لم أكن يوماً من محبي هاري بوتر، حاولت أن أشاهد جزءه الأول ثلاث مرات لكني نمت في جميعها بمنتصف الفيلم! وهذا لا يمنعني من الإقرار بأن “جي. كيه رولنج”، مؤلفة سلسلة هاري بوتر، قد وضعت بصمتها بقوة في تراث أدب الخيال.. ولعل دخولها نادي المليارديرات وال300 مليون نسخة التي بيعت من السلسلة والأفلام التي أصدرت لجميع الأجزاء خير دليل على ذلك! كيف اختلقت “جي كيه رولنج” عالم هاري بوتر؟ وكيف قدمت للبشرية هذا السلسلة الناجحة؟ ماذا عن “جي آر آر توكنز”؟. سيد "سيد الخواتم"....جي آر آر توكنز
كيف استطاع كتابة اسطورته الملحمية “سيد الخواتم” التي أصبحت واحدة من أعظم كتب الخيال في القرن العشرين؟ كيف تمكن من تأليف لغة شعب “الإيلف”؟ لمتابعي الرسوم المتحركة اليابانية، كيف استطاع “هياو ميازاكي”
أن يصور العالم ما بعد العام 2008 و هو في العام 1978 في مسلسله الرائع الذي أحببناه جميعا “عدنان ولينا”
كيف استطاع هؤلاء و كثيرون غيرهم فعل ذلك؟ أيملكون دماغاً إضافياً؟ قدماً إضافية؟ هل هم بشر مثلنا؟ الجواب كما يقول العنوان بكل بساطة: الخيال. الخيال هو خلق صورة ذهنية غير اعتيادية وغير ممكن تحويلها لأمر واقع في الظروف المحيطة بالمتخيل. لماذا نتخيل؟ الخيال وسيلتنا للهرب من العالم الواقعي – لوهلة من الزمن – إلى عالم نحقق فيه كل رغباتنا وأحلامنا المشروعة منها وغير المشروعة، في عالم الخيال حيث تذوب جميع القوانين وحيث لا توجد أي سلطة تحكم ما تريد أن تحصل عليه، في عالم الخيال نستطيع الطيران بلا أجنحة و السباحة دون الحاجة إلى الأكسجين، في عالم الخيال تتكلم الحيوانات وينطق الجماد، وتقود تلك سيارتها دون خوف أو وجل ويستطيع ذاك العيش دون أن يحتقره أحد! لو قرأنا في سير السالف ذكرهم لوجدنا أنه في فترة من فترات حياتهم كانوا منكبين على قراءة القصص الخيالية، لكن هل تكفي القراءة في الخيال لصنع الخيال؟ كثير منا قرأ في الخيال، مع ذلك تجد مخيلته جافة كصحراء جدباء قاحلة! لماذا؟ بكل بساطة لأنه لم يحرر نفسه من القيود! مهلاً، مهلاً، قبل أن يقوم أحد منكم بمهاجمتي دعونا نعرف أولا ماهي أنواع القيود؟ يظن البعض أن المقصود بتحرير القيود هي القيود الدينية، ليس بشرط، فهناك القيود الإجتماعية والقيود العلمية وغيرها.. اكسر ما يقيدك من هذه القيود وأطلق لخيالك العنان، تخيل أشياء لا تخطر على بال أحد، فكر في سيناريوهات مختلفة غريبة، جسد أفكارك، اطلع على ثقافات مختلفة عن ثقافتك، فكر كيف تمكن هؤلاء من فعل ذلك. لولا الخيال لما وصلت الحضارة الإنسانية إلى ما هو عليه، ومن دون الخيال، سنبقى في أماكننا يكسونا الجمود والجفاف. فقط.، تخيلوا.. لكن، هل بيئتنا المحيطة تقتل الخيال و تقضي عليه؟ هذا ما سنعرفه في الجزء الثاني من هذا المقال. دمتم بود.