بعض الأطفال يمتازون عن غيرهم بالحيوية وحب المشاكسة، وهؤلاء خلقهم الله اجتماعيين منذ الصغر وبعفوية مطلقة تجعلهم يعرضون صداقتهم دون خجل ولست اعرف نفسيا لماذا تتحقق هذه الصفة في أطفال معينين دون غيرهم وبمعنى ماهو السر في انه حتى الأشقاء لا يتصفون بطبائع متشابهة فنجد أحدهم انعزاليا لا يميل الى الاختلاط بعكس الآخر الاجتماعي الذي يسعى الى التعارف والإفراط في الحيوية. مع انهم ما يزالون صغارا وليس لتربيتهم أي تأثير واضح على تلك الملامح هذه الأسئلة لم اقتنع بحصولي على اجابة لها انما الذي يعنينا في هذه الخاطرة هو التوقف عند رغبة الأطفال في الافصاح عما في داخلهم ربما لأنهم ضاقوا من الاحتفاظ بها او اقلق تفكيرهم ولأنني ارحب بمبادرات اولئك الأطفال في عرض صداقتهم عليّ عندما ألتقيهم في الاماكن العامة مثل الحدائق والمنتجعات فقد سألت احدهم أين والدك رد بعفوية انه يضرب أمي! هنا شعرت بأن الطفل مهموم بهذا الامر فبادرت حتى اريحه من هذا الغم الذي يملأ جوانحه لماذا يا ولدي لم أكن قد عرفت اسمه لأن أمي تتركه ينظف المطبخ. تساءلت معقبا والخادمة؟ رد بسرعة يضربها هي الاخرى لانها لا تقوم بعملها. هنا وضحت لدي الصورة الى حد ما. فالرجل لديه حساسية مفرطة بالنسبة للنظافة يقابله تقاعس من الطرف الآخر في المنزل حتى ان الخادمة كما يبدو استمرأت عدم محاسبتها على تهاونها في النظافة من ربة المنزل فارتكنت الى الكسل. ولأن الرجل بتلك الصفة غير الاعتيادية فهو يستشيط غضبا من واقع المنزل ولاسيما من المطبخ الذي تنطلق منه كافة المتاعب الصحية ولهذا تمتد يده لست ادري بأي آلة يوجهها لمن هو اقرب اليه وخاصة ربة المنزل ثم الخادمة بمثابة احتجاج انني بصراحة لا استسيغ بأي حال اي مظهر من مظاهر الاعتداء ولاسيما على النساء لانهن اضعف من احتمال الأذى وان كانت ألسنتهن لاذعة وتعليقاتهن تثير الرجل في الكثير من المواقف وتطلعاتهن او طلباتهن بالاحرى لا تقف عند حد حتى ان الرجل يستشيط غضبا ويتمنى لو يكرههن او يتخلص منهن ولكنه لا يفعل انما يعود الى توازنه وطبيعته العاقلة بعد مرور الموقف وانحسار الغضب. ولست بهذا ارى الحق مع المرأة وأشجع تماديها بما يثير حساسية الرجل مهما كان الحال انما ادعوها بأن تحسن اختيار الوقت الذي تستطيع فيه ان تعرض رأيها وتناقش الرجل بما يدور في ذهنها من رؤى وتطلعات لا تثقل على كاهل زوجها وهو الذي تعرف امكاناته وقدراته المالية والفكرية كما ادعوها ان تجيد التفاهم باسلوب لطيف مقنع وليس بالصراخ امام الاطفال انما ان يتم ذلك على انفراد. وقد سمعت ان بعض النساء اللاتي يخشين من مغبة الحوار انهن يكتبن ما يجول في خاطرهن على هيئة رسائل ولا اعرف هل هذا اسلوب مألوف ام انه اجتهاد من بعضهن. انني بصراحة اشفق من ان يتطور الخلاف حتى يؤدي الى شقاق يصعب تلافيه فيكون الضحية هؤلاء الاطفال الابرياء لانهم بحاجة الى رعاية وحنان الوالدين حتى لا ينشؤوا على الحرمان الذي يؤدي في الغالب الى اوجاع تستمر معهم طيلة حياتهم وقد تتسبب في انحرافهم لا سمح الله ولننس يا سيداتي دموع التماسيح كوسيلة للتفاهم فقد عفا عليها الزمن لان التفاهم بالمنطق وليس بالبكاء وذرف الدموع هداكن الله. للمراسلة ص.ب 6324 الرياض 11442