الذي ينظر بتمعن شديد وعين فاحصة دقيقة لجدول ترتيب الفرق بدوري زين السعودي يكشف أن الفريق الهلالي حامل اللقب يسير بثقة متناهية نحو المحافظة على لقبه رغم الظروف كافة التي أحاطت به، وأهمها التغيير العناصري الذي طال ستة لاعبين أساسيين من فئة (النجوم) على خارطته التي حققت اللقب الموسم الماضي، وأبرزهم الرباعي الأجنبي، وكذلك الهداف ياسر القحطاني، والمبتعد خالد عزيز، الذي لم يشارك كثيراً الموسم الفائت لكنه يعتبر أحد العناصر الجيدة قبل انهياره الفني والانضباطي، ناهيك عن التغيير العناصري التدريبي وسوء الإعداد الفني والبدني للموسم بسبب مشاركات لاعبي الزعيم مع الأخضر الأول والأولمبي، وكذا الشباب..! تلك الظروف التي لو واجهت أي فريق لأصبح وضعه صعباً للغاية بل محرجاً لأي مدرب بالعالم، ومع ذلك استطاع الأزرق مقاومة تيار الارتباك والمضي قدماً نحو تعزيز إنجازاته بكل ثبات، وعاب الجمهور وبعض المتابعين على الفريق خلوه من النكهة الكروية داخل الميدان، لكن ذلك كان مرهوناً باكتمال منظومته وتجانسها، التي رفضت الظروف أن تجعلها متاحة للفريق، فبقي الألماني دول هو شماعة هذا التذبذب؛ لتكون مباراة الاتحاد - وهي المقياس الحقيقي للفريق - شاهدة على أن هناك عملاً جيداً للمدرب الذي رمى بالشباب والخبرة في المحك الأخطر، واستطاع أن ينجح في تقديم صورة طيبة للفريق من الناحية الفنية والتكتيكية، وهو ما يجعل السؤال مطروحاً بقوة: ماذا تريدون من دول أن يفعل أكثر من ذلك؟؟ من حق الهلاليين أن يتذكروا كل اللحظات الفنية الجميلة لفريقهم، لكن من حق دول أو أي مدرب آخر أن ينعم بظروف تلك اللحظات نفسها، التي تبدو معدومة؛ فأجانب الهلال لم يقدموا حتى الآن الوجه الحقيقي الذي يوازي ما تم صرفه عليهم، وهذه حقيقة يمكن أن يكون لشهر يناير الفصل فيها؛ حيث انطلاق تسجيل اللاعبين الأجانب للفترة الشتوية، والأمير عبد الرحمن بن مساعد استطاع أن يتعامل بحكمة كبيرة مع وضع فريقه، ونجح في إبعاده عن ضغوط شماعة المدرب وقرب رحيله، وهو أمر يحسب له ولإدارته ولسامي الجابر الذي يقف حتى اللحظة مع واقع الهلال برؤية خبيرة. الهلال الذي نجح مع جريتس وكالديرون محلياً خيَّب أنصاره خارجياً، ولم تنفع تلك الومضات الجميلة فنياً في أن يعانق الإنجاز الآسيوي؛ ما يعني أن الاستحقاق الآسيوي القادم لا يلزمه سوى الثبات التدريبي والعناصري، ولاسيما أن غيبة الزعيم طالت، ولم يعد هناك مجال للحديث عن استمرارها بدعوى وجود الإدارة الممتازة والضخ المالي والهيبة الجماهيرية والتماسك الإعلامي الأزرق المميز. وبالنظر أيضاً إلى الدوري السعودي نجد أن انحداراً فنياً أصاب الكثير من فرقه؛ ما جعل مستويات المباريات تتأرجح؛ إذ إن بعضها لا يجبر المتابعين على الاستمرار بمشاهدتها، وهو عامل يقف أمام الهلال الذي تعوّد على اللعب المفتوح والسجال طوال المباراة، ناهيك عن أسلوب اللعب وطريقته من فريق إلى آخر؛ الأمر الذي يجعل أي مدرب قادم للهلال في حاجة إلى قراءة فاحصة لكل الفِرَق؛ نظراً إلى تباينها الشديد على مستوى الأداء. الهلال في حاجة شديدة إلى أن يقطع الشك باليقين من الآن حول المدرب الألماني دول؛ فبقاؤه أو رحيله بيد الإدارة التي لا شك أنها تدرك أن ثمة عوامل كثيرة تدعم بقاء المدرب، أهمها الاستقرار، لكن سيطرة التشكيك مع كل مباراة على رحيل المدرب من عدمه يبقى أمراً سلبياً على احترافية الفريق الهلالي إدارياً؛ فهل يعني أن أي هزيمة قادمة ستكون على رأس المدرب حتى لو تسبب فيها أي عنصر بالملعب دون قصد؟؟