نقلت قناة (العراقية) الفضائية الحكومية في بغداد، أن رئيس الحكومة نوري المالكي أجرى اتصالا هاتفيا مع نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن مساء الاثنين الماضي أبلغه فيه انزعاجه الشديد من الانتهاكات في البحرين - على حد وصفه - محذرا في الوقت نفسه من نتائج وجود قوات (درع الجزيرة) فيها! ويأتي هذا الاتصال الهاتفي بين بايدن والمالكي في وقت انشغلت فيه الحكومة العراقية بقضيتين تمثلان قمة الازدواجية السياسية في التعاطي مع الأحداث في العراق والمنطقة مما يؤكد طائفية الحكومة من جهة وعدم وطنيتها من جهة أخرى، فهي صدّعت رؤوسنا باحتجاجاتها وضجيجها لما أسمته ب(التدخل الأجنبي في البحرين) في إشارة إلى قوات (درع الجزيرة) مع علمها مسّبقا أن هذه القوات عربية وخليجية ولم تأت إلى المنامة عابرة القارات والمحيطات ومهامها واضحة في بسط الاستقرار بدول مجلس التعاون الخليجي ووفق اتفاقيات دفاع مشترك معلنة وموقعة بين هذه الدول منذ عشرين سنة، في حين نلاحظ أن المالكي المستنكر لمجيء قوات درع الجزيرة إلى البحرين، يبذل جهوده في كل اتجاه ومع كل الأطراف والجهات العراقية والأمريكية لتمديد العمل في الاتفاقية الأمنية والعسكرية الثنائية الموقعة بين حكومته السابقة وإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش في نهاية عام 2008، التي تنص على سحب كامل قوات الاحتلال الأمريكي من العراق في ديسمبر المقبل، ولا يكتفي بذلك وإنما يسعى لإبقاء تلك القوات إلى نهاية العام 2014 تزامنا مع انتهاء ولاية رئاسته للحكومة الحالية. ووفق تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الذي زار بغداد نهاية الأسبوع الماضي واجتمع مع المالكي مطولا وقال فيها: إنه لمس رغبة من المسؤولين العراقيين الذين التقاهم بضرورة إبقاء القوات الأمريكية في العراق إلى فترة أخرى - لم يحددها - مؤكدا في خطاب ألقاه في معسكر لقوات (المارينز) في شمال العراق السبت الماضي بان الجانب الأمريكي يدرس الرغبة العراقية وانه طلب من حكومة المالكي الإسراع باتخاذ الإجراءات اللازمة إما لتمديد الاتفاقية الثنائية أو عقد اتفاقية جديدة لان الوقت ينفد في واشنطن. وبعد يومين من اختتام زيارة الوزير غيتس، جاء إلى العاصمة العراقية السفير الأمريكي الأسبق في بغداد زلماي خليل زاد الذي يوصف بأنه عراب الاحتلال الأمريكي للعراق ومهندس الاتفاقية الأمنية والعسكرية بين حكومة المالكي السابقة وإدارة الرئيس السابق بوش، وواضح تماما الغرض من هذه الزيارة وتوقيتها ولماذا اختير هذا السفير (المتقاعد) حاليا بالذات لمهمة باتت معروفة وهو الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع القيادات الشيعية والكردية منذ مؤتمر المعارضة العراقية في لندن أواخر عام 2002 إلى يومنا الراهن. ويبقى السؤال الذي يطفح على سطح الأحداث وهو: كيف يمكن التوفيق بين استنكار المالكي وشلة السلطة والحكم معه وانتقادها لقوات درع الجزيرة الخليجية العربية، وبين ترحيبها لاستمرار قوات الاحتلال الأمريكي في العراق إلى فترة أخرى مع ما يحمله هذا الاحتلال من إذلال للشعب العراقي وانتهاك لسيادته ومصادرة لإرادته الوطنية؟ هل هي ازدواجية في التعاطي مع الأحداث السياسية، أم أنها نفاق سياسي وطائفية سافرة أم الاثنين معا؟ اسألوا نوري المالكي أحسن! * كاتب وسياسي عراقي