الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فنحمد الله سبحانه وتعالى على ما منَّ به علينا من أمن في الأوطان وصحةٍ في الأبدان ونعمٍ ظاهرةٍ وباطنة يغبطنا عليها القريب قبل البعيد جعلت من بلدنا المبارك مطمعاً لكل محرومٍ جانبته النعم ولكل حاسدٍ يرى ما نحن به من استقرار. ولا تخلو أي منشأةٍ أو دولةٍ مهما كبر أو صغر حجمها من الأخطاء والملاحظات، خصوصاً على من هم في المراتب العليا من المسئولية فإنهم يرون ما لا يرى عامة الناس ويحاولون التوفيق بين الواقع والمؤمل قدر المستطاع ويسعون إلى استقرار الأمر ومواصلة العطاء، قال الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}. وبين حاسدٍ ومغرضٍ ومرجفٍ تعانقت أطماعهم للنيْل من هذه البلاد وشعبها ورخائها تعالت بعض الأصوات النشاز عبر القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مناديةً ببعض المطالب التي كما قال الله تعالى: {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ}. ولكن الفتنة إذا ظهرت وعلت جعلت العاقل حيران، وجرّت خلفها الرعاع والمتطفلة من الناس وخصوصاً من قليلي الفهم وصغار السن ممن سيزين لهم الشيطان أعمالهم ليزج بهم في مستنقع الخروج والتكفير والهدم والتخريب. فإن الأمر يتحتم على العلماء التحرك العاجل لتبديد تلك الشبه التي يلمز بها المخربون من وراء جدرهم الواهية، ومن خارج البلاد ممن يحبون أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين والذين ينادون بإثارة الفتنة راغبين في إعطاء مطالبهم الصبغة الشرعية وإلباسها لباس الدين. وقد كان لعلمائنا الأجلاء وقفةٌ رائعة حينما ظهرت فتنة الإرهاب ما كان له الأثر البالغ لتنوير البصائر بالحق وردع الشبه باليقين والعلم الشرعي حتى أخمد الله تلك الفتنة وأبعد عن البلاد شرها، لذا فإن عليهم أيضاً المسارعة إلى تثقيف العامة عبر كل القنوات المتاحة المقروءة والمسموعة والمرئية، وعلى المنابر وفي التجمعات ودور العلم والمدارس. إن علينا أن نستفيد من دروس الواقع من حولنا فإذا انفلت الزمام لن تنفع موعظة ولن يُلتفت إلى فتوى ولن يستجيب أحدٌ إلى تهدئة، لذا فإني أناشد علماءنا بالله سبحانه وتعالى أن يكثفوا التركيز على دحض هذه الفتنة قبل فوات الأوان وأن يعملوا ليلاً ونهاراً لنشر العلم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يديم على بلادنا عزها وأمنها وأن يهدي ضالنا ويغفر لمذنبنا وأن يديم علينا لباس الصحة والأمن. رجل الأعمال