كان من المقرر أن أرافق 44 شاباً وشابة من خيرة «موهوبي السعودية» في رحلتهم هذا الأسبوع إلى «لوس أنجلوس الأمريكية» للمنافسة في معرض «أنتل الدولي»، وذلك من بين 51 دولة يتنافس شبابها في عرض أحدث ابتكاراتهم في المعرض الذي يهتم بالمشاريع البحثية للشباب دون المرحلة الجامعية. وكم كان يؤسفني عدم تمكنني من مرافقتهم لظروف خارجة عن «إرادتي»، مع شكري لمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة» على ثقتها وحسن ظنها بتوجيهها الدعوة لي. ولا أخفيكم أني متشوق لسماع أخبارهم، وكلي أمل ب»شبابنا وشاباتنا»؛ فهم قادرون على المنافسة والإبداع وإبهار العالم بقدرة عقولهم وحصد جوائز الابتكار وتسجيل مراكز متقدمة في هذا المحفل الدولي باسم المملكة كما حدث في الأعوام الماضية، ولعل آخرها الدورة الأخيرة التي أُقيمت «بسان هوزية بأمريكا»؛ حيث حصدنا «أربع جوائز»، تفوقنا بها على ألمانيا وبريطانيا، ونافسنا اليابان والهند والصين. يا سادة، ثقتي هذه لم تأتِ من فراغ؛ فأنا متابع عن قرب لمشاريع هؤلاء العباقرة الصغار خلال تصفيات الأولمبياد الأول الذي شهدته المملكة للابتكار، والذي تنافس فيه أكثر من 11 ألف شاب وشابة قبل نحو شهر. شعرتُ حينها بالسعادة والغبطة؛ لأن في هذا العام فقط وُلِد لدينا «11 ألف مبتكر ومبتكرة» دون المرحلة الجامعية. أتعلمون أن هؤلاء يملؤون مدرجات أي استاد رياضي؟!! أنا متفائل جداً بأننا مقبلون على «عصر جديد» لجيل الابتكار السعودي القادر على «التفكير والإبداع» فإن كانت المدرجات الرياضية ممتلئة بالمشجعين من شبابنا فإن المعامل والمختبرات تمتلئ هي الأخرى بالمبتكرين من شبابنا الذين نجحوا في اكتشافات علمية جديدة، وفي كل منهم خير. سأستعرض بعض ما قدَّمه أبناؤنا من ابتكارات، وأبدأ بما أبهرني به شبابنا؛ فهل تصدِّق أن شابَّيْن سعوديَّيْن لم يتجاوزا «العشرين بعد» نجحا في التوصل إلى حل يساعد الكفيف على أن يسلك طريقه في الشارع متجنباً الأرصفة والحُفَر «ولا تهون المطبات» دون مساعدة من أحد، وكذا يُمكِّن الكفيف من التعرف على الألوان عبر الأشعة الصوتية؟! إنه «ابتكار عالمي» سيُحدث نقلة نوعية في معوقات الحياة البشرية إن تم تطويره. ثلاثة من شبابنا الصغار أبدعوا في إيجاد حلول بيئية لتدوير المخلفات الإلكترونية بشكل آمن، وتحويلها إلى أجهزة للاستخدامات المنزلية، مطالبين بمشروع كراس عالمي موحَّد يُلزِم الشركات المصنِّعة بتقديم هذه الحلول وتعريف المستخدم عند شرائه الأجهزة بكيفية تحويلها وتدويرها بعد الانتهاء منها بالشكل الصحيح والآمن. ولن أنسى الشابات الثلاث ومعلمتهن عندما قدمن طبقة «أسفلتية سعودية جديدة» مكوَّنة من خليط من الزجاج والأسفلت ومواد أخرى مقاومة للتشققات والتصدعات. يا جماعة بناتنا اللاتي لا يسُقْن حققن مقولة «تمشي على قزاز».. قمة التفكير والإبداع. إن كاميرا التلفزيون باتت عاجزة عن نقل قدرة عقول أبنائنا وتميزهم في مختلف المجالات، وقد أبدعوا في كل شيء!! ولعلي أذكر حديث سمو وزير التربية والتعليم عندما سألته «لماذا لا يتم إدخال موهبة الابتكار والإبداع في مناهج طلابنا؟» فأجاب «إننا ننتظر الكثير في المرحلة المقبلة، وإن هذه الابتكارات يجب أن تُطبَّق لتصبح واقعاً ومنتجاً». إن ما يحتاج إليه المبدعون من شبابنا هو البيئة المدرسية والمنزلية الملائمة لتنمو ابتكاراتهم وتترعرع، وتصبح واقعاً يسهم في تنمية الوطن. هم فقط يريدون الاعتراف من محيطهم القريب بأنهم «مبدعون». ألا يمكن أن نوجِد لهم «دوري للابتكار» بين المدارس أو المناطق؟ ترعاه الشركات مثل «دوري زين لكرة القدم»؟ ما الذي يمنع وجود «دوري زين أو موبايلي أو STC للابتكار»؟ والله ممكن يا جماعة!! لو شاهدتم ما شاهدتُ لتأكدتم أن الأمر يستحق!! فبدلاً من قول «محترف كرة قدم» بالدوري نقول «محترف ابتكار» بالدوري «ليش لا» مَنْ يعلم؟! وعلى دروب الخير نلتقي.