(1) ويهلهلُ فجرك: الله أكبرْ.. من البدءِ.. الله أكبرْ.. وباسم الحبيب.. القريب. المجيب. تفجَّر رملُك نوراً.. فأفضى.. وأنهى.. وأزهى.. تمثَّلتُكَ الآن.. يا صيباً من وجودي.. تمثَّلتُك الآن فتحاً.. وصُبْحاً.. وبوحاً.. وروحاً.. تجلّى ليسْحَرْ.. يقاسمك الودُّ ذاتي.. فيا ليتني.. أملك الآن شيئاً.. من الذات أكثرْ.. ويا ليتني.. إذ عبَرْتُ حروفي من الذات أكبرْ.. ألا.. إنه قدرُ المشفقينَ إذا أترعَ الوجدُ أوراقهُمْ.. وجلَّلهم بالذي راقهمْ وظل من الحب ما فاقُهمْ.. وساق من البوح عرفُ الزمانِ.. وما ساقهمْ.. ألاَ إنهم في شروعٍ مُذيبٍ تلظّى.. ليَصْهَرْ.. ألاَ.. ليسَ من خبرِ الأغنياتِ على هزّةٍ من سُفُوحِكَ (2) مشرقٌ.. في شميم الأفقْ.. مورقٌ بالذي يصطفيكَ.. ومنطلقٌ من لذيذ الغسَقْ بالذي يفتديكَ.. ومنتصبٌ أنتَ.. مثلي.. إذا دُحّنَ الشعر حولي.. ومنتفض أنا.. مثلك.. إن غادرَتْكَ فلول الهزائم.. هلْ خبّرَتْكَ البشاراتُ عن وهج الروح.. إذ عاشرتْها فصول الفداءِ.. وباركَها مثلُ.. وحّدتْه الرؤى.. وعنتْهُ المُثُلْ..؟ لا تقلْ.. أيها المستثارُ بليل الصيال.. وروحِ البطلْ.. لا تقلْ: إنك الآن محتملُ.. فالذي يستوي فوق أزمنتي.. ويقاسمني همَّها.. أفتدي منه بدءَ النّقاءِ.. وأشرعه.. لوجيب الجذورِ.. ووشم الخُطى وصمِمِ الأزلْ.. شمسُك الآن.. في عهد هذا التوزُّعِ.. ماثِلةٌ.. بالذي بين ضائقتي.. ومثولِ القصيدة.. إني على ذرةٍ منكَ.. منكفئ.. شاهدٌ.. بالذي يشتهي أن يكونَ.. ومنفعلٌ بالذي لا يُملّ.. تخرجٌ النارُ.. من قسماتكَ.. مثل كتاب المودّةِ.. إذ يحتمي من شعوري بشعري.. وينبثقُ الماءَ من خطراتك صوبَ فصول السَّنابلِ إذ يتفاءل فيها الندى بالوشَلْ.. تتمثل روحُ الربيعِ.. بلونكَ.. يُشرعُها موعدٌ لا يخونُ.. وتسأل عنها خيوطُ الرجاءِ.. ألا.. هل تبدَّلَ قبلَكَ معنى اللقاءِ.. ووجهُ الثَّناءِ.. وبالُ الفداءِ.. وما من كتاب المدى لم يصلْ..؟ واقفٌ.. بين رائحة المجدِ فيكَ.. وبين انثيال الذي سوف يأتي.. أفتِّشُ عن زهرةِ الصَّبرِ.. في خاطر الأزْرِ.. عن نفْحَةٍ.. تُطرِبُ الذات. قبل حلول الهوى والقُبَلْ.. هل يحقُّ لي الآن.. أن أستبيح النُّزلْ. بين ما يشعل اللونَ فيَّ.. وما يشعل الشكلَ فيكَ.. وما يوقدُ الزمن المستريحَ.. بهذا الذي قلتُهُ.. وبما لم أقُلْ..؟ (3) حبيبٌ إليَّ وقوفُكَ.. ما موئلَ الواقفينَ.. حبيبٌ.. حبيبْ.. قريبٌ إليّ اشتدادُك في همْهَماتِ الصُّروفِ.. قريبٌ.. قريبْ.. لمن تقفُ الذاتُ. إن ظلَّ عنها.. غناءُ الدّروبِ.. لمجدِ الوقوفِ.. ومجر الطيُوبِ..؟ لمن تورقَ الذاتُ.. لو غادرتْها القراءاتُ.. في فصلِ هذا اللَّهيبِ..؟ وكيفَ الحبيبُ.. يجيء إلى موعِدٍ للحبيبْ..؟ إلى جَبَلٍ طاول الصبرَ في مشرقيهِ.. وأجهشَ بالحمد في مغْربيْهِ.. أمدّ احتفالي بطيب الأصُولِ. أرتّل مقطوعةً من حدودي.. فلا حدّلي.. إن صَبَرْتُ على روحِ هذا الوَجودِ ولا حدّ لي.. إن حمدتُ على حالتيّ.. اللطيفَ الحبيبْ.. وأنت.. كما تهتدي.. للذينَ يُحبُّونَ فيكَ النداءَ الغريبَ.. ويوقدُهم هاجسٌ للرجوع.. أنادِمُ منكَ هُتافاً حفياً.. يغرني -إنْ خفيتُ على حدْسِ كوني- بأنيَ منك نداءُ النداءِ وأنكَ منّي دعاءُ المجيبْ.. إلى نخلةٍ.. لوّحت بالعطاءِ.. وضمَّ النّدى في ثراها العروقْ.. أكابدُ عبرةَ حبٍّ.. روتْهما السنونُ.. وأصْدَرَها روحُ هذا الشروقْ.. أمرّر كفّي على طلعها وأسلم خدّي.. إلى خُضْرةٍ في الجريد.. وفي السَّعفِ المستبدّ بوجدي.. أقبِّلُ لوناً غفا في الرحيقْ.. أوسّدُهُ نبضَ فجري وأقرنُ ناري.. بحبلِ الغروبِ على حافةٍ تستغيثُ بماءِ الشعيب الخصيب.. أعاشر ناري.. وألمح طيفَ الذين مَضَوْا.. بالسجون العذَابِ.. وألمسُ كيف استبدَّ هواهم بروحِ المثاني.. ولوّنهم عشقُ هذي الربوعِ.. وكوّنهم كيفُ هذي الفصولِ.. فأمْسوا.. على نقلة الأمسياتِ.. دعاءٍ.. يضِجّ بروح القبُولِ.. وتوقاً.. إلى عرصات الخلودِ.. وكونِ المُنيبْ.. (4) يذوبُ الغَسَقْ إذا فاضَ أحبابُ هذا النجيّ.. من المسجد المحتفي بالضياءِ بفجر شتاءٍ.. شهي الولوجِ.. رضيّ المبيتِ.. ومالوا.. إلى موئل النبل فيهم.. وسرذ الألقْ.. قُبالة محرابه.. أشرعَ الباب قرماً حفياً.. وحيّاهُمُو بالجبين المضيء.. ومدَّ يدَ المورقِ المستهامِ.. بفعل الجميل.. وسرّ الخلقْ.. ولمُّوا قلوباً.. سَمَتْ باليقين وضمّوا اغتياطاً بأنْسِ التحايا.. على موقدٍ.. جمرُهُ غارَ من دفء تلك الصدُورِ ومن وقد تلك الموارِدِ بين الكريم.. وعرْفِ الكريم.. وبذْلِ الكريم رخيِّ النَّسَقْ.. هُنا.. يعبَقُ الحبّ قبل الحديثِ.. ويجلو الحديثُ خُلودِ العبقْ.. هنا.. تشرق اللحظاتُ العتاقُ بمجدِ المكانِ.. وعزّ الزمانِ.. وإيقاعِ هذا المثولِ المُذيبِ.. لنور الحياءِ ووقد الجميل.. الذي قد صَدَقْ.. هنا.. يا ترابَ الدِّيار.. تلوحُ.. على رفّةٍ للعيون تلوحُ.. هنا.. يا تراب الديار.. تبوحُ.. بنَفْحة نُبل الشفاهِ تبُوحُ تمور.. بكفٍّ كماء الصباحِ.. تفوحُ.. على وقفةٍ للحديثِ.. ونقلة ذكرى روتْها الدموعُ.. وشهْقهِ عشقٍ غفَا في الضّلوع.. وقولِ احتسابٍ لعمرٍ نفَقْ.. هنا.. يا ترابَ الديارِ أراكَ.. وأشعل فيك افتتاني.. أراكَ.. كما صاغَكَ اللهُ.. شكلاً بشكلٍ ولوناً بلونٍ ونبضاً.. يحِنُّ إليه.. رحيقُ الوجود ويسعى إليه جنونُ الشَّفقْ.. لك النورُ قبل نفير الضِّياءِ.. لك الطهرُ.. قبل رحيل الظلامِ.. لك الشمسُ.. عهدٌ تقيُّ الشروقِِ ومنكَ.. إلى النجم وعدٌ.. حريٌّ بهذا الرَّمقْ حريٌّ بك الآن.. يا متْرعاً بالحوارِ.. ووشم الجدودِ وفيض الجديد.. ووعد الحدودِ.. حريٌّ بك الآنَ.. أن تستعيدَ نشيدي.. وتمسكَ فصلاً نما في جبيني.. وتهميَ توقاً.. كما لهفةٍ في قصيدي وتشعل كوني بتكوين عزمي وترفع همّي.. لربّ الفلقْ.. (5) أيا موئلَ المُدْلجينَ بليل الثّناءِ.. لأنت الأثير الذي يُغْدِقُ الليل فيه بطيب السكونِ.. على رغبةٍ في النجاةِ.. وتنتفض الدعوات الحريّاتُ بدءاً.. وعوداً بطيب القبُولْ.. وأنت المثيرُ الذي يجتليه انسكابُ النصيب وموعدُك النبلُ.. ليل الرجاء.. وموعدك الطهرُ.. فجرَ الصلاةِ.. وأنت.. وفيضُ الغفور الرحيم مع النور.. تُشرق كوناً.. رضيَّ المثولْ.. وفيكَ إذا صادر الزّمنُ المستباحُ.. رحيقَ الفصول.. عجيبٌ من المَدَدِ المستلِذِّ بطيب الوجوهِ.. وصدقَ احتمال.. غذته النوايا.. بحسْنِ الظنونِ وطيبِ الحلولْ.. تكوّنَ.. في دفء رملكَ.. روحٌ من الصبرِ والشكرِ لا منبعُ الودّ ملَّ ولا نفحَةٌ من رضا الوجْدِ.. أخْلفَها وعدُها.. بالأفُولْ.. منيرٌ.. شروعُكَ.. في رحلةٍ للضياءِ.. مع الخطوات التي لا تَكِلُّ حميمٌ.. ولوجُكَ.. في هدْأةٍ للسّكونِ وفي حُلُمٍ لا يملّ السبيلَ ولا يحتويه جُنُوحُ السبيلْ.. يُنبّئكَ القادمونَ.. بأنك لونُ الثباتِ.. وشكل اليقين.. ورائحةٌ من عريق الجهادِ.. وأنّكَ من نفحة البدءِ تُروِي الغليلْ.. حبيبٌ إليك غناءُ النخيلِ.. وشدوِ المسيلِ.. ويعشَقُكَ المطرُ المستهِلُّ بليل الفُتونِ.. وفجرِ الذهولْ.. ربيعُكَ.. منفتلٌ بالهناءِ.. يباركه.. موسمٌ يبدأ الخِصْبَ من هزّةٍ في السماءِ.. ويأْوي.. إلى.. شهقةٍ.. في الهُطُولْ.. غناؤُك.. يا موغلا في الحداءِ.. يضبح بسرّ الفتون إلى ريق الوجْدِ.. قبل ورود الحروف وبدءِ الهديلْ.. لأول سطرٍ.. تباركُهُ أنتَ.. هذا النداءُ المُقيمُ لمعنى الخلودِ.. وكيفِ البقاءِ.. وماذا.. من الشّهْدِ.. يعني الوصولْ