قال جلّ من قائل في محكم كتابه الكريم «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيراً ونساء» تعد جريمة ابن آدم قابيل أول جريمة بشرية ترتكب على وجه البسيطة، خلق الله آدم عليه السلام من طين بينما خلق زوجته أم البشر من أحد ضلوعه اليسرى، وهناك قول بأنها خلقت من قطعة من لحم آدم في جنبه الأيسر انفصلت عنه ونمت وصارت حواء بقدرة الله عز وجل وسميت بذلك لأن أصلها من لحم ودم حي من آدم، هذا يجعل من آدم الأب والأم لزوجته، مع أن كلمة حواء لم ترد في القرآن الكريم وأكثر ما وردت في الإسرائيليات. وقد أخبرنا القرآن العظيم ان آدم وزوجته كانا مقيمين في الجنة يأكلان من ثمارها وينعمان بنعيمها لفترة من الزمن، ولم يرق ذلك للشيطان الذي عز عليه أن يرى آدم وزوجته عليهما السلام ليستظلان بظلال الجنة فعمل على طردهما من الجنة حيث إنه سمع قوله تعالى « يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى» ثم وسوس الشيطان لآدم قائلاً له «هل أدلك على شجرة الخلد» وأضاف: «وقال مانهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين» «فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سواءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكم عدو مبين». فما ذاقا الشجرة الممنوعة عصياناً لأمر الله، ولكنها في الحقيقة تنفيذ لأمره لإرادته تعالى، وكانت حكمة من رب العالمين ليرى بنو آدم كيف يفعلون إذا وقعوا في محظور، فوسوس الشيطان لآدم حتى أكل من الشجرة هو وزوجه وبدت لهما سواءتهما، ثم استغفر آدم ربه فغفر له وأمره أن يهبط وزوجته من الجنة، وألهم الله سبحانه وتعالى آدم بالغفران وسرعة التوبة وتاب وأصبح من الأنبياء والمرسلين وذكر البعض ان الشجرة هي شجرة الحنطة وذكر آخرون بأنها التفاحة وظلت في بطنهما شهراً كاملاً بما تولد عنه الحاجة إلى التبول والجنة ليست مكاناً لذلك. وربما ترتب على هذا تولد الحواس البشرية لآدم عليه السلام الذي غش زوجته وحملت منه ولم يكن في الجنة محلاً للولادة، ومن العجيب ان يكون الابن الذي حملت به في الجنة هو أول عاص على وجه الأرض من بني آدم بسبب خطيئة القتل التي ارتكبها ضد أخيه وحقق بذلك نبوءة الملائكة الذين قالوا لربهم عن خلق آدم «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء». أنجبت زوجة آدم على الأرض عشرين بطناً في كل مرة توأم أحدهما ذكر والآخر أنثى، كان أولهم ابنها قابيل وأخته التوأم إقليما، وثانيهما هابيل وأخته التوأم لبودا، وكانت لبودا، أقل جمالاً وحسناً من إقليما، وقد أوحى الله إلى آدم ان يزوج كل ولد من أولاده بتوأمه الولد الآخر لهذا أمر آدم هابيل ان يتزوج من إقليما وقابيل من لبودا، فرفض قابيل الزواج من لوبدا وأصر على الزواج من توأمته إقليما فقال آدم لولديه قرباناً لله فأيكما يقبل قربانه يتزوج إقليما فقدم قابيل كمية من ثمار مزرعته وقدم هابيل قربانا ارتضاه فقبل من هابيل. هنا أكلت الغيرة قلب قابيل وصمم على قتل أخيه هابيل وبهذا نجح إبليس في أول عمل يقوم به ضد بني آدم فوسوس إلى قابيل ان يرفض زواج هابيل من توأمته ثم أغر في صدره أنه يقتل أخاه هابيل وتم له ذلك. وصعدت روح هابيل تشكو إلى ربها ظلم أخيه الإنسان وكانت هي روح أول شهيد تدخل الجنة وكان الدافع وراء هذه الجريمة هي المرأة وبمباركة من الشيطان. ولقد حزن آدم وزوجته على ابنهما أشد الحزن ولم تطق الأم رؤية ابنها أمام عينها ملطخة يداه بدم أخيه وطلبت من آدم أنه يبعد عنها هو وتوأمته إقليما سبب تلك الجريمة الكبرى، وتم نفي قابيل إلى مكان يقال انه في أرض اليمن وعاشا وانجبا نسلاً كثيراً، وأما باقي أولاد آدم فاستمرا مع أبيهم وتزوجوا كما أمرهم الله وأنجبوا ذرية ثم تفرقوا في الأرض لتعمر بهم. عاش آدم عليه السلام طوال ألف عام وكذلك زوجته وماتت عليها السلام بعد آدم بسنة واحدة والله أعلم. صقر محمد المقيد مدير إدارة التعاون الدولي أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية