تحتفل المملكة العربية السعودية هذه الأيام بذكرى عزيزة وغالية على قلوب الجميع، إنها الذكرى الحادية والثمانون لتوحيد هذه البلاد المباركة بكل مناطقها وقبائلها تحت راية واحدة؛ هي راية لا إله إلا الله، وفي كيان واحد على يد المؤسس البطل الملك/ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود « طيب الله ثراه، وجعل الجنة مأواه». إن يوم الجمعة الموافق 25-10-1432ه والأول من الميزان 23-9-2011م يوم عظيم في تاريخ البلاد السعودية، لأنه يمثل ذكرى الوحدة بعد الشتات والفرقة، وذكرى الأمن بعد الخوف، وذكرى القوة بعد الضعف، وذكرى الانطلاق نحو البناء والتنمية والتطوير، ولقد أصبح جزءاً من سياسة المملكة العربية السعودية أن تجعل من اليوم الذي يصادف هذه الذكرى إجازة رسمية لكل قطاعاتها في كل عام وكذلك القطاع الخاص، وذلك للاحتفال بهذه الذكرى التي نقلت هذه البلاد وأهلها نقلة نوعية وحضارية سريعة وجريئة إلى مصاف الدول الآمنة المطمئنة... الدولة الموحدة على الكتاب والسنة والعقيدة الراسخة... الدولة الصاعدة في سلم الحضارة والتمدن والانفتاح. ففي ذلك اليوم التاريخي المشهود، وبتوفيق من الله عز وجل، وبمؤازرة الرجال المخلصين من كافة القبائل والمناطق استطاع صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز أن يحقق المعجزة الكبرى على رمال هذه الصحراء، وبين جبالها ووهادها، وأن يؤسس هذه الدولة الفتية، وأن يعلن توحيدها تحت مسمى (المملكة العربية السعودية). إنه يوم تاريخي لا ينسى وإنها ذكرى تاريخية راسخة في أذهان الأجداد والأحفاد وستظل راسخة في أذهان الأجيال القادمة مادام هذا الكيان قائماً وشامخاً وراسخاً بترابط أبنائه، وتعاونهم، وتضامنهم ووعيهم وتمسكهم بقيادتهم وبولاة أمرهم. إن تلك اللحظة التاريخية التي أعلنها البطل عبدالعزيز قبل ثمانين عاماً تمثل الخطوة الأولى في طريق الألف ميل، وتمثل الانطلاقة الأولى في دروب التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والإدارية لهذه البلاد ولهذه الدولة الناشئة رغم ضعف الإمكانيات وقلتها في ذلك الزمن، حيث لم تكن هناك أي مصادر ثابتة للدخل، ولكنها العزيمة والإصرار والهمة العالية والقيادة الحكيمة والنية الصالحة والشجاعة التي لا تجارى، وغيرها من الصفات القيادية التي كان يتمتع بها الموحد والمؤسس عبدالعزيز - غفر الله له -. إنه يحق لنا جميعا بكل أطيافنا وأجناسنا وأعمارنا أن نفخر بهذه الذكرى العظيمة وأن نحتفل بها، لأنها تمثل لنا الماضي والحاضر والمستقبل. في هذه الذكرى نفتح كتاب التاريخ لهذه البلاد وتقرأ سيرة المؤسس وسير أبنائه الذين تولوا الحكم من بعده - يرحمهم الله جميعاً - نستلهم منها العبرة ونستمد منها القوة والعزيمة والإصرار على مواصلة المسيرة والتقدم والبناء. وفي هذه الذكرى نتوقف لقراءة الحاضر في هذا العهد الزاهر.. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - ونسعد ونفخر بهذه الإنجازات العظيمة التي ترفع الرأس والتي تشمل كافة القطاعات والخدمات من توسعة لبيت الله الحرام إلى إنشاء الجامعات والمدن الجامعية إلى إنشاء المدن الصناعية إلى غير ذلك من الشواهد والإنجازات الحضارية الكبيرة التي تحققت في وقت قياسي لم يشهد له العالم مثيلاً، ولعل المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة أقرب مثال وخير شاهد على ذلك، فواجب علينا الحفاظ على تلك المكتسبات. وفي هذه الذكرى نفتح كتاب المستقبل ونقرأ خطط التنمية الخمسية بأهدافها وتطلعاتها التي تعكس تطلعات القيادة وتطلعات المواطنين نحو تحقيق مستقبل أفضل. إننا جميعا نحلم بذلك اليوم الذي نجد فيه جميع أحلامنا وطموحاتنا ماثلة على أرض الواقع في جميع المجالات.. نتطلع إلى أن نكون في مصاف الدولة المتقدمة... نتطلع إلى إنجاز جميع مشاريعنا.. نتطلع إلى سعودة جميع الوظائف في القطاعين العام والخاص، وإلى قبول جميع طلابنا في الجامعات، وإلى القضاء على مشاكل الفقر والبطالة والعنوسة، وإلى إزالة كل العوائق والعقبات التي تقف في طريق تحقيق أهدافنا الوطنية الكبيرة. هذه هي الملفات التي نفتحها عادة بمناسبة الاحتفال بذكرى اليوم الوطني، إلى جانب إبراز مظاهر الابتهاج بهذه المناسبة العزيزة، وتمجيد الأبطال الذين صنعوا معجزة الوحدة والتأسيس، وفي مقدمتهم البطل والقائد الملهم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - تغمده الله بواسع رحمته -. وهي بلا شك ملفات مهمة تحمل أمجاد التاريخ وإنجازات المرحلة الراهنة وتطلعات الغد... تلك التطلعات التي تحمل في تفاصيلها أهدافاً كبيرة، لكنها ليست صعبة المنال في ظل قيادة أبي متعب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإخوانه الميامين، ووزرائه ومستشاريه، وفي ظل ما أفاء الله به على هذه البلاد وأهلها من ثروات ومصادر دخل عديدة جعلتها من أغنى دول العالم - بفضل الله - وفي ظل تلاحم شعب المملكة العربية السعودية مع قيادته الرشيدة. وبهذه المناسبة الغالية أرفع أسمى عبارات التهاني لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولمقام سمو ولي عهده الأمين، ولسمو النائب الثاني، ولكافة رجال الدولة، كما أرفع أكف الضراعة إلى العلي القدير بأن يحفظ البلاد من كيد الكائدين، وحسد الحاسدين، وأن يحفظ ولاة أمرها من كل سوء ومكروه، وأن يديم علينا نعمة الأمن والرخاء والازدهار والاستقرار. (*)مساعد رئيس مجلس الشورى