شهد حفل الإفطار السنوي التاسع الذي نظمته الندوة العالمية للشباب الإسلامي للدبلوماسيين والداعمين لأنشطتها بقاعة بريدة في فندق الأنتركونتننتال بالرياض أول أمس الأحد حضوراً كبيراً من السفراء والعاملين في الحقل الدبلوماسي ورجال الأعمال الداعمين لأنشطة وبرامج الندوة والأكاديميين والمفكرين. وقد ألقى السفيران الياباني والأرجنتيني كلمتين عن العاملين في الحقل الدبلوماسي المعتمدين في المملكة، أكدا على الحوار بين الثقافات، وتشجيع الناس على اكتشاف وتحقيق الفوائد المرجوة من التراث الثقافي الغني والمتنوع، وأهمية حوار الحضارات بين الغرب والشرق، وأن يكون حواراً نافعاً مثمراً، متبوعاً بالعمل وتعزيز التعددية والتنوع في الحوارات الدولية، وأكد الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي على دور الشباب في المرحلة الراهنة وتطرق إلى من فقدوا أرواحهم في الأحداث التي وقعت في بعض البلدان العربية وقال إن الأغلبية الساحقة منهم من هؤلاء الشباب، مطالباً بحقن الدماء وحفظ الكرامات، وموقف دولي قوي لوقف نزيف الدم في سوريا، وأكد على ضرورة التحرك الدولي السريع تجاه المأساة التي تقع في القرن الأفريقي. الحفل شهده 450 من العاملين في الحقل الدبلوماسي ورجال الأعمال والداعمين لأنشطة الندوة ورموز العمل الخيري منهم 39 سفيراً و160 دبلوماسياً يمثلون 106 دول. ورحب الأمين العام للندوة العالمية د. صالح بن سليمان الوهيبي في كلمته بضيوف الندوة من داعميها وأصدقائها وأعضاء السلك الدبلوماسي، وأكد على أهمية وخصوصية شهر رمضان وقال إن شهر رمضان حتل مكانة مميزة في حياة المسلمين يتغير خلاله نمط حياتهم, ويتجدد فيه إيمانهم؛ ومن ثم فهو فرصة للاستبشار والتفرغ للعبادة، مشيراً إلى أهميته بالنسبة للعاملين في مجال العمل الخيري فهو فرصة لخدمة المحتاجين على نحو أشمل, وتقديم العون للفقراء والمعسرين، ولذلك نفرغ جزءاً كبيراً من وقتنا لذلك. وتناول الدكتور صالح الوهيبي ما يحدث في القرن الأفريقي وقال: يشهد القرن الأفريقي مأساة جديدة يموت على إثرها مئات الأطفال وكبار السن والضعفاء, وهي مأساة كبيرة نعتقد أن المجتمع الدولي بدوله ومنظماته لم يتصرف حيالها كما ينبغي؛ إذ لا تزال نداءات الأممالمتحدة والمنظمات الدولية لا تجد إلا القليل من الاستجابة قياساً على حجم الكارثة التي امتدت إلى أربع دول حتى الآن. مضيفاً: إننا لنشعر بالأسى حيال كوارث ناتجة عن عوامل طبيعية ككارثة الصومال, وبعضها من صنع الإنسان بشكل مباشر؛ فقد فجعنا بالعمل الإرهابي الذي هز بلداً مسالماً صديقاً هو مملكة النرويج, وذهب على إثره أرواح عدد من الأبرياء كان من بينهم شباب مقبلون على الحياة بكل أمل وتفاؤل، وإن الندوة لتجدد عزاءها لأهالي القتلى والمصابين وللشعب النرويجي كافة، كما تجدد موقفها الرافض لكل أنواع الإرهاب والعنف والكراهية. أما اليابان الصديق فكانت كارثة التسونامي فيه فاجعة بكل المعايير, ومع هذا رأينا الشعب الياباني صابراً يتعامل مع الكارثة بكل حكمة وثبات، ونرجو أن يجتاز المحنة قريباً، ونعتقد أن الكارثة هزت بعض المسلمات العالمية حيال البيئة والتقنية وإمكانات العيش لا في اليابان فقط, بل على المستوى الدولي. وتطرق الأمين العام للندوة العالمية إلى ما يحدث في المنطقة العربية وقال: إن ما عُرف بالربيع العربي صار حديث الساعة، وكان الشباب هم وقوده, وإننا لنأسف للشباب الذين فقدوا أرواحهم خلال هذه الأحداث التي أدت إلى سقوط حكومتين في تونس ومصر, ولا تزال الأوضاع غير محسومة في ليبيا واليمن, ونتطلع إلى حل يحقن الدماء ويحفظ الكرامات. أما في سوريا فالوضع يتطلب التفاتة دولية لوقف نزيف الدم. وأضاف: لقد نبهت الندوة في أكثر من مناسبة إلى ضرورة الاهتمام بمطالب الشباب, وفتح آفاق لهم للتعبير عن ذواتهم, ومنحهم الفرصة للإبداع والتعبير عن مكنوناتهم, وتوجيه طاقاتهم إيجابياً بما يحقق مصالح أوطانهم ومصالح الإنسانية جمعاء. وأكد السفير الياباني شيغيرو إندو أن المقصود من هذا التجمع الكريم هو من أجل تعزيز الحوار بين الثقافات وتشجيع الناس على اكتشاف وتحقيق الفوائد المرجوة من التراث الثقافي الغني والمتنوع، وأود أن أردد مع العديد من الآخرين الذين يقدرون عالياً مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للحوار بين الأديان أن الحوار هو خيار إستراتيجي يتطلب شجاعة حقيقية وقوة ويبدأ بالاعتراف بوضوح بمواقف ومصالح الأطراف المعنية. إن افتتاح عملية الحوار هو الخطوة الأولى نحو تبديد الغيوم الداكنة من الشكوك التي تشكل خلفية متسقة للاحتكاك والصراع. إن الحوار هو حقاً التعهد الأسمى البنّاء للروح البشرية. وقال السفير الياباني بالنسبة لليابان، اتخذنا عدداً من المبادرات بشأن الحوار بين الحضارات على مدى السنوات العشر الماضية.. وأضاف: ينبغي أن لا يكون الحوار من أجل الحوار، يجب أن يكون منتجاً وأن يكون متبوعاً بالعمل. إن الالتزام الدائم للحوار على أساس التعلم المتبادل هو أمر ضروري. لا ينبغي أن يقتصر الحوار بالضرورة على تبادل عبارات المجاملة، ولكنه قد يشمل تبادل وجهات النظر المتباينة جداً. إن مثل هذه الصراحة والتفاعلات الصريحة، إذا ما تم تشاطر الأهداف والغايات، ستؤدي إلى اكتشاف أفكار جديدة وفهم أعمق للثقافات المختلفة. وشدد على أن ما نهدف إلى تحقيقه من خلال الحوار البنّاء هو، من بين أشياء أخرى، إيجاد وتحديد القواسم المشتركة بين الحضارات. نحن جميعاً مختلفون، ونميل إلى تحديد الاختلافات، والبعض يزيد أحياناً الاختلافات بشكل مفرط. إنه سلوك طبيعي للإنسان أن يسعى لتحديد هويته أو هويتها. وقال السفير الياباني عن تجربته الخاصة في المملكة: لقد اكتشفت أشياء كثيرة مشتركة لدى كل من اليابانيين والسعوديين من خلال رصد ردود فعل الشعب السعودي الذين شاهدوا برنامجاً تلفزيونياً حول أسلوب الحياة اليابانية قبل عامين، وكذلك الذين زاروا الجناح الياباني في مهرجان الجنادرية السادس والعشرين في شهر أبريل الماضي. وأكدن المسافة أو الفوارق بين الناس لا يجب أن تكون بمثابة حواجز. بدلاً من ذلك، في رأيي، فإن نفس الاختلافات بين الثقافات والحضارات يجب الاعتراف بها وتقديرها على أنها تخلق قيماً ثرية. إن قوس قزح في السماء هو جميل. إنه جميل جداً لأنه يحتوي على سبعة ألوان مختلفة وكل واحد منها يلعب دوره الفريد والقيم في انسجام. لا يغيب أي لون واحد. لا يمكن الاستغناء عن أي لون. إن هذا ينطبق أيضاً على المجتمع البشري. إنه من خلال الحوار علينا جميعاً أن نتعلم كيف نقدر الاختلافات. وأكد كلمة سفير جمهورية الأرجنتين خايمي سرخيو في كلمته على لحظات التفاهم والتقارب والتسامح خلال شهر رمضان المبارك وأشار إلى القواسم المشتركة بين المملكة والأرجنتين حيث تحتل الثقافة والتقاليد والعائلة والدين مكانه ذات أهمية كبيرة. وأضاف أن شهر رمضان المبارك بالأرجنتين كما هو الحال في المملكة حيث يذهب بعض أعضاء المجتمع الأرجنتيني المسلم إلى «المركز الثقافي الإسلامي لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد» بمدينة بوينس آيرس ، هذا الصرح الثقافي - من بين أمور أخرى - يقوم بتعزيز مستوى التعاون الثقافي والتعليمي والعلمي والفني والتقني بين جمهورية الأرجنتين والمملكة وأشار من خلال تجربتي الدبلوماسية، وقد كنت شاهداً - وأنا أشير إلى منصبي السابق بجنيف لدى المنظمات العالمية - الذي سمح لي بتسجيل مواقف الأرجنتين والمملكة العربية السعودية المشتركة لتعزيز التعددية والحوار في حل الخلافات الدولية وتعزيز التعاون الدولي الذي يُعد من وجهة نظري من ركائز السياسة الخارجية لكلا الدولتين. إن بلادنا لها نفس التطلعات. نود عالَماً يسوده السلام والتقدم الذي يمكن أن يحقق لشعبنا المزيد من الازدهار. وقال: لقد جئت إلى السعودية منذ سنة مضت. وأؤكد أن المستوى العالي للنقاش الدائم مذهل. وحتى القضايا الاجتماعية والسياسية ليست مستبعدة من المحادثات على جميع المستويات. أيضاً هذا هو أحد المجالات التي لاحظ فيه المجتمع التشابه مع الأرجنتين، مما يدل على أن الحوار والمشاركة يمكن أن يقدما حلاً لأكثر المشاكل تعقيداً. بطبيعة الحال يمكن لكبار المفكرين وعلماء التاريخ الإسلامي شرح القلق السائد في المجتمع الآن. أوجه الشبه بين الأرجنتين والمملكة كثيرة، ومسائل الاهتمام المشترك تقريباً واحدة، إنما بلغة مختلفة فقط. وأثنى السفير الأرجنتيني على الندوة العالمية للشباب الإسلامي وقال إنها تقوم ببرنامج طموح للتعليم فضلاً عن اتخاذ تدابير لتقديم المساعدة والتعاون. مؤكداً أن عملها يمثل مساهمة ويكمل دور الحكومة في هذه المسائل. ومشيداً بحفل الإفطار السنوي وقال: إن المبادرة لعقد هذا الاجتماع السنوي مع أعضاء السلك الدبلوماسي، الذي يمكننا من التعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل، الأمر الذي يمكننا من الوفاء بالتزاماتنا وواجباتنا. وألقى كلمة الداعمين لأنشطة الندوة العالمية الدكتور إبراهيم بن فهد الغفيلي أكد فيها على استخدام العلم والمعرفة والوسائل التي أتاحها الله للإنسان وما توصل الإنسان إليه من تطور في العلوم والتكنولوجيا في أعمار الكون. وقال: إن المسلمين جزء من عالم واحد لا يتجزأ، ونحترم الآخر بمفهوم ثقافة الاختلاف لا الخلاف، نتمسك بثوابت التجديد المستمر للتعارف والاختلاط لتحقيق مكاسب علمية وعملية واجتماعية وثقافية واقتصادية. وأضاف: لقد وفقنا الله في إدارة أعمالنا ونجحنا في تحقيق الكثير من آمالنا، وها نحن نحيا حياة كريمة ولكل منا مكانته في هذا البلد الطيب المستقر الذي هو في الوقت نفسه جزء من العالم المتغير المليء بالمآسي والظروف الصعبة. وهذا التوفيق والنجاح له ضريبة وله زكاة لا بد أن تدفع إلى هؤلاء البشر الذين فقدوا الشيء الكثير مما لدينا في هذه الحياة، وأن علينا أن نهتم بمشكلات هؤلاء المعوزين.