مشروع نظافة المدن من أهم المشاريع في نظري، يجب أن يكون من أولويات اهتمامات أمناء المدن ورؤساء البلديات، لأنه متعلق بصحة الإنسان مباشرة الزائر لمدينة جدة بالذات يلحظ التدني في مستوى النظافة في أغلب أحيائها وشوارعها. في جدة علامتان فارقتان لا ينازعها فيهما منازع؛ الأولى انتشار أكوام النفايات في الساحات والأزقة والشوارع، والأخرى كثرة الحفر في الشوارع وحتى في الجسور، ويبدو من الوهلة الأولى أن ثمة تهاون مع الشركات المتعاقدة مع الأمانة لهذا الغرض، فلا عقاب ولا حساب، نفايات تظل لمدد طويلة دون رفع، تبعث الروائح الكريهة التي تزكم النفوس وتنقل الأمراض، مما انعكس سلباً على نفوس أبناء وزوار جدة، لم أفهم بعد! لماذا أطلق على جدة (العروس!) ومن صاحب هذا اللقب المزيف! هل العروس عندما تزف لعريسها تكون كحالة جدة؟! من يريد هكذا عروس؟ ميزانية جدة من أضخم ميزانيات قطاعات الدولة، سخرتها الدولة -أدام الله عزها- لسبب مهم، كون جدة بوابة العالم الإسلامي الرئيسة للمملكة، وتريد أن تخلق انطباعاً جيداً يمثل النهضة الكبيرة التي تعيشها المملكة، لا سيما في هذا العصر الذهبي، اللافت؛ عدم وجود عمال نظافة داخل الأحياء، كما هو الحال في مدينة الرياض مثلاً، لم أر عامل نظافة قط، إلا في حي الحمراء وعند الإشارات لغرض التسول، وعلى الشواطئ، أما الأحياء المكتضة بالسكان والجديرة بذلك؛ فلا أثر لعمال النظافة، مما يشي بكارثة بيئية مرتقبة إن لم يتم تدارك ذلك بقايا النفايات، كراتين، سيارات تالفة متروكة، مناظر مقززة، تنقل صورة غير حضارية عن المملكة، لا أحد يقبل البتة بالتهاون في الجانب الصحي بالذات؛ لانعكاس ذلك سلباً على صحة السكان، مدينة جدة؛ مدينة عصرية، اقتصادية كبرى، ومقصد لأعداد مليونية من الزوار، المجلس البلدي فيها وأمانتها، يتحملان في الدرجة الأولى ما يجري من مآسي في جدة، جراء القصور والخلل المتعمد من شركات النظافة التي وجدت ضالتها في ضعف الرقابة والمحاسبة واستمرأت التهاون إلى حد لم يعد بالمقدور احتماله، لم يكن تصريح أحد مسؤولي أمانة جدة، الذي أوعز أسباب تدني مستوى النظافة في أغلب الأحياء؛ لانخفاض مستوى ثقافة السكان والنمو السكاني المتزايد، لم يكن ذلك مبرراً ومقنعاً لهذا الإخفاق على الإطلاق، الأمانة لديها ميزانية. ضخمة تستطيع بها أن تحول الثابت إلى متحرك والعكس، مثل هذه التصاريح لا تنطلي على كائن من كان في هذا العصر الذهبي، عصر الملك عبدالله، قامع الفساد، يا ترى هل نحن نعيش أزمة إخلاص؟! أم نعيش أزمة إهمال؟! لماذا لا يرمي المسؤول في أمانة جدة مشلحه ويجوب أحياء وشوارع وأزقة جدة، كأحياء الصفا كلها، وحي بني مالك، وحي السلامة وغيرها؟! لماذا لا يكون مستوى النظافة فيها، كما هو الحال في الحمراء والشاطئ والبساتين؟ الكل بشر هنا وهناك! هنا صرخة صادقة لأمير المنطقة خالد الفيصل (القوي الأمين) ولأخيه محافظة جدة الأمير (المخلص) مشعل بن ماجد، أدعوهما لتدارك جدة قبل فوات الأوان، فجدة بانتظار كارثة بيئية صحية لن تبقي ولن تذر، ما لم يتدارك أمرها، وهي بانتظار تدخل هاتين الشخصيتين بالذات، لرفع المعاناة عنها، بمحاسبة المقصرين أينما كانوا، في الجهاز الحكومي، أو شركات النظافة المسؤولة، التي لم يعد لآلياتها وعمالها وجود البتة في أغلب شوارع جدة، والأمر يحتاج لهبة سريعة وعاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لتكون جدة بالفعل غير! وتكون عروساً يخطب ودها الجميع.. ودمتم سالمين.