بالأمس القريب غادر خادم الحرمين الشريفين أرض الوطن للعلاج فاصطفت القلوب راجية وارتفعت الأكف داعية وذرفت العيون باكية الكل يرجو من الله السلامة والصحة والعافية لخادم الدين والوطن والأمة والإنسانية فاستجاب الله الدعاء وحقق الرجاء ومنَّ بالشفاء.. وها نحن اليوم نستقبل يوماً عظيماً من أعظم أيام الوطن الغالي يوماً أشرقت فيه شمس السعادة والفرح على كل ربوع الوطن فغمرت القلوب سعادة وحباً وفرحاً وأملاً جديداً إنه يوم عودة خادم الحرمين الشريفين سالماً غانماً معافاً إلى وطنه وأهله ومحبيه. إن ما نراه من حب صادق وفرحة غامرة من كل أبناء البلاد وأبناء الأمة الأوفياء بعودة المليك لهو علامة خير وعاجل بشرى لرجل أعطى من نفسه وجهده ووقته وعمره المديد لدينه ووطنه وأمته والإنسانية، ما تعجز الألسن عن وصفه، فلا إن كان أبناء وطنه لقبوه بملك القلوب للدلالة على مدى تمكن محبته من قلوبهم فلقد لقبه غيرهم من أبناء العالم بملك الإنسانية لما رأوا فيه من عطاء وبذل لكل مواطن ومحتاج، فهاهو يمد يد العون - بكل مشاعر الحب والإخلاص - لكل مواطن فيتألم لألمه ويسعد لسعادته ويعمل لرفعته وتقدمه.. وها هو يمد يد الغوث والعون والمساعدة لكل ملهوف ومكروب ومتضرر على وجه الأرض غايته في ذلك مرضاة الله ودافعه وازع الدين والإنسانية الصادقة مع صفاء نفس وصدق سريرة أسوته في ذلك الرسول الكريم حين نعته ربه بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وإن المرء حين يرى هذا الحب وهذا الوفاء ليقطع بأن ذلك إنما هو مصداقاً لقول النبي: (إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل: إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، وينادي في أهل السماء فيحبونه، ثم يوضع له القبول في الأرض). وهذا الحب والقبول الذي وضع لهذا المليك العظيم في الأرض لهو من نعم الله تعالى إذ جمع بين الإيمان والعمل الصالح مع صدق وإخلاص، وصدق الله العظيم القائل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً}. فقد جعل الله تعالى له محبة ووداً في قلوب الناس ولا عجب، فإن رجلاً يقوم على خدمة دين الله بالتمسك بعقيدة التوحيد الصافية، وتطبيق شرع الله في جميع نواحي الحياة لا يخشى في ذلك لومة لائم، وخدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والقيام على راحة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين لهو جدير بكل هذا الحب وهذه المكانة عند الله وفي قلوب الخلق، ونحن بهذه المناسبة العظيمة الغالية على نفوسنا جميعاً لنرفع أسمى آيات الحب والوفاء والولاء والطاعة لمقام خادم الحرمين الشريفين - متعه الله بالصحة والعافية - كما نخر لله سجداً حامدين شاكرين أن استجاب الدعوات الصادقة فمنَّ على قائد مسيرتنا وباني نهضتنا بالشفاء التام والعافية وأعاده إلى وطنه وشعبه سالماً غانماً، وبدل محنته منحة ومرضه شفاءً وألمه راحة وحزنه سعادة كما نسأل الله تعالى أن يديم عليه الصحة والعافية وأن يبارك له في عمره على طاعته وأن يتقبل عمله ويرفع قدره ويزيد في منزلته، ويرزقه العون والسداد والتوفيق في أمره كله، كما نسأله أن يحفظ إخوانه وأعوانه وعلى رأسهم ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظه الله - وكافة أفراد الأسرة المالكة وأعضاء حكومتنا الرشيدة. كما نسأله أن يحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأن يحفظ علينا بلادنا عزيزة آمنة مطمئنة رخاء سخاءً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أمين عام المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية