول شارع العيون المؤدي لجبل أحد في السادس من شهر أبريل الماضي. أما ناصر بن لطيف البلوي فقد تم القبض عليه يوم الأحد 1-7-1428ه في منطقة الجوف شمال المملكة أما الشريك الرابع ماجد معيض راشد الحربي فقد تم القبض عليه في شهر مايو عام (2007م) في منطقة صحراوية جنوب مدينة حائل على مسافة 100كم تقريباً بعيداً عن العمران وحركة البشر. وكان (4) أشخاص من الجنسية الفرنسية من بينهم مسلمون رجلان وامرأتان يقومون برحلة سياحية على قرى شمال غرب المدينةالمنورة بعد عودتهم من رحلة لمدائن صالح وقد شاهدهم اثنان من المجرمين هما وليد الردادي وماجد معيض الحربي فأسرعا لإحضار المجرم الثالث عبدالله ساير المحمدي واشتركوا جميعاً بقتل أربعة من الرجال اثنان منهم مسلمان وهم مبارك شاب في العشرينات من عمره ووالده المسلم المتزوج من أم مبارك مغربية مسلمة تحمل الجنسية الفرنسية، وقد تمت صلاة الميت على مبارك ووالده في المسجد النبوي الشريف. وفي سياق الملاحقات الأمنية للمتهمين في قضية قتل الفرنسيين حددت الأجهزة الأمنية مكان (القاتل) الإرهابي وليد مطلق الردادي الذي بادر رجال الأمن بإلقاء القنابل اليدوية عليهم وفتح أعيرة الرشاش الآلي بحوزته على رجال الأمن، حيث تم الرد عليه ليسقط آخر المطلوبين في قائمة 36 والذي تأكد ضلوعه في مقتل 4 من المقيمين الفرنسيين. وفي العملية الأمنية مع الإرهابي الردادي استشهد النقيب ظافر بن عبد الله النفيعي. وكانت (الجزيرة) قد قامت في حينه بزيارة إلى منزل أسرة النقيب ظافر الكائن بمخطط الملك فهد بالطائف حيث شاهدنا القلوب مجتمعة من كل مكان ولم يقتصر العزاء على أقارب وأصدقاء النقيب النفيعي بل حتى شاركهم الأهالي عندما علموا أن النقيب من الطائف حيث توافدوا على المنزل وقدموا واجب العزاء وكلهم فخر بأنه مثل الوطن في ملحمة القضاء على فلول الإرهاب، وهذه هي أسمى معاني الشجاعة، فيما كان والد النقيب ظافر العم (عبد الله) يستقبل المعزين في ابنه والكل يهنئه بشهادته كونه قتل في سبيل الوطن ومن أجله ومن أجل الدفاع عن مقدساته من براثن الإرهابيين الجهلة الذين لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون لديهم إنسانية ويشعرون بوطنهم وقيادتهم، بل هم مخربون وجهلة وشرورهم ليس لها مضاد إلا الله عز وجل ثم رجال أمننا البواسل الذين استطاعوا الوصول لهم في وكرهم الذي تحصنوا فيه ليحول النقيب ظافر الوكر لملحمة قوية تم التخلص فيها منهم وسقط شهيداً وهو مقبل غير مدبر فيما سقطوا هم في درك النار. والد شهيد الواجب (عبد الله النفيعي) يقول: نحمد الله على كل حال ونحن لسنا بأقل ممن قدموا أبناءهم فداء لهذا الوطن الغالي الذي لو طلب مني أن أقدم نفسي فداء له لما تأخرت أبداً، وبقدر ما كان الموقف صعباً عندما تلقيت نبأ استشهاده بقدر ما كان مفرحاً كون ابني ذهب في مواجهة من أجل الوطن، وأشار والد الشهيد إلى أنه كان قد سمع صوت ابنه من خلال اتصال هاتفي قبل 3 أيام ولم يسمع صوته من بعدها، وذكر أن ابنه كان يتحدث عن الوطن وأن هناك مواجهة قريبة مكلفاً بها ويتجهز من أجل الوطن، وطلب منه أن يدعو له بالتوفيق وأن تتكلل بالنجاح، مشيراً إلى أنه كان في يوم المواجهة فجر الجمعة يهم في التحرك من المنزل مع إحدى بناته من أجل إيصالها لمنطقة جازان كونها تعمل كمعلمة هناك، وقبل موعد التحرك بنصف ساعة تقريباً طرق أحد جيرانه -وهو من أقاربه- الباب عليه وذكر له أن هناك اتصالاً ورد له يفيد بأن النقيب ظافر قد أصيب وهو بحالة خطرة الأمر الذي دفعه لتغيير مساره من جيزان للمدينة المنورة وعند وصوله مع عدد من أقارب النقيب وأشقائه للمستشفى قابله الأطباء وأخبروه بوفاة ابنه، يقول: بعدها لم أتمالك نفسي وهذا أمر طبيعي كوني والده، ولكن عندما تذكرته ورأيته في مخيلتي وهو يدافع عن وطنه وفي حمى الله ثم في حمى قيادته خالجني الفرح وقلت الحمد لله ظافر ذهب فداء للوطن ولا غير، وهذا أقل ما يقدم لهذا البلد الغالي ولقيادته المحبوبة والأبية التي تنتظر منا الشيء الكثير حتى نرد ولو شيئاً يسيراً مما قدمته لنا جميعاً. وقال والد النقيب ظافر: كنا نصر نحن على أن يلتحق ابني الشهيد بأي وظيفة أو كلية للمعلمين إلا أنه كان يصر وبقوة على أن يكون من الضباط ومن رجال الأمن وأرغمنا على ذلك لحين أن علمنا معنى رجال الأمن المخلصين الذين ليس لهم سوى الحب وكل ما يريدونه من رفعة وتشجيع كونهم حماة الوطن بعد الله، وأبدى والد الشهيد سعادته بما لقيه وواجهه أثناء التقائه بمساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز أثناء تشييع جثمان ابنه في المدينةالمنورة من حرارة لقاء، واصفاً إياه بالرجل المتواضع الذي لم ير متواضعاً مثله في هذه الحياة خصوصاً عندما قال له: (ظافر ابننا وليس ابنك ونحن من يتقبل العزاء فيه). أما عم شهيد الواجب (محسن النفيعي) فقال هو الآخر: ظافر ابني مثل ما هو ابن أخي، وكلنا فرح كونه ذهب في مواجهة من أجل الوطن الغالي، فيما عبر أشقاء النقيب ظافر (تركي وطلق ومحمد وسعد ومطلق وأحمد وعبد الرحمن وفهد وسلطان) ومعظمهم يعملون كرجال أمن في عدد من القطاعات الأمنية عن فرحهم بأن تحققت أمنية شقيقهم الذي كان دائماً ما يتمنى الشهادة، وأين؟! في مواطن العز والقوة والفخر والدفاع عن الدين والوطن. يذكر أن شهيد الواجب النقيب ظافر بن عبد الله النفيعي من ضباط المباحث العامة ومنذ 7 سنوات تقريباً وهو يعمل بالمدينةالمنورة أصيب بطلقتين في الجهة اليسرى من صدره وأنه متزوج ولديه ولدان وهما محمد (سنة واحدة) وعبد الله (4 سنوات) والابنة غلا (5 سنوات).