عندما يكون الحديث عن رجل بقامة معالي وكيل إمارة منطقة الجوف الأستاذ أحمد بن عبد الله آل الشيخ فيجب أن نستحضر في أذهاننا أنه رجل يعرفه أهالي منطقة الجوف كافة ودون استثناء لما يرون فيه تواضع الحليم وتسامح الكريم لدرجة أن وجهه بات مألوفاً لديهم في مجتمعهم الجوفي؛ إذ يبارك لهم في أفراحهم ويشارك معهم في أحزانهم ويسرُّ لإنجاز مصالحهم ويستاء لتعطيلها وقبل كل ذلك فإن له حضوراً مبكراً في كل عمل خيِّر في المنطقة وخارجها رغم أنه لا يفصح عن ذلك مطلقاً إلا أن دلائل الخير وبشائر المعروف تظهر على قسمات وجهه وبسمات محياه فهو رجل يلتزم مواقيت الصلاة جماعة لأداء حقوق بينه وبين ربه ويغتنم أوقات العمل لقضاء حوائج الناس حتى خارج أوقات العمل الرسمي ولا عجب في ذلك؛ فهو سليل أسرة اشتهر أبناؤها بالورع والزهد والتَّديّن ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم وهذا ما جعل اختيار صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز -حفظه الله- يقع عليه شخصياً ليكون وكيلاً للإمارة فكان الرجل المناسب في المكان المناسب والتوقيت الأنسب وما تعيينه في مكان كهذا إلا دليل على حرص سمو أمير المنطقة على اختيار العناصر المؤهلة والقادرة على تحقيق طموحات وتطلعات ولاة الأمر -حفظهم الله- في منطقة تحتاج كثيراً من الجهد والعمل وقبل كل ذلك رجالاً يتقدون حماساً ولقد أصاب سموه الكريم في اختياره إذ كنت أسمع دائماً عن سعادة الأستاذ أحمد بن عبد الله آل الشيخ سعة صدره وسماحة نفسه ولين جانبه ومع ذلك كنت أتوقع أن الأمر مبالغ فيه لكنني عندما أتذكر أولئك الرجال الأفاضل من أسرته الطيبة الذين خدموا دينهم وأمتهم وولاة أمورهم بكل تفان وإخلاص فلم ينكثوا عهداً ولم ينقضوا ميثاقاً منذ تحالف الشيخ محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود -رحمهما الله- وحتى يومنا الحاضر أجزم أن كل الذين امتدحوه لي لم يوفوه من المديح حقاً ولا من الثناء مستحقاً لكنني لم أشأ أن أكون مستمعاً فقط في حين يمكنني أن أرى بعيني فخطرت لي فكرة أن أذهب إلى مكتبه وهنا واجهتني مشكلة كادت أن تلغي تلك الفكرة من رأسي وإلى الأبد وهي أنني ربما لن أتمكن من دخول مكتبه الخاص فضلاً عن مقابلته والحديث معه وجهاً لوجه فقد اعتدنا من بعض مديري الدوائر الحكومية على جفاوة الاستقبال وحفاوة التصريف مما جعلنا لا نطيق حتى الاقتراب من مكاتبهم وكنت أتوهم أن هذا العرف سائد بينهم لكنني قررت المغامرةلا رجوع عنها مع يقيني الكامل أنه من المؤكد أن مكتبه سيكون ممتلئاً بمعاملات المواطنين وتعاملات المراجعين ومتابعات الفضوليين أمثالي لكنني توكلت على الله فلم أنم تلك الليلة بطولها واستبطأت طلوع الشمس حتى انسلخ الليل وظهر النهار واقترب الموعد فتوجهت لمكتبه طالباً مقابلته والسلام عليه فلم أجد معارضة من مدير مكتبه - والذي كان بحق أهلاً لهذا المكان ويستحق أن أحييه على هذه الأخلاق وهذا التعامل الراقي الذي نحتاجه في كثير من دوائرنا الحكومية خاصة لمن يراجعون من أصحاب الحاجات - إذ استقبلني بحفاوة وترحاب وعرض علي المساعدة إن كنت أريد شيئاً وأمام إصراره أخبرته أنني أريد السلام على وكيل الأمارة فقط - فطلب مني الاستراحة حتى ينتهي الوكيل من اجتماعه مع بعض الموظفين فقلت في نفسي « يبدو أن الأمور مطمئنة طالما أن مدير مكتبه بهذا الرقي في التعامل « ولم يمض وقت طويل حتى خرج المجتمعون فجاءت اللحظة التي تهيبتها كثيراً فتثاقلت خطوتي واستجمعت قواي ودخلت فإذا أنا برجل لم يزده منصبه غلظة وجفاءً بل زاده تواضعاً وعلواً فمددت يدي لمصافحته قبل أن ألقي بجسدي على أقرب أريكة في مكتبه دون أن أتفوَّه بكلمة واحدة لكنه كان لطيفاً جداً فرغم أنه لا يعرفني ولا يدرك الهدف من زيارتي تعامل معي على طبيعته وكان يلحُّ علي بإخباره عن حاجتي وسبب مجيئي وما إذا كان يستطيع تقديم خدمة لي ويؤكد لي أن خدمتي واجب يؤديه ولا يشكر عليه تمشياً مع توجيهات سمو أمير المنطقة فلم أزد على أن أجبته بالدعاء لأمير المنطقة على أن جاء به وجعله على مصالح الناس واستأمنه عليها وبعد دقائق من الوجل والحيرة استأذنته للخروج فأذن لي بعد أن أقنعته أن لا حاجة لي سوى السلام فخرجت من مكتبه لا ألوي على شيء سوى ذكر ما رأيت وشكر من قابلت فكنت أعد الخطى نحو سيارتي وأنا أتمتم بيني وبين نفسي بكلمات خافتة سمعها بعض من مر بجواري فرفع يده وقلبها ثم قبلها وكأني به يقول «الحمد لله لكنني كنت ومع ذلك كله فرحاً بمغامرتي التي جعلتني ألتقي برجل بقامة أحمد بن عبد الله آل الشيخ خاصة بعد أن استطاع أن يجعلني في صف أولئك الذين أثنوا عليه طويلاً منذ كان محافظاً حافظاً للقريات وحتى أصبح وكيلاً على إمارة يقودها ربان ماهر اسمه فهد بن بدر بن عبد العزيز فشكراً أبا سلطان فبأمثالك ترتقي المنطقة ويفخر أهلها. والله يتولى الصالحين. عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال [email protected]