قرأت منذ فترة وبالأخص في الرصيفة صحيفة (الوطن) خبرا ملفتاً للمتابعين وذلك يوم 4/5/1430ه الموافق 29/4/2009م تحت عنوان (اكتشاف نقش اثري لجيش أبرهة في تثليث) حيث يقول هذا الخبر: (وقف فريق علمي فرنسي على نقش جديد لجيش أبرهة الحبشي بخط المسند لم يكتشف من قبل، وذلك في موقع (مريغان) الاثري بتثليث جنوب المملكة ويقول ان مدير قسم الآثار في محافظة بيشة عبدالله الأكلبي يقول ان الفريق الفرنسي سيقوم بتسجيل الموقع ودراسته).. ولمعرفتي بالموضوع تفاجأت لكنني حاولت الانتظار لعل احدا من المطلعين يعقب على هذا الخبر ومرت الأيام، والحقيقة ان هذا النقش معروف منذ عقود طويلة وخاصة من اوائل القرن العشرين واول من عثر عليه وسجله بعثة (ريكمنس) وهو بالأصل مدونا على صخرة بالقرب من بير (مريغان) وقد وسم فيما بعد ب (Ryckmahs,506 أي ريكمنس 506) كرقم عالمي او ما يشبه ذلك عند العلماء والمهتمين بحضارية ومسيرة التاريخ البشري او هكذا فهمت وقد ترجم أول الأمر من المسند الذي نقش به الى اللغة الفرنسية ثم الى العديد من اللغات وهذا العمل الأثري يعد النص الثاني لأبرهة الحبشي بعد النص الذي أمر بنقشه في مأرب بعد قضائه على الثورة العنيفة القوية ضده بقيادة (يزيد بن كبشة) واقبال اليمن مجتمعين في حضرموت و(حريب) و(ذوجدن) و(حباب) في (صرواح) وتغلب ابرهة عليها بعد ان ساعدته قبائل يمنية أخرى.. ومن ثم تلقبه بلقب التبابعة الاوائل وسلطتهم على الجزيرة العربية ببحارها وسرواتها وتهامتها وصحاريها وقبائل معد كلها هكذا يقول النص المتقدم اذاً المسألة متقدمة جداً و لا ادري هل لدى الفريق العلمي الفرنسي الذي ذكره الخبر علم مسبق باكتشاف هذا النقش وترجمته منذ زمن بعيد وكيف يمر هذا الأمر على مثقفينا دون ان يكون لديهم علم بما في بلادهم خاصة ما شرق وغرب مثل هذا النفش مدار الحديث؟!. بقي ان أتحف القارىء وفي طليعتهم موظفي قسم الاثار في بيشة اقول أتحفهم بترجمة هذا النقش نقلا عن المصادر حيث يقول بعد الافتتاحية واللقب الذي تلقب به ابرهة: (سطروا هذه الاسطر لما غزت معد الغزوة الربيعية بشهر (ذي الثبات) من شهور سنة 662 من التقويم الحميري الموافقة لسنة 547 أو 535 للميلاد لما ثار بنو عامر ارسل الملك اباجبر هكذا رسم بقبيلة كندة وقبيلة (عل) وبشر بن حصن بقبيلة (سعد) لحرب بني عامر فتحركا بسرعة وقدما جيشهما نحو العدو فحاربت كندة وقبيلة بني عامر ومرادا وحاربت (سعد) بوادي (ينهج الى الترب) فقتلوا من بني عامر وأسروا وكسبوا غنائم واما الملك فحارب ب (حلبان) وهزمت معد فرهنت رهائن عنده، وبعدئذ فاوض عمرو بن المنذر وقدم رهائن من ابنائه فاستخلفه على (معد) وقفل (ابرهة) راجعا من (حلبان) بتاريخ اثنين وستين وست مائة) هذا هو ترجمة نص بير مريغان علما بأن المهتمين يقولون في هذا النقش مواضع طمست فيها معالم بعض الحروف عز بذهابها فهم المعنى وضبط الاعلام كما ان فيها بعض تعابير معقدة ثم هو نص قصير لا يتجاوز عشرة أسطر، واختصر الحوادث كأنه احدى برقيات التلغراف لكنه ذو خطر بالغ لأنه يتحدث عن حوادث لم يعرف عنها شيئاً منذ قبل ثم يصف الاوضاع السياسية في ذلك العهد ويشير اتصال ملوك الحيرة بالحبش والى سلطان حكام اليمن على القبائل العربية مثل معد كما في النص وهذا ما يؤيد الاخباريين حيث يقولون ان تبابعة اليمن كانوا ينصبون الملوك والحكام على قبائل معد) وقد اختلف الباحثون حول هذه الحملة بعد قراءة نصها حيث قال بعضهم انها تشير الى حملة ابرهة على مكة في العام الذي يسمى ب (عام الفيل) الذي ورد ذكره في القرآن الكريم اما الآخرون فيقولون ان هذه الغزوة لأبرهة لا علاقة لها بحملة الفيل لأن هذه الغزوة كانت في سنة 547م على تقديرهم على حين كانت حملة الفيل سنة 563م على حد تقديرهم. هذا خلاصة ما نقلته نقلا عن المراجع ينظر في ذلك: تاريخ العرب قبل الاسلام 4/396، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج3/494،495، كذلك اديان العرب قبل الاسلام للأب جرجس داود/59.. وغيرها مما له صلة بهذا الشأن .