ربما يعرف الكثير من الناس ظاهرة الاحتباس الحراري والتي تسببت بموجة من الجدل بين العلماء والسياسيين والاقتصاديين في السنوات الأخيرة حيث يرى الفريق الأول أن الحكومات لم تقدم ما يكفي للقضاء أو التقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري والتي قد تؤدي بعواقب وخيمة في سطح الأرض إن استمرت في وضعها المتزايد كل عام. ومن الأخطار المحتملة لظاهرة حرارة الأرض غرق الكثير من المدن الساحلية والجزر بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر بالإضافة لسرعة انتشار الأمراض المعدية وموجات التصحر والتغيير المناخي المفاجئ والذي قد يتسبب بأعاصير هائلة قد لا يمكن مواجهتها في ذلك الوقت. وما حدث في اليابان من تسونامي مدمر راح ضحيته حوالي عشرة آلاف ضحية إلا مؤشر على صدق تنبؤات العلماء والتي تؤكد أن الاحتباس الحراري في طريقه لحصد العديد من الضحايا. فيلم «an inconvenient truth» للمخرج ديفيس غوغنهايم يقدم تحليلاًَ نظرياً عميقاً لظاهرة الاحتباس الحراري، أهم أسبابه ونتائجه الحالية والمستقبلية، والأهم كيفية الوقاية والتقليل من ازدياد معدلات درجات حرارة الأرض. في الفيلم نجد النائب السابق لرئيس الولاياتالمتحدة آل غور يتولى التقديم النظري تجاه الظاهرة بأسلوب مشوق وبعيد عن الستايل الممل الذي تستعرض قنوات قناة ناشونال جيوغرافيك أو البي بي سي بقسمها الخاص بالأفلام الوثائقية. مواد الفيلم معتمدة بشكل كبير من كتاب يحمل نفس العنوان من تأليف آل جور ويتحدث عن :»الطوارئ ومواجهة الاحتباس الحراري العالمي»، ربما يكون الموضوع غير هام عند البعض، بل الكثير من الناس لا يعتبر ظاهرة حرارة الأرض من الأمور الهامة التي يجب النظرة لها بجدية، لأسباب مختلفة ومنها أن البعض يجد أنه لا يمكن أن يقدم حلاًَ لوحده لتقليص ظاهرة حرارة الأرض، والبعض الآخر يعتبرها مبالغة من العلماء وبعض السياسيين تخدم أهدافهم غير المعلنة سواء كانت تسويقية أو سياسية. وبغض النظر عن حقيقة نية الفريق الذي تبنى مشروع توعية الناس تجاه خطورة ازدياد حرارة الأرض، فالأحداث المتوالية على مدار السنوات الماضية تمنح المشروع بعضاً من المصداقية، لأن آل غور في العام 2006 كان يحذر من أن ظاهرة ارتفاع منسوب المياه في الكرة الأرضية قد تكون ضحاياها بعض المدن الساحلية وشاهدنا في السنوات الأخيرة أحداثا مأساوية لبعض المدن في مختلف دول العالم آخرها نكبة اليابان قبل أيام قليلة فقط. ومن الحلول التي يقدمها الفيلم لمشاهديه أن الفرد يمكنه أن يقلص من ظاهرة حرارة الأرض من خلال بعض الوسائل التقليدية السهلة منها كما نشرتها أحد التقارير العلمية البريطانية «إذا فصل كل شخص في بريطانيا التيار الكهربائي عن هاتفه المحمول فور شحن بطارية الهاتف، فإن ذلك سيوفر كهرباء تكفي 66 ألف منزل. وفي الوقت نفسه إذا وضع كل شخص كمية المياه التي يريدها بالتمام في الغلاية الكهربائية، فسيوفر ما يكفي من كهرباء لإنارة نصف الشوارع بالبلاد» وهذا التقرير يضع أحد الحلول والتي في متناول الجميع من أجل توفير الطاقة والتي تساهم بشكل كبير بحفظ البيئة وتوازنها، ومن النصائح التي قدمها التقرير، تحسين عوازل أسطح المنازل, واستخدام مصابيح إضاءة ذات استهلاك منخفض للطاقة. وفي الفيلم نجد أيضا نصائح رائعة يقدمها آل غور في سبيل تحقيق الغاية الأهم والتي يهدف لها الفيلم بحفظ البيئة ونقائها بشكل يُسهم في حل المشاكل الطارئة التي تتعرض لها العديد من دول العالم اليوم بسبب الظاهرة، نال الفيلم جائزة الأوسكار كأفضل فيلم وثائقي وقد تم عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان صاندانس السينمائي الخاص بالأفلام المستقلة، لينال إعجاب الجمهور والنقاد أثناء عرضه الأولي ليأخذ مكانه بعد ذلك في صالات السينما بمدينتي نيويورك ولوس أنجلوس. فيما حقق فيلم (an inconvenient truth) أرباحا وصلت لمبلغ يقارب الخمسين مليون دولار أمريكي ليضعه بذلك في المرتبة الخامسة كتصنيف «فيلم وثائقي» بعد أفلام فهرنهايت (11/9)، و(مسيرة البطريق مع الأرض) و(سيكو).