قضت محكمة فلسطينية في الضفةالغربية أمس الخميس بإعدام فلسطيني يبلغ من العمر 43 عاما رميا بالرصاص بتهمة الخيانة والتواطؤ مع الجيش الاسرائيلي. وادانت المحكمة المؤلفة من ثلاثة قضاة منذر حفناوي بمساعدة قوات الامن الاسرائيلية على قتل ناشط من اعضاء حركة المقاومة الاسلامية «حماس» بالقرب من مخيم للاجئين خارج نابلس في فبراير شباط الماضي. وينتظر الحكم تصديق الرئيس ياسر عرفات عليه، وابلغ حفناوي المحكمة انه كان يمد اسرائيل بمعلومات عن الانشطة الفلسطينية منذ عام 1979 . وعرضت على المحكمة ادلة منها ارقام تليفونات ضباط بالمخابرات الاسرائيلية مخزنة على التليفون المحمول الخاص بحفناوي. واذعانا لضغوط داخلية متزايدة اعدمت السلطة الفلسطينية اثنين بتهمة التواطؤ مع اسرائيل منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية على الاحتلال الاسرائيلي في اواخرسبتمبر ايلول الماضي. وحكم على كثيرين غيرهما بالاعدام واعتقل العشرات في اعقاب بدء اسرائيل تنفيذ سياسة مهاجمة قيادات المقاومة الفلسطينية التي تزعم انها تخطط لهجمات على اسرائيليين. وقتل مسلحون مجهولون متواطئين آخرين. وحفناوي هو رابع متواطئ يحكم عليه بالاعدام خلال شهر. بدأت قصة الحفناوي عام 79 حينما كان طالبا في جامعة النجاح الوطنية فرع التجارة والاقتصاد ارتبط مع المخابرات الإسرائيلية إثر تعرضه لضغوط نفسية كبيرة بعد اعتقاله في العام المذكور. ويقول الحفناوي في اعترافاته ان المخابرات الإسرائيلية كلفته بالانضمام الى صفوف الجبهة الشعبية لمدة سنتين ثم امرته المخابرات بالتحول الى الكتلة الإسلامية في الجامعة تحت ذريعة عودته من الكفر الى الإيمان. وبالفعل بدأ يتقرب رويداً رويداً من كوادر ونشطاء الكتلة الإسلامية في الجامعة وبدأ يواظب على الصلاة في مسجد الجامعة ويرفع الاذان خاصة ان صوته جميل ويحرص على حضور جلسات حفظ القرآن الكريم والتجويد التي كانت الكتلة الإسلامية تنظمها للطلبة في الجامعة وتمكن خلال فترة وجيزة من حفظ القرآن الكريم!! هنا برز الحس الأمني عند الشيخ جمال منصور، وهو كان في وقتها طالبا في الجامعة ومسؤول الكتلة الإسلامية في الجامعة ومؤسسها ابلغ الحفناوي بصورة واضحة ومباشرة انه شخص غير مرغوب فيه في صفوف الكتلة الإسلامية وهو ما يفسر طرده وتجميده وفصله بسبب الشبهات حوله بقيامه باختلاس أموال وسرقتها. كان جهد الحفناوي في بداية ارتباطه على مراقبة نشاطات الكتل الطلابية وتزويد رجال المخابرات الذين كان يلتقي بهم بشكل دوري في اماكن مختلفة عن قيادات الكتل الطلابية في الجامعة ويحاول بشكل مستمر ان يفتعل المشاكل والخلافات بينها وكل ذلك بتوجيه وارشاد من المخابرات الإسرائيلية. وواصل الحفناوي عمله في المخابرات الإسرائيلية وقام بفتح محل للألبسة في نابلس عام 97 ووظف فيه ثلاث من نشطاء حماس بينهم محمود المدني الذي تسبب في اغتياله والشهيد فهيم دوابشة الذي اغتيل في مكتب يديره الشيخ جمال منصور في نابلس الاسبوع الماضي واسفر عن سقوط ثمانية شهداء. وبحسب اعترافاته فان المخابرات الإسرائيلية تعهدت بتغطية نفقات اجرة المدني عندما عمل في محله ليبقى قريباً منه، وقد ساعد بالفعل في اعتقاله مرتين الأولى عام 93 حينما ارشدهم على وجوده داخل المسجد والثانية عام 97 حينما اصطحبه معه الى رام الله باتفاق مسبق مع المخابرات الإسرائيلية وجرى اعتقاله في الطريق. وذكر احد الشهود من بلدة اماتين قضاء نابلس في المحكمة ان العميل المذكور كان يطوف مع رجال الدعوة والتبليغ ويزور منازل النشطاء في البلدة واعتقل خلال زياراته ما بين 20 و30 من النشطاء، واضاف الشاهد انه شاهد الحفناوي مع شخص مشبوه من القرية تمت تصفيته لاحقا على ايدي نشطاء الانتفاضة لتورطه بالعمالة والخيانة واضطر اهالي اماتين لابلاغ صهر الحفناوي من ابناء البلدة بضرورة منعه من المجيء الى القرية لتحركاته مع المشبوهين. واعترف الحفناوي ان المخابرات الاسرائيلية قامت بتدريبه على استخدام السلاح وكتابة تقارير غير مرئية وارسالها بواسطة البريد وغيرها من الأمور. وادعى الحفناوي انه قطع ارتباطه مع المخابرات عام 99 ولكنه استجاب لطلب من ضابط المخابرات الاسرائيلي الملقب باسم «منير» لمقابلته في اسرائيل بتاريخ 4/1/2001، اي قبل شهر من اغتيال المدني ودار معظم الحديث في اللقاء عن المدني وتحركاته ومكان عمله وسكنه وغيره من الأمور، وقد عرض ضابط المخابرات صوراً فوتوغرافية للمدني وطلب منه ان يريه على الخارطة خط سيره اليومي. لم تتوقف نشاطاته عند مراقبة المدني بل حاول زرع جهاز تنصت في هاتف خاص أراد الحفناوي وبتوجيه من المخابرات الاسرائيلية تقديمه للمدني لكن الاخير رفض استلام الهاتف وفضل عدم اخذه في اشارة على ما يبدو انه بدا اكثر حذرا ويقظة منه خاصة بعد تكرار عمليات الاغتيال بواسطة الهواتف. 19/2/2001 يوم الجريمة والقشة التي قصمت ظهر البعير ولكن كانت النتيجة ان ذهب ضحيتها شاب عسكري كبير من حماس كان آخر يوم يعيشه منذر الحفناوي حرا طليقا قبل أن تتمكن الاجهزة الأمنية الفلسطينية من وضع يديها عليه. شك الحفناوي من لقاءاته المتكررة مع ضابط المخابرات الاسرائيلية انها تنوي اغتيال المدني في 5/1/2001م فقام بابلاغ صهره وسائقه الخاص نادر أبو حمدة بان يبلغ محمود المدني بأن شخصاً ما اتصل به واخبره أنه معرض للاغتيال وضرورة الانتباه، وفي نفس اليوم ظهرا التقى الحفناوي مع ضحيته في مسجد المخيم وصلى بجانبه!! يقول ابو حمدة بانه اوصل الرسالة الشفوية ثم توجه العميل للصلاة ظهراً في مسجد فتوح حيث دار حوار بينه وبين الشهيد المدني الذي قال له ان اليوم مر دون اغتيال، فقال له العميل ان اليوم 24 ساعة. مصادر أمنية فلسطينية تفسر خطوة الحفناوي في تسريبه لامكانية اغتيال المدني تأتي فقط في محاولة التضليل التي كان يمارسها العميل وبتوجيه من المخابرات الاسرائيلية من اجل طمأنة الشهيد المدني الذي قام بابلاغ تنظيم حماس بهذه المعلومات وعودته الي حياته الطبيعية انه لم يكن هناك امر يثير الشكوك، حتى جاء يوم 19/2. وقال شاهد النيابة محمد نمر عواد انه صلى الظهر مع الشهيد المدني وغادر المسجد بعد انتظار الشهيد الذي كان يتحدث مع المتهم وبعد وقوفهم أمام سور حديث البناء اصيب الشهيد بالرصاص وتم نقله للمستشفى. وأثناء طلب النيابة العامة انزال عقوبة الإعدام رميا بالرصاص بحق هذا العميل وقفت أم الشهيد المدني التي صرخت في وجه العميل «قتلت فلذة كبدي الذي ربيته 25 عاماً، الله ينتقم منك يا خسيس، يا مجرم».