علّق قارئ كريم على أحد مقالاتي قائلاً: (أنت تحب أن تكتب عن نفسك في مقالاتك.. مثل قولك إنك لم تشاهد المباراة لوجودك في الطائرة.. فنحن القراء ماذا نستفيد أن تكون في الطائرة أو في القطار).. والحقيقة أني ضحكت ملء شدقيَّ من التعليق الجميل للقارئ وسررت به.. فمن الأشياء المحببة لي هي (الكفشات) التي تتسم بالطرافة.. وتنتزع الضحك من أعماق قلبي.. مثل هذا التعليق الساخر الجميل.. بل اعتبر أن نقد القارئ هو فنار لكل كاتب متى ما خلا من التجريح الشخصي.. وإنما أود أن أقول لذلك القارئ الكريم.. وللجميع.. إن كبار الكتاب العالميين يتناولون في زواياهم الشأن العام من خلال مواقف مرت بهم.. ويتقاضون على الكلمة الواحدة ربطة محترمة من الدولارات.. فأين نحن منهم.. وأقصد من المكانة الثقافية التي يثرون بها عقول المتلقين. وللتدليل على ذلك.. فالكاتب الأمريكي الساخر مارك توين تناول في مقال له رسالة هجاء بعثها في لحظة غضب إلى زوجته ثم بعد إيداعها في مصلحة البريد أصابه الندم.. وحاول استرجاعها ولكن كانت الرسالة قد شحنت في سيارة البريد ليقوم بمطاردة البريد من مدينة إلى مدينة ومن ولاية إلى ولاية.. ويمكن من زنقة إلى زنقة.. ولم يستطع استرجاعها حتى وصل إلى المدينة التي بها زوجته.. ودخل المنزل وسط حفاوة من زوجته.. ثم خطف الرسالة لحظة تمريرها من تحت الباب.. وأخفاها عن زوجته.. لينعم بعدها بنوم عميق بعد رحلة قطع فيها المسافة بين ولايتي كاليفورنيا في الغرب الأمريكي.. وفلوريدا في شرق أمريكا لم يذق خلالها لحظة من راحة والتقاط الأنفاس. رئيس التحرير ضاعف له مكافأة ذلك المقال الذي حظي باهتمام كبير من القراء.. ثم تحول المقال إلى فيلم سينمائي (كسّر الدنيا) حسب التعبير المصري الدارج في لغة السينما.. ومن واردات الفيلم التي بلغت أرقاماً فلكية.. دخل حسابه عدة ملايين ما كان يحلم بها. وقارئ آخر علق على مقال آخر قائلاً: ليس الهلال نادي الحكومة.. بل هو نادي المملكة.. على غرار فريق سلة أمريكي.. ولونيه الأزرق والأبيض.. وقد اكتسح بطولات الولاياتالمتحدة.. فلم يقل أحد أنه فريق الحكومة الأمريكية أو المدلل... بل أسموه (American team). وآخر علق على نفس المقال قائلاً: سبق للمدرب الأرجنتيني أن قال عندما كان مدرباً للاتحاد لصحيفة برتغالية: (الهلال فريق الحكومة، هكذا يقولون، رغم أني لم ألمس ذلك).. فليتكم تسألوه الآن بعد أن درب الاتحاد ثم الهلال: من هو الفريق المدلل و(نادي الحكومة) الاتحاد أم الهلال ؟!! والجواب لن يكن صعباً أبداً على كالديرون.. ولكنني أقترح أن يسأل ذلك السؤال بعد تدريبه للنصر.. ليكون حكمه أدق. هذا وكنت مساء الأحد الأسبق حريصاً للوصول إلى المنزل.. وأسابق الزمن والمسافة لأحظى بمشاهدة الشوط الثاني.. من الكلاسيكو السعودي بين القطبين الكبيرين الهلال والاتحاد.. وهما يمثلان قمة الهرم الكروي السعودي.. وكانت صدمتي بمستوى الفريقين خلال الشوط الثاني قوية.. فلا مستوى من الفريقين.. ولا إثارة.. مع خشونة غير مبررة من اللاعب مشعل آل سعيد لزميله الفريدي.. وعندما سألت عن مستوى الشوط الأول أكدوا لي بأنه كان أقل كثيراً. وأثنوا على الشوط الثاني قياساً بالأول. إذا كان هذا مستوى الفريقين الأول والثاني في الترتيب حتى حينه.. فمن المؤكد أن مستوى الكرة السعودية قد تراجع كثيراً.. دون أسباب مقنعة تماماً مثل خسائر الأهلي التي حيرت كل ذي لب وعقل وإدراك.. ففي أسبوع واحد خسر الفريق الأول من التعاون.. كما خسر الفريق الأولمبي من الاتحاد.. وخسر الناشئين من وطني تبوك.. علماً بأني مقتنع بأن لاعبي الأهلي في تلك المباريات الثلاث أفضل من لاعبي التعاون والاتحاد والوطني كلٌّ في مسابقته.. ولكنه لغز محير.. مغلق عليه بالضبة والمفتاح داخل القلعة الخضراء.. وصحفيو الأهلي بعضهم (يتغيشم) عن تحديد مواضع الخلل.. علماً بأنه يحمد لإدارة الأهلي اهتمامها بأم الألعاب التي حقق بطولاتها الفريق الأول والشباب والناشئين.. لكن المشكلة الكأداء تقع في كرة القدم الأهلاوية. هذا ولعل الرأي القائل إن الاحتراف المنحرف للاعبين المحليين في أنديتنا السعودية.. وإغداق الملايين تلو الملايين في حساباتهم البنكية كان سبباً في صناعة لاعبين يعتبرون نموراً من ورق.. فالمستوى في تراجع مستمر.. وبالتالي كان مستوى منتخبنا في بطولة الأمم الآسيوية الأخيرة هو الأسوأ منذ ثلاثة عقود.. وهذا ناتج عن مستوى الأندية السعودية المتردي.. فخبز المنتخب من عجينة الأندية. الرأي القائل إن الكرة السعودية أصبحت تلعب خارج المستطيل الأخضر أكثر منها على أرض الواقع.. فقد صدق بل وشخص حالة الكرة السعودية.. ومن أولئك الرائع يوسف خميس الذي يقنعني تحليله ورؤيته الكروية. أيضاً لاحظوا مستوى اللاعبين مع أنديتهم قبل ترسيمهم محترفين وبعد الترسيم.. ولكم في غالب النصر عبرة يا ذوي الألباب. نبضة..! - أحسن رجال الاتحاد وعلى رأسهم الدكتور خالد المرزوقي.. وأيضاً رئيس النادي المهندس علوان.. وعدد من أعضاء الشرف المخلصين.. وليس (المترززين).. أحسنوا في إنصاف القامة الشامخة والسد العالي أحمد جميل الذي قدم للمنتخب الوطني ولناديه كل ما يملك من إخلاص وتضحية.. وكنت كلما لقيت أبا جميل أسأله عنوة عن موعد مباراة الاعتزال.. فيرد قائلاً: خليها على الله.. وفقك البارئ أبا جميل!!. قفلة: قال عزّ من قائل: ?وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ?.. الآية. نلقاكم بإذن الله.