حدث تاريخي شهدته المملكة في غمرة احتفالاتها باليوم الوطني، تحت قبة مجلس الشورى في الرياض الشماء، يوم الأحد 27 شوال 1432ه الموافق 25 سبتمبر 2011م، تمثل في الخطاب السنوي الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله وأبقاه ذخراً لأمته وشعبه قائداً حكيماً - لم يدع -حفظه الله- في خطابه صغيرة ولا كبيرة فيها مصلحة للوطن والمواطنين، إلا وجه بتفعيلها وبتطبيقها على أرض الواقع. أعلن خادم الحرمين الشريفين في خطابه السنوي التاريخي أنه لا مكان للمتخاذلين والمترددين في هذا الوطن المعطاء، فقد خاطب أبناء شعبه بصراحة وعفوية قائلاً: «حقكم علينا السعي لكل ما فيه عزتكم وكرامتكم ومصلحتكم»، لقد آثر -حفظه الله- على أن يوفر لشعبه الكرامة والعزة، وأضاف -حفظه الله: «حقنا عليكم: الرأي والمشورة وفق ضوابط الشرع وثوابت الدين». نعم هذا هو ديدن قائدنا الهمام، التشبث بأهداب الدين وضوابط الشرع، مؤكداً قوة المملكة وقوة شعبها لقادتهم وولائهم التام التي تعمل من أجل المصلحة والوحدة الوطنية وأمن المجتمع، وانتهز -حفظه الله- هذه المناسبة الوطنية من أجل تذكير شعبه بتاريخ هذا الوطن المعطاء المليء بالتحديات، ذلك الكفاح الذي قاده مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأبناؤه البررة من بعده والذي أثمر وحدة القلوب ووحدة الأرض ووحدة المصير. لقد أكد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في خطابه السنوي ضرورة التحديث المتوازن المتوافق مع القيم الإسلامية، وأكد أن ذلك مطلب مهم من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الازدهار والرفعة لهذا الوطن الأبي وشعبه الكريم. وتتزايد بشائر الخير بقرار تاريخي آخر تمثل في موافقة خادم الحرمين الشريفين على عضوية المرأة بشكل كامل في مجلس الشورى وفي المجالس البلدية ومنحها حق الانتخاب، شأنها في ذلك شأن الرجل، وهو قرار يتلاءم ومتطلبات هذا العصر المليء بالتحديات. لقد جاء هذا القرار في وقته المناسب وفي وقت أصبح فيه الوطن يتطلع فيه لدور أكبر لشقائق الرجال في خدمة المجتمع، حيث أظهرت المرأة السعودية كفاءتها وأثبتت جدارتها وقدرتها على تحمّل المسؤوليات. وخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بهذا القرار يزكي ويفعل دور المرأة الشرعي والحيوي وفق ما شرعه الله سبحانه وتعالى في كتابه وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم. إن رؤية خادم الحرمين الشريفين تؤكد تعزيز العدالة ومحاربة الفساد، وتحرير الاقتصاد ومواصلة مسيرة التطوير والتحديث، من أجل الوصول إلى تنمية مستدامة وشاملة، للوصول إلى مجتمع معافى وبيئة راقية يعززها التمسك بالدين ووحدة الوطن والدفاع عن مقدراته ومكتسباته، بعيداً عن أمواج النزاعات القبلية المتلاطمة أو الصراعات المذهبية الواهية، متمسكين بشريعتنا وأخلاقنا الإسلامية السمحة. لقد رسم خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بهذه القرارات التاريخية الحكيمة لوحةً جميلةً طابعها المحبة والإخلاص والأمانة والشفافية والمصداقية والالتزام الوطني والانضباط الأدائي في التعامل مع القضايا المصيرية للمواطن والوطن، ليتجسد التآلف في أسمى صورة بين قيادة حكيمة وشعب كريم. حفظ الله لنا قيادتنا الرشيدة ذخراً لهذا الوطن، وحفظ بلادنا من كل سوء، وحفظ لهذا الشعب الأبي أمنه واستقراره ورخاءه. * مدير جامعة الملك عبدالعزيز