الموت حق وسنّة من سنن هذه الحياة وكلنا إليه سائرون طال بنا العمر أو قصر ولكنها آجال محددة ومكتوبة فلا أحد يعلم متى يأتي أجله ومتى تحين ساعته فهذا سر من أسرار علاّم الغيوب بديع السموات والأرض سبحانه عز وجل القائل في محكم كتابه الكريم «كل نفس ذائقة الموت» والقائل «فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولايستقدمون»، ولكن للموت فاجعة عظيمة تهز الوجدان وتقشعر منها الأبدان لاسيما موت الأقرباء والأصدقاء والأعزاء على النفس والجياد من الناس، فالموت فاجعة كبيرة فهو هادم اللذات الذي ارشدنا شرعنا القويم الى تذكره. ففي الأثر «تذكروا هادم اللذات» فبالأمس القريب غيب الموت رجلا كريما فاضلا هكذا عرفته عن قرب ولا أزكي على الله أحداً إنه الزميل العزيز المهندس فيصل بن أحمد العامودي (مدير مبرة خادم الحرمين الشريفين للمياه بمكةالمكرمة) فقد زاملته في مصلحة المياه والصرف الصحي بمنطقة مكةالمكرمة على مدى أكثر من عشرين عاما وعرفته عن قرب فوجدته نعم الأخ ونعم الصديق الذي يتحلى بالاخلاق الاسلامية الفاضلة وحسن التعامل مع الجميع بكل ادب ووقار واحترام، اضافة الى ماكان مايتحلى به الفقيد يرحمه الله من تواضع جم وجد واجتهاد في العمل ففي مواسم الحج من كل عام اشاهده عن قرب وهو يتابع شخصيا من خلال دراجة نارية وتحت شعار الشمس الحارقة اعمال توزيع مياه مبرة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على حجاج بيت الله الحرام ويعيش وسط عمال التوزيع ميدانيا وكأنه واحد منهم، ولايخيل لمن يشاهده انه يعمل مديرا لهذه المبرة التي تحمل اسما غاليا علينا جميعا. وفي السنوات الاخيرة ورغم معاناته الشديدة مع مرض «الفشل الكلوي» الذي داهمه فجأة منذ سنوات إلا أنه كان يتحامل على نفسه ويتابع ميدانيا سير اعمال توزيع هذه المبرة في مناطق المشاعر المقدسة ويختلس من وقته بعض الساعات لمواصلة اجراء الغسيل الكلوي في المستشفى ثم يعود فوراً لمواصلة عمله. انه يعمل بكل جد واجتهاد واخلاص ومثابرة محتسبا الاجر من الله عز وجل ومنفذا للامانة والمسؤولية التي أنيطت به من خلال ادارته لهذه المبرة الخيرية التي تأسست على يده ومنذ التحاقه بالعمل بالمصلحة حتى انني سمعت اكثر من مره إشادة وتقدير رؤسائه في العمل بجهوده واخلاصه وتفانيه في العمل علاوة على ثناء زملائه العاملين معه في هذه المبرة والذين يحملون له كل الود والتقدير والاحترام لانه يبادلهم نفس الشعور. ولقد رأيت اثر الحزن والألم مرسوماً على وجوههم اثناء مواراته الثرى في مقبرة العدل بمكةالمكرمة فقد قال لي احدهم وهو «الزميل عبدالمعين حسين الأحمدي» وهو من عمل معه على مدى عشرين عاما انني اعتبره الاخ الشقيق الذي لم تلده امي فمهما عبّرت ومهما تحدثت فلن استطيع ان اوفيه حقه او ان أعد مزاياه الطيبة ومواقفه المشرفة واخوته الصادقة.. بقي ان نقول ان للاخ الزميل فيصل احمد العامودي زوجة واطفالا اكبرهم في ريعان شبابه لايتجاوز ال16 ربيعا من عمره نسأل الله ان يجبر مصيبتهم وان يعوضهم خيرا في فقيدهم العزيز وان يلطف بهم وبأحوالهم ولاشك انهم تحت رعاية كريمة من اسرتهم العزيزة ولكن فقد الاب كما هو معلوم لا يعوّض فلهم منا الدعاء الصادق بالعون في هذه الحياة وان يسير الأبناء على نهج ومسيرة والدهم فقد قيل من خلف لم يمت. فاللهم اغفر لأبي عبدالعزيز واسكنه فسيح جناتك واجزه خير الجزاء على ماقدمه من اعمال صالحة انشاء الله، كما انه مما يفرحنا ويبشرنا بالخير ان جميع من عرف الفقيد يثني عليه وعلى سيرته العطرة وخصاله الحميدة في هذه الحياة فهذه لعمري بشرى طيبة ومحمودة فالناس شهداء الله في ارضه. و«إنا لله وإنا اليه راجعون». أحمد محمد سالم الأحمدي مدير ادارة العلاقات العامة والإعلام بمصلحة المياه والصرف الصحي بمنطقة مكة المكرمة