ما أشد وقع الخبر على نفسي وأنا أقرأ خبر وفاة سادن الأساطير الشعبية الأديب (عبد الكريم الجهيمان) والذي بوفاته فقدنا علماً بارزاً في الأدب والشعر والصحافة وحفظ الموروث، حيث لا يخفى على الجميع البصمة الواضحة التي تركها هذا الرجل متمثلة في الأعمال الموسوعية التي أفنى عمره في جمعها وتأليفها وصياغتها بأسلوبه السهل الممتنع كموسوعة الأمثال الشعبية، حيث حفظ موروثاً كاد أن يندثر لولا الله ثم الجهد الجبار من قِبل رجل عاصر أجيالاً متعاقبة وعايشهم وخاض معترك الحياة بحلوها ومرها، فكان أن أسس قاعدة متينة من المعلومات والأخبار المتناثرة في كتبه وكتاباته المتفرقة في الصحف والمجلات، ولا شك أنه برحيله فقدت البلاد رمزاً من رموزها في العطاء الثقافي يصعب أن يعوّض بمثيله. وما يحز في النفس أن جيل الكبار من أدبائنا بدأوا يرحلون من دنيانا الفانية الواحد تلو الآخر دون أن نشعر بقيمتهم ولم نعرف ذلك إلا بعد فقدهم، فخلال السنتين المنصرمتين فقدنا جيلاً من الرواد الأفذاذ أمثال العلاّمة المؤرّخ هاشم بن سعيد النعمي وعاتق بن غيث البلادي وعبد الله بن محمد بن خميس ويحيى الألمعي، وفي مستهل هذا العام الجديد فجعنا بوفاة الجهيمان، ولكن عزاءنا أنّ الموت سنّة الحياة كما يقول الأول: كل ابن انثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول ولكن السؤال ما الذي نستطيع أن نقدمه لهؤلاء الأفذاذ؟ ويأتي الجواب أننا نستطيع أن نقدم الكثير والكثير، فما المانع أن تقوم وزارة التربية والتعليم بوضع أسمائهم على بعض مدارسها، أو شيء من إنتاجهم الأدبي في مقرراتها الدراسية تخليداً لذكراهم وتعريفاً للأجيال القادمة بما سطّره أولئك الأفذاذ. ثم يبقى دور مراكز التنوير والثقافة في بلادنا بدءاً من الجامعات وانتهاءً بجمعيات الثقافة والفنون والنوادي الأدبية، بإعادة طباعة كتبهم والاهتمام بالمخطوط من إنتاجهم ويكون ذلك بمثابة رد ولو جزء بسيط مما قام به أولئك في سبيل خدمة بلادهم في النواحي الثقافية والعلمية والأدبية. تثليث - كاتب وباحث