انتقالكم من شط لآخر يحتاج لمجاديف.. أيديهم غضة لا تستوعب قوة الموج.. يد منهم, والأخرى منكم، تتيح لهم أن يشعروا بقيمة اختيارهم ، يمتعهم بإبحارهم.. يمنحهم التعزيز في قدراتهم، ويزودهم بحرية الإرادة، وإقدام العزيمة.. * * البحر واسع، وممتد.. وأنتم تعلمون خفاياه..غير أنهم لا يعلمون.. ذات تأمل، لابد أنكم قارنتم بين البحر والجبل.. وبين سطح الأرض وظاهر السحب.. كنتم تفرشون قراطيسكم، وتمعنون في السفر بين كلماتها وجُملِها، ..حتى أن أضراسكم كانت تصك على حروفها، وهم لا يعرفون رائحة مدادها، ولا يحسنون فك رموزها.. كل الذي يحسنونه هو أنهم يقفون في الطابور من خلفكم، إن ذهبت بكم الريح يمينا شددتموهم إليها، وإن غربت بكم الشمس تشبثوا بأطرافكم.. فحرروهم من أن يكونوا ظلالكم.. * * وأنتم تجتازون من الشرق إلى الغرب،.. علموهم كيف يقرأون الاتجاهات، ولكن، لا تقسرونهم على اختيار ما تختارون،.. لأنكم بلا ريب, تعلمون، أنهم وهم يتنفَّسون، فإن صدورهم هي التي تطلق الأنفاس، لا صدوركم.. والليل حين يحل بهم ينامون غرةً نفوسهم، لا يعلمون أنه يطول بكم، فدعوهم للسكون فيه تنمو قواهم.. سيقانهم وهي تتدرَّج في النمو, ليست بطول سيقانكم.. وأنتم لا تجهلون هذا.. فلا تحملون أقدامهم، على وعورة غاباتكم.. اتركوهم لفسحة رؤاهم.. نفوسهم البيضاء، امنحوها فرصة الخلاص من ألوانكم.. لا ترغمونهم على الأكل من أطباقكم.., فقد اختلطت باللاذع والحارق.. وهم بفطرتهم سيقبلون على الخالية منها.. ولا تخضعونهم للشرب من أقداحكم.. فأيديهم الغضة, لن تلتقط من بينها، إلا ما كان ماءً قراحا، أو بياضا سائغا.. * * أنتم تخوضون اللجج..وهي موحلة.. فلا تجعلونهم فوق ظهوركم.. ولا من ورائها.. ليصلوا مواقع نجاتكم.. أو مراتع ترديكم.. دعوهم يفكرون في سبل خوضها.. ف»المرء بأصغريه، قلبه ولسانه».. لا بقلب كبيره، ولا بلسانه.. * * أنتم تغامرون بدخول الغابات.. تغريكم مخابئها.. قد لا تنجون من ذئابها.. وحشراتها.. فحرروهم من عقالكم، واتباع خطواتكم.. فلهم في الرؤوس عقول، ولهم فيها مدارك.. قلوبهم مؤشرات حرة، وصدورهم بوصلات فطرة.. * * كلما عرفتموهم، تعلمون أنهم منكم, ولكنهم غيركم.. إذ متى خرجوا منكم ، فهم ليسوا أنتم..