منذ الإطاحة بنظام الشاه في إيران في العام 1979 والشعب الإيراني يلاقي الويلات ويقبع تحت رحمة الحكومة الإيرانية ذات السيادة الكاملة على كافة المرافق العسكرية والتعليمية والشعبية.وطوال فترة الثمانينيات والتسعينيات جيشت الحكومة الإيرانية سلطاتها تجاه أي معارضة وقمعت حريات الصحفيين وتحركات الطلاب النضالية والحقوقية والأهم هي طريقة تعامل أنظمة الجهاز الأمني الإيراني مع الفنانين ممثلين بالسينمائيين وملاك القنوات الفضائية، فمن يسبح بحمد النظام فهو من ضمن الفريق المرحب به أما من يفعل توجهاته اللوجستية تجاه فضائح النظام فسوف تكون عقوبته أما الإعدام أو السجن المؤبد، وشملت تلك الإجراءات التعسفية المخرج الإيراني جعفر بناهي والذي صنع أفلاماً لا تتوافق مع مزاجات الثورة الخمينية وتفضحها أمام العالم. وكان فيلم (تسلل) من ضمن الأفلام التي تسببت في تسليط الضوء على تحركات جعفر بناهي ومراقبته ويحكي الفيلم سيرة فتاة تتنكر في زي شاب من أجل حضور مباراة هامة لتصفيات كأس العالم بين إيران والبحرين، فيما كان عقوبة المخرج متمثلة بمنعه من صناعة الأفلام بمدة عشرين سنة بالإضافة إلى سجنه لمدة ست سنوات. و تلك الأحكام التعسفية الظالمة كانت محل الجدل لدى العديد من منظمات حقوق الإنسان والهيئات الدولية، حتى أن مهرجان برلين السينمائي الدولي ساهم في نشر قصة المخرج للعالم من خلال تسليط الضوء على أعماله في نسخته الأخيرة. الآلية التي يتخذها النظام الإيراني تجاه الفن والفنانين في إيران لا نجدها حتى في أنظمة بعض الدول في الشرق الأوسط، فالنظام القمعي في إيران تجاوز كبت الحريات الموجود في سوريا على سبيل المثال، أو في دولة مثل اليمن والتي يمارس فيها دور رقابي ولكنه لا يصل لمستوى القمع الذي يتصف فيه نظام حكومة طهران المستبد والمتعجرف والقمعي لدرجة أن النظام يمنع عرض العديد من الأفلام لمخرجين إيرانيين محايدين مثل محسن مخلفباف والتي صنع أفلاماً اجتماعية لا علاقة لها بالسياسة ومع ذلك يحاول النظام أن يتصادم معه. وحتى المخرجة الإيرانية سميرة مخملباف لم تسلم أفلامها من المنع بسبب أما أنها تتضمن مواضيع تستعرض مستوى الفقر والتخلف التي وصلت لها بعض القرى في شمال وغرب إيران، أو تعرضها لبعض السياسات المتعلقة بشؤون البلاد المحلية مثل التعليم والطرق وغيرها، لذلك نجد أنها لا تجد الترحيب لدى النظام الإيراني. ومن ضمن الحرص الحكومي لدى نظام أحمدي نجادي، يلاحظ تفعيل دور القنوات الفضائية من أجل دس السم في العسل ونقل حقائق مكذوبة كما تفعله الآن قناة (العالم) الناطقة باللغة العربية والتي تم منع بثها في العديد من الدول العالمية وليست العربية فحسب، لأنها تحاول إثارة البلبلة والفتنة الطائفية من أجل تفعيل التأثير السياسي لدولة إيران في الشرق الأوسط، كذلك يهتم النظام بدعم أي توجه لدى السينمائيين الإيرانيين إن كان من صالح نقل الصورة المكذوبة للنظام إلى العالم. والغريب أن النظام يدعم جهات سنية من أجل أهداف قومية أو سياسية كما حصل مع المعارض المسعري المدعوم لوجستياً من طهران والمقاتلين الأفعان «السنة» المدعومين مالياً من قبل طهران ما يثير الكثير من الأسئلة حول تلك العلاقات المشبوهة بين طهران و أصدقائها المؤقتين. ويقيم المخرج السينمائي عباس كيارستمي في باريس حالياً لأنه لا يستطيع العمل في صناعة الأفلام بحرية كما سبق أن أكد ذلك في أحد تصريحاته، وهو من ضمن المخرجين المعارضين لسياسية الاستبداد لدى حكومة نجادي والتي وجدت معارضة حتى من الحكومة السابقة التي كان يترأسها محمد خاتمي المعتبرة في نظر الكثير من المراقبين والمحللين منفتحة للعالم وتتعامل مع الإعلام والفنانين بشي من الواقعية، بالإضافة لمستوى الرقابة المنخفض بالمقارنة مع نظام نجادي الديكتاتوري.