ما أقسى وقع الخبر على قلوبنا، وما أشد أثره على نفوسنا فقد ذابت معه حُشاشات القلوب حزنا وحسرة على فقدان أمير الخير والكرم والعطاء، ولي العهد الأمين الذي أحبنا وأحببناه، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، فلقد كان نبأ رحيله عن عالمنا الدنيوي قاسياً على الجميع، جميع أبناء المملكة الذين ذرفت عيونهم دموع الحزن والأسى على فقده ورحيله، وامتدت أكفهم تتضرع إلى الله أن يجعل الجنة مثواه وأن يرفع درجته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، فلقد أمضى حياته يرحمه الله خادماً لشرع الله، عاملاً على تمكينه، حريصاً على خدمة المسلمين في مختلف أصقاع الأرض، حاملاً لهمومهم، ساعياً إلى حل مشكلاتهم، وتخفيف معاناتهم، فامتدت أياديه البيضاء -طيب الله ثراه- تعالج، وتداوي، وتساعد وتعطي في ميادين الخير والعطاء، وانطلق في أفعاله لخدمة المسلمين من منطلقات إيمانية سرت في كيانه منذ طفولته. حيث تربى ونشأ في كنف ورعاية والده المؤسس عبدالعزيز يرحمه الله الذي أقام بنيان هذا الوطن الوفي على دعائم الشرع الإسلامي القويم، فسرى الخير في كيان الأمير الراحل وصار سلوكاً لا ينفصل عنه مدى حياته الحافلة بالخير والعطاء حتى ارتبط الخير باسمه داخل الوطن وخارجه، فرحم الله سلطان الخير وأسكنه - برحمته وكرمه ومغفرته -فسيح جناته، فكم قدم لأبناء وطنه من خيرات وفعال تنطلق بها جنبات هذه البلاد وربوعها وأبناؤها ومؤسساتها، فقد عرفه الجميع مسابقاً في الخيرات، نصيراً للضعفاء، مساعداً للمحتاجين، مكفكفاً لدموع ذوي الحاجة، مبادراً إلى ميادين الكرم والعطاء رحمه الله رحمة واسعة، فسيظل اسمه رمزاً في آفاق الخير والجود التي نال فيها الحظ الأوفر والنصيب الأوفر، وستظل تبكيه ساحات النجدة والشهامة التي عرفته معطاء بلا حدود، فكم مسح دمعة يتيم أو ذي حاجة، وكم انقضت عليه يديه مصالح محتاجين، وكم وجد صاحب هم تفريجاً لهمه ببسمة منه حانية، وتوجيه منه سديد. رحمك الله رحمة واسعة يا سلطان الخير، وعزاؤنا فيك نحن أبناء الوطن أن اسمك سيظل مكتوباً بحروف مضيئة ومعطرة في ميادين الخير وحقول العطاء والوفاء، وستبقى سيرتك دروساً تتوارثها الأجيال في كيفية صنع الأمجاد للأوطان، وكيفية كسب القلوب، وإخلاص العمل، ونشر بذور الخير والمحبة بين الناس، والحرص على صالح المسلمين، والتمسك بالقيم العربية الأصيلة. عزاؤنا أن سلطان الخير سيظل في ذاكرتنا وذاكرة الوطن وذاكرة كل ساع في دروب الخير والعطاء؛ رحم الله سلطان الخير وتغمده بواسع مغفرته، ويهئ لوطننا كل خير كل يسعى إليه، وكل صالح كان يحرص عليه، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. وكيل الوزارة بوزارة الثقافة والإعلام (سابقاً)