من منَّا من لم يسمع بقرية مريغان والتي تناقلت الصحف المحلية خبر نقش أبرهة المكتشف بها والذي ادّعى أحد الباحثين في مجال الآثار أسبقيته في اكتشاف هذا النقش التاريخي المهم، الذي يحكي قصة حملة تأديبية قادها أبرهة ضد قبائل الشمال تمهيداً للحملة الكبيرة التي قادها فيما بعد ضد مكة مستهدفاً هدم بيت الله الحرام. بيْد أن اكتشاف النقش يعود لأكثر من ستين عاماً مضت على يد علماء البعثة المسمّاة بعثة ركمانز - فلبي - لبنز. هذه القرية تأسست حديثاً وأخذت مسمّى مريغان لقربها من آبار مريغان الأثرية وتبعد عن محافظة تثليث بما يقارب العشرين كيلاً في جهة الشرق يربطها بها طريق مسفلت حديث. في شمال هذه القرية بمسافة الخمسة كيلومترات تقريباً وفي أعلى جبل شعير بالتحديد، دلّني الشيخ ملهي بن ضويحي آل مشني على مستوطنة أثرية قديمة لم تكتشف من قبل، وقد رافقته إليها مشياً على الأقدام، حيث صعدنا لقمم ذلك الجبل لنرى عدة غرف متهدمة مبنية من الحجر المرصوف، وليقابلنا قبل ذلك كمية هائلة من حجر الكوارتز (المرو) الذي اكتشف فيما بعد أنه خبث المنجم الذي وجدناه بجانب أطلال الغرف، وهو عبارة عن بئر محفورة في الصخر بعمق ستة أمتار تقريباً. ويرى في أرجاء المكان كسر الرحى المستخدمة في عملية تفتيت الصخور وهي على أشكال وألوان مختلف،ة والبعض منها لا يزال على هيئته ولم يتأثر بعوامل الزمن، كما وجدنا صخرة بيضاوية الشكل منحوت عليها بخط غائر كتابة بالرسم العربي المتعارف عليه مما يدلل على أن المستوطنة إسلامية، وقد حاولت أن أنقل النص المكتوب على واجهة تلك الصخرة وهو: (اللهم ارض على أسد سفيان عسر الحويلد اللهم العز يا سفيان) وفي أعلى هذه الصخرة من جهة الشرق علامة مرسومة على واجهة إحدى الصخور، ربما تكون وسماً لإحدى القبائل أو أنه رمز لشيء ما، علماً أن الكتابات الإسلامية المبكرة نادر وجودها في تثليث وتوابعها التي تشتهر بالكتابات الحميرية والثمودية وخط المسند الجنوبي، وفي مساحة شاسعة من المستوطنة تنتشر كسر الفخار الأحمر ذي الطبقة المتينة والذي ربما صنع من الحجر الرملي وقطع أخرى صغيرة تشبه لون الرصاص ربما تكون خرزاً أو أحجاراً كريمة وكذا حجارة سوداء فخورة، وبعد تمشيطي المكان هبطت من الجبل جهة الجنوب الشرقي لأعثر على عدة مقابر متقاربة ذات سمة إسلامية من حيث الأحجار المنصوبة في الطرفين، مما يرجح القول إن ما عثرنا عليه يعود لمستوطنة كانت مأهولة بالسكان وليس منجماً فحسب. ومن هذا المنبر أهيب بهيئة السياحة والآثار ببعث فرقة منها للوقوف على هذه المستوطنة وعمل مجسات وتنقيب في هذا المكان، الذي أجزم أنه سيسفر عن اكتشاف كم هائل من الملتقطات الأثرية النادرة، وسيقود ذلك إلى تحديد عمر تلك المستوطنة، والمواقع المجاورة لها في تثليث التي تزخر بالعديد من المواقع الأثرية الهامة التي لم تكتشف من قبل والتي منها هذه المستوطنة لوعورة المكان الواقعة به، ولولا الشيخ ملهي بن ضويحي آل مشني - وفقه الله - لما تعرفنا على هذا الموقع الأثري المهم، ولكن كما يقال (أهل شعبى أدرى بشعابها).