اطلعت علىكتاب « عيناي تدمعان» تأليف الأستاذ- خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة الذي يقع في 250 صفحة من القطع المتوسط.. وقد شدني ما احتواه من الومضات التي غاص في أحداثها وصاغها لنا بدموع الحزن بقلمه الصحفي الذي بكاها ببالغ التأثر, ولطالما تاقت نفوسنا إلى الاطلاع عليها.. ومن خلال قراءتي لهذا الكتاب آثرت أن أكتب ولو ملامح سريعة عنه.. إن الكتاب بقدر ما يحوي في طياته من الحزن بقدرما يشدك إلى القراءة.. يجعل الذاكرة تستحضر أحبة لنا فارقونا بقدرة الله عزَّ وجلَّ, وهذه سنة الحياة.. ولا شك أن فقدهم يوقظ المعاني الجليلة في نفوسنا جميعاً. لقد تحدث الكاتب فيه بإسهاب وبأسلوب جذاب عن هذه المواقف المحزنة التي حلت بآثارها وأثقالها فاستطاع من خلالها استرجاع معلومات وصور حزينة بذهنيته, وبثها في ذهنية القارئ، فشاطرناه دواعي الحزن بصمت ناطق, في فقدان من خدموا هذا الوطن وقضوا نحبهم. من ملوك وأصدقاء وأحباب،.. فحمل لنا كنزاً من الذكريات، فأخذت الذكرى والحنين مجالاً رحباً وأرضا فسيحة في وصف هذه المواقف وتداعياتها، وكذا ما قوبلت به من الصبر والثبات والعزيمة.. فكانت صفحاته بحق مليئة بدواعي الصبر والاحتساب. ولقد أعجبني كثيراً الأسلوب الذي يتمتع به الكاتب في وصف هذه المواقف فاختار تلك الكلمات المؤثرة ليعكس لنا ما بداخله من أسى وحرقة, لذلك عندما تبدأ بالقراءة تجد نفسك تزداد رغبة في معرفة الأكثر عن هذه المواضيع التي تناولها. ولعل ما شدني أكثر، وتأثرت به هو عنوان «أبكيك يا ولدي» ص59 في فقد ابنه «فهد» صاحب السبعة عشر ربيعاً في ريعان شبابه، ورثائه النثري الذي خرج من الأعماق من فحوى قلبه وحنين روحه.. إنه ذلك الحزن الذي يهز الكيان وكأن لسان حاله يقول : أيتها الدموع التي أحرقت الأعين ودفنت بالفؤاد، أما آن لك أن تكفي.. أيها الأنين الذي يمزق القلب أما آن لك أن تهدأ.. حقاً ما أصعب أن يودع المرء حبه الكبير وما أثقلها من خسارة عندما تفقد حبيبا أو عزيزا.. كل ذلك مشاعر فائقة تتجلى في مثل هذه المواقف وتجعل بالفعل «العينان تدمعان». لقد أهدى لنا الكتاب خلاصة لتجربة صحفية طويلة تحمل في عمقها تساؤلات عن أطوار هذه الحياة بأسلوب صحفي مميز تهدف في لغتها إلى مقاومة الحزن وجزع النفس، وإدخال السرور والسلوان إلى كل القلوب.. وهنا يقف القلم ليكتب قول الفصل وهو أن هذه الدنيا دار ممر وليست دار مقر لطالما حل فيها الحزن زائراً على كل نفس وعلى كل بيت وهو بلا شك ضيف ثقيل, لكننا نقابله بقوة اليقين وجميل الصبر والاحتساب.. والله المستعان. عبدالعزيز بن مسفر القعيب - الرياض [email protected]