من منا لا يحب تلك الأرض الطاهرة، أرض الإيمان والنور والهدى، مهبط الوحي ومحل أفئدة الشعوب، منارة الدين وقلعة الأخلاق وعمارة الحضارة، إنها بحق البلد الأمين، هكذا حب الوطن يسكن الضمائر ويستوطن القلوب. اطلعت على كتاب تحت عنوان «هذا البلد الأمين»، تأليف المستشار الأمني بوزارة الداخلية، الإعلامي الدكتور سعود بن صالح المصيبيح، عرض لنا فيه عرضاً واسعاً عما حققته المملكة في حرب الإرهاب، إذ تطرق إلى جهود الدولة ورجال الأمن الأشاوس الذين أخذوا على عواتقهم واجبهم الوطني بالمحافظة على أمنه. وازداد شرف الكتاب بتقديمه من النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، رجل الدولة ومهندس الأمن البارع، حينما ذكر أنه «بقدر ما يكون الحديث عن البلد الأمين ممتعاً ومشوقاً فإنه يظل قاصراً عن الوفاء بمكانه وأهميته، وقدسية هذا البلد المبارك، الذي اختاره الله مهبطاً للوحي، ومنطلقاً للرسالة الإسلامية الخالدة، ومهوى أفئدة المسلمين»، وما أضفاه على محتوى الكتاب وما بذله مؤلفه من جهد طيب وطرح متعدد الجوانب يستحق المزيد من العناية والاهتمام، هنا الكلمات المعبرة التي جاءت بلسان وحال الوطن من رجل يعتبر من طراز رفيع في مجال الأمن والإدارة، فهي شهادة يستحق المؤلف التهنئة عليها... وكذا ما عبّر عنه قارئو الكتاب من الأمراء والمثقفين، لما جاء فيه من إبداع يجعل الوطن بأم أعيننا. عندما يكون الحديث عن الوطن والفداء عنه، فإنه تتزاحم المفردات وتضيع العبارات التي تقال عن هذا البلد الأمين، لذا أعتقد جازماً بأنه ليس لدي أكثر مما كتبه النائب الثاني وزير الداخلية والأمراء والصحافيون، فلقد جاءت كتاباتهم مليئة بالإشادة والإبداع في حق مؤلفه الذي استوحى وطنه واستمد من تاريخه كل ما هو جميل ومشرّف. لقد كان هذا الكتاب فكرة متألقة قبل أن يكون كتاباً، ومعنى قبل أن يكون لفظاً، فلقد كان مزيجاً بين التاريخ والأحداث، جاء بأسلوب بديع حوى الكثير من الإحاطة الواسعة بما مرت به بلادنا من أحداث وعاها المؤلف في صدره وعكسها لنا بأسلوب المتمكن. لكأني أثب معه ساعة قراءته في تطواف حين تطرق إلى جهود مملكتنا الحبيبة في مكافحة الإرهاب، وما عانته منه، وقد تجلت قدرة المؤلف على البيان حين تحدث عن جهود المملكة في محاربته، وبسالة رجال الأمن في مواقعهم الأمنية في التصدي لهذا الوحش المسمى بالإرهاب، لقد تطرق إلى سيرة زكية لشهدائنا الذين عطروا تراب الوطن بدمائهم الزكية، ضرباً من الفداء، تخليداً لعزائمهم التي كانت أقوى من أن تخضع للحوادث، تلك القلوب المملوءة بالشجاعة والقوة حتى في أحلك الساعات الحرجة واللحظات العصيبة. الحق يقال إن دولتنا عقدت العزم على مكافحة هذه الآفة بجهود جبارة تحطمت على صخرتها أفكار الزيغ والظلال، ولا أكون مبالغاً إذا ما قلت إن بعض الدول استفادت من التجربة السعودية الفريدة في التصدي للإرهاب وتجفيف منابعه، بقيادة رجل الأمن الأول نايف بن عبدالعزيز، لقد نال ذلك استحسان جميع أفراد الوطن والمجتمع الدولي. السبق السعودي في الإستراتيجية الشاملة التي عملت على المواجهة الفكرية والمناصحة بالاهتمام نفسه بالتعامل الأمني الرادع وتطبيق الأنظمة المرعية تجاه كل من يثبت اقترافه لهذا الجرم، كل ذلك جعل هندسة الأمن بمثل هذا التعامل الراقي محلاً للأنظار من كل زعماء العالم، لأجل ذلك كانت الرياض هي المكان الأول في العالم الذي عُقد فيه المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي تمخضت أعماله عن إشادة المجتمعين بالتجربة السعودية مع ما صادفها من أحداث، وقناعتهم بأن الإرهاب يعتبر تهديداً لكل دول العالم والسلم والأمن الدوليين. لقد قدمت المملكة في خضم معركتها مع الإرهاب رجالاً كان لهم سبق الشهادة ولباس العز والشرف لقاء بطولاتهم وتضحياتهم، قدمت الدولة لهم ولذويهم أرفع أوسمة الشرف وأجل أنواط الشجاعة، إن الدولة لم تقتصر على المواجهة الأمنية والإجراءات الوقائية فحسب، بل عملت على مراعاة مشاعر أولياء أمور المتورطين في كثير من الأمور، ما كان له الأثر الفعال في تقبل الأمر ورجوع الكثير من هؤلاء إلى جادة الصواب. إذاً مهما حاول العابثون أن ينالوا من أمن هذا البلد واستقراره، فكل محاولاتهم ستبوء بالفشل والخسران، فالوطن هو الأم الذي نرتمي في أحضانها، وندافع عنها، ونرضع حبها بأصدق معاني الانتماء وخالص الولاء، (وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه)... حفظ الله لبلادنا أمنها واستقرارها وأقر عيوننا برجوع خادم الحرمين الشريفين سالماً معافى. عبدالعزيز بن مسفر القعيب هيئة الرقابة والتحقيق بالرياض [email protected]