مصائب الزمان لا ينفك منها الإنسان وبقدر ثباته وتحمله يأتي وقعها على نفسه فإن كان مؤمنا بالله تعالى موِّطنا نفسه على التسليم بقضاء الله وقدره موقنا بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه لم تزده الظروف والأحداث الأليمة إلا قربا من الله ولجوءاً إليه وثقة بوعده سبحانه بقرب الفرج والمخرج من هذه الأزمة وتلك الضائقة التي ألمت به والتي أخبر عنها جلَّ ذكره بقوله « سيجعل الله بعد عسر يُسرا» الطلاق. وهذا الشعور الإيماني الذي يتسامى به المسلم على غيره يولِّد لديه ارتياحاً نفسياً وهو أمر مشاهد فالمؤمن الحق حين يفوته تحصيل منفعة أو يعرض له أمر تجده مطمئن البال مرتاح الخاطر بل قد لا يعيره كبير اهتمام حيث لا يدري أين تكمن المصلحة فيه بل قد تكون في فوات ذلك المطلوب وصدق الله (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) البقرة. والمصائب حين يعظم خطبها تكون امتحاناً حقيقيا للمسلم ليعلم الله من يخافه بالغيب ويزداد الذين آمنوا إيمانا كما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام حين تحزَّب الأحزاب عليهم فامتن الله عليهم لما علم صدقهم بقوله: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا..... ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) سورة الأحزاب. وقد أذن الله بالفرج لمن خافه واتقاه فقال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) وقال: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) سورة الطلاق، وقال جل ذكره في سورة الشرح: (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) ولذا لن يغلب عسر يسرين وقد ورد في الحديث أن العسر لو دخل جحراً لتبعه اليسر. لذا يجدر بنا نحن المسلمين أن نقوّي صلتنا بالله تعالى في السراء والضراء ونتعرف إليه في الرخاء ليعرفنا سبحانه في الشدة ونؤمِّل منه المزيد من الخير والنصر على الأعداء فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل به جل شأنه خاصة في هذا العصر الذي تكالبت فيه قوى البغي والعدوان على الإسلام والمسلمين فهانوا بعد العز واستكانوا بعد الإباء والمنعة لكن يبقى الأمل يعتمل في النفوس المسلمة والثقة بوعد الله (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) سورة غافر، وقد أثنى الله سبحانه على المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فاستجابوا له ولرسوله بعد ما أصابهم القرح والنصب فقال: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين) آل عمران، هذا وأهيب باخواني المسلمين أن يتوجهوا إلى الله بالدعاء فهو سلاح المؤمن ويتحروا أوقات الإجابة ويكثروا من الصدقة والاستغفار. نسأل الله أن يعز الإسلام وينصر المسلمين وأن يخذل الكفرة من اليهود والنصارى والملحدين.. آمين.