بين الواقع والخيال مسافة مُفتعلة يُمكننا اجتيازها ؛ إذ إن كل مالا يسعنا الحصول عليه يُمكننا صنعه في مخيّلتنا بالشكل الذي نرغب! الخيال كما أرى عالَم انسيابي بديع الصور غزير المُعطيات يُقلّ الفرد إلى كوكبٍ تسبح فيه المُغريات، لا يُشاهد بالعين المجرّدة إنما من خلال أعين داخلية تعمل في الدماغ لدى كل من البصير والكفيف، وهذا ما يجعل منه عالماً مُكتملَ الروعة متمكّناً من صنع صور ومشاهد تتوافق مع ميول الشخص نفسه واتجاهاته، تحوي أساطير وحقائق على حدٍ سواء ممزوجة بإتقان معروضة بأسلوب سينمائي تجعل من الحقيقة البائسة حقيقة جيدة والعكس خاطئ والمُفلح منّا من يستقطع وقتا ويتدبر تفاصيله بدّقة بل ويسعى لتحويله واقعاً ملموساً أو - بأسوأ الأحوال - يكتفي بالاسترخاء بينَ جنباته ويفرّغ الشُحنات السالبة ويستعيد الوضع الطبيعي إن لم يكن الوضع الأكثر إثارة و توجّهاً نحو الحياة..! استوقفني لكتابة هذا صغير يُعاني من مرض التوحّد، أي المرض الذي يُلغي هذه المَلكة ويُعيق عمل الدماغ بشكله الطبيعي، حينما كلّفت نفسي بالمعاونة وحاولتُ إدلافه إلى العالم السري الخاص بكل منا والذي أعده من أبسط حقوق المرء وأخص خصوصياته بنفس الوقت - حيث كرّمه الله بالحفظ من لصوص التقنية-، وحينما بؤت بالفشل - والفشل الذريع- لا أنكر مدى الجرح الذي سبّبه لي، هو لم يكسر خاطري وحسب، إنما حطّم قلبي بأسره، كان من السهل أن أمضي دون اعتبار لأهمية هذه النعمة، فقط وحينما أبصرتُ عجز غيري عن التمتّع بها استشعرتُ عظمتها وحسبتُ أن اللا وجودها مُعضلة. لفتة: الخيال منحة ربانية عظيمة ينبغي شُكر الإله عليها ؛ فنحن دونما إياه نعيش واقعاً مملاً غير تحفيزي لا مجال له بالازدهار، ومن دونه نحن خاملون باهتون عاجزون حتى عن الأحلام ! يقول د. جوزيف ميرفي مؤلف كتاب»قوة عقلك الباطن»:(الخيال أقوى ملكاتك). [email protected]