دول الخليج العربي، دول رعوية، وولاة الأمر فيها من ملك إلى أمراء، هم بمثابة الأب في الأسرة الكبيرة، الشعب الذي يمثل عائلة مترابطة، وهذه العائلة كالعائلة الصغيرة، ومن الطبيعي أن تحصل بين أبنائها خلافات ونزاعات، وهنا يأتي دور الأب، مثلما فعل أب الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي جاء تحركه في الوقت المناسب، لمعالجة الاختلافات التي شهدها الحراك السياسي، وبالذات ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. الكويتيون جميعاً ثمّنوا تحرك والدهم أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، وتمثَّل ذلك في إطلاق «جمعة الطاعة» على الجمعة الماضية، حيث كانت جمعة بلا تظاهرات، أبدى فيها الكويتيون الولاء والسَّمع والطاعة لكبيرهم ووالدهم وأميرهم الشيخ صباح الأحمد الصباح، وكان لافتاً أنّ رموز البلد، وخاصة ممّن انتخبوا إلى مجلس الأمة، كانوا أول من عقّب على خطاب الأمير، وعدّوا كلمته والتوجيهات التي تضمّنها الخطاب، توجيهات واجبة التنفيذ، فرئيس مجلس الأمة السيد جاسم الخرافي عدّ خطاب الأمير تصويباً للعمل البرلماني، وأنّ الأمير ليس ضد الاستجواب، فهو يؤمن بأنّ مجلس الأمة هو المكان الأمثل للديمقراطية. أما أعضاء مجلس الأمة، فقد وجدوا في كلمة الأمير ما لامس الجرح وعبّر عن واقع الساحة السياسية التي اتجهت إلى التعسف، ووجد النائب حسين الحريتي أنّ خطاب الأمير عبّر عن مخاوف الشعب الكويتي من انحراف الممارسة الديمقراطية، وتحويلها إلى أداة لتعطيل التنمية ووضع العصا في الدولاب. أما النائب سعدون حماد، فدعا إلى الاعتبار مما ورد في الخطاب، والابتعاد عن المشاحنات والتصعيد وحشد التظاهرات خارج قمة البرلمان، وقال إنّ كلمات الأمير جاءت من قلب رجل حريص ومحب لهذا الوطن، بعد أن طغى الفجور في الخصومة وملاحقة رئيس الوزراء بالاستجوابات دون مواءمة سياسية. الحكومة من جانبها وجدت في خطاب الأمير تأكيداً ودعماً للوحدة الوطنية، إذ يقول نائب رئيس الوزراء ووزير العدل والشئون الاجتماعية والعمل د. العفاسي، إنّ الوحدة الوطنية ولحمة المجتمع تشكِّلان هاجساً للأمير وهو المعني بهذا الأمر، وقد بيّن ذلك في خطابه بشكل شفّاف وواضح واللبيب من اعتبر. وزير الإعلام والمواصلات سامي النصف، اعتبر خطاب الأمير خطاب فزعة ونذير صادر من قلب أب محب، يرى أموراً قد لا يراها الآخرون بوضوح، وقال عندما يبدي الأمير قلقه مما يحدث تحت قبّة البرلمان، والأمور التي خرجت عن إطار الدستور، فإنّ الأمر بحاجة إلى وقفة من النواب. وحين يحذِّر الأمير مما يحدث وما يجري، وعواقب المهاترات والخروج عن إطار الدستور، علينا أن ننصت ونتجاوب معه ونترجم هذه الكلمات إلى فعل يرضي الأمير. هذه المواقف التي عبّر عنها رموز العمل السياسي من كلِّ المشارب القبلية والسياسية والمذهبية أجمعت على الاستجابة إلى تحذيرات الأمير، وإنْ سكت وغاب رأي السلفيين والليبراليين إلاّ أنهم أعلنوا وقف التجمُّعات والتظاهرات.