الابتكار والاختراع.. لا أعرف لماذا تخيفني هذه الكلمات, وتذكرني بشعوري بالفشل حينما كنت صغيرة وحاولت إحداث زوبعة علمية باختراع مادة كيميائية ناتجة من احتراق الرصاص مع الخل، ولا أعرف على أي أساس قمت بهذه التركيبة على الأخص. ولكن ذلك كلفني إبرام وعد قاطع بعدم تكرار هذه التجارب مرة أخرى بسبب الخسائر الفادحة التي سببتها في المطبخ من قوارير الخل التي نفذت إلى أقلام الرصاص التي في حقائب إخوتي المدرسية. ومثل هذه الوعود هي التي استطاعت وبجدارة زراعة نفوس خاملة ومقموعة في أبنائنا, وشعور بعدم القدرة على الإنتاج والابتكار والاختراع، خوفا من التوبيخ. إن عقلية الأطفال تعتمد بشكل كبير على الاكتشاف والتجربة والبحث، وتحظى عقلياتهم بخيال واسع خصب يمكنهم من استدراج الأفكار ومحاولة تطبيقها بعدة طرق. لذا ينبغي أن يتم استغلال هذه المرحلة من حياة الأطفال لبناء عقليات مؤهلة للابتكار، ولا أعتقد أن ذلك يتطلب في البداية أكثر من استخدام استراتيجيات سهلة وبسيطة لتنمية القدرات الخلاقة لديهم وصقل مواهبهم واكتشافها مبكرا سواء في رياض الأطفال أو المدارس في المراحل الابتدائية، أو إنشاء نواد صغيرة أو حتى في ظل الأسرة. وفي اعتقادي أن من حق الطفل أن يحظى باهتمام نفسي وعقلي ليصبح مهيأ لعصر جديد يحتاج إلى أيد عاملة لا أيد خاملة متعودة على الاستهلاك, بل إنه لا يحتاج إلى أيد عاملة فقط بل إلى عقول عاملة تستطيع أن تبني للبشرية عالما أفضل ووسائل أنجع لحياة أرقى. إنني أتوقع وبشدة لو أنه تم الالتفات إلى مواهب الأطفال منذ الصغر، وتمت تنميتها وصقلها لكنا السباقين في صنع ال «روبوت» الياباني أو الحاسب الآلي أو سيارة أو حتى ابتكار مادة كيميائية جديدة بخواص خطيرة ناتجة من تفاعل الرصاص مع الخل!