الرواية فن لا يجيده إلا القليل، لذا نسمع كثيراً عن فلان وفلان من الناس أنه راو ويجيد ذلك أيما إجادة وإذا بحثت عنه في الحقيقة وجدته لا يملك من الرواية إلا الاسم ما عدا ذلك خالي الوفاض، وكم من منتسب للرواة سلك طريق التخبط في رواياته للكثير من القصص، والأدهى من ذلك أنه يأتي ببعض القصائد محرفة أو ينسبها لغير صاحبها أو يخلط بين قصيدتين مداخلاً بين أبياتهما جهلاً منه ونقلاً من وكالة يقولون دون تثبت، وهذه مصيبة عظيمة تضيع معها حقوق الآخرين ويختلط فيها الحابل بالنابل، ويا ليته يعترف بخطئه ويحاول تصحيح مساره والبحث عما هو أفضل وما يكون سبيلاً لنجاحه وتلافي زلاته وما وقع فيه من أخطاء أثناء حديثه لكان خيراً له، وأقوم لفعله لكنه يخطئ ويستمر في خطئه ولا يتدارك، وما أكثر هؤلاء في المجتمع! وعلى النقيض هناك من الرواة من هو ثقة يتحرى الصدق والأمانة في نقله ويحرص أشد الحرص على ما يروي من قصائد وقصص وإذا أخطأ في يوم من الأيام اعترف بذلك وصحح وعاد للصواب وللحق دون مكابرة معتذراً عما وقع فيه من خطأ ومن هؤلاء الشاعر والراوي القدير ناصر بن عبدالله المسيميري الذي عُرف بالرواية للكثير من القصص والأشعار الجميلة نظراً لاجتهاده المنقطع النظير في جمع القصص والقصائد والتثبت منها ونسبتها إلى أهلها مع حرصه أشد الحرص على السؤال عنها عن طريق كبار السن ومن لهم باع طويل في الحياة من الرعيل الأول الذين يملكون مخزوناً كبيراً من تلك القصص والقصائد قديماً وحديثاً، إضافة إلى سعة اطلاعه وحبه للقراءة ومجالس الشعر، فقد كان يجوب الديار بحثاً عنها حتى وإن كانت عند أناس في بلاد بعيدة حتى أصبح علماً على رأسه نار ويشار إليه بالبنان، وكل هذه الصفات جعلت منه راوياً من الطراز الأول بروعة أسلوبه الشيق وتثبته وثقافته العالية، وبما يرويه من قصص، وما أحوجنا لمثله من الرواة. وحتى لا أبخس حق غيره هناك رواة آخرون على شاكلة أبي عبدالله يتميزون بحسن الرواية بحرصهم وثقافتهم وأسلوبهم الجميل وإن كانوا قلة، والله من وراء القصد. صالح بن عبدالله الزرير التميمي - الرس