عندما يدور الحديث حول بعض الأمور الثقافية والوسيلة إلى نمائها وتشجيعها يرد على استحياء ذكر رجال الأعمال وكأنما هم نفر لا يمتون بصلة إلى اهتمامات مجتمعهم أو على الأقل ان مشاغلهم المالية طغت على كل تفكيرهم حتى جعلتهم ينسون أو يتجاهلون المجتمع الذي يعيشون بين ظهرانية أو في أعماقه، وهو تفكير يسيئ إلى رجال الأعمال ويلحقهم في قائمة الجهلاء المعدومي الوفاء، وهو ما لا يتناسب مع مكانتهم وسمعتهم لأن الرجال الذين يدعمون الثقافة في جميع الأقطار ليسوا من طينة أخرى أو منبت مختلف اذ لابد ان أي رجل أعمال يحتاج إلى قراءة مطبوعة متصفحا لها أو هاويا لمتابعتها وبينهم من ذوي الهوايات فنانون وشعراء ومنظرون تراكمت عليهم المشاغل فأبعدت عنهم التركيز في ذلك المجال الإبداعي بينما آخرون تصالحوا مع هواياتهم فمنحوها بعض وقتهم بل وعطاءهم المادي، والأمثلة واضحة في واقعنا اليوم ولعلي أطالب المحيطين برجال الأعمال وأحملهم مسؤولية تعميق انتماء رجال الأعمال إلى الثقافة وحثهم على الإسهام في دعم مسيرتها, اذ ان البابطين في الكويت والمرحوم العويس في الإمارات وجائزتا أبها والمفتاحة التي دعمها أمير منطقة عسير سمو الأمير الفنان خالد الفيصل وكذلك جائزة أحمد زكي يماني وزير البترول الأسبق لم تمنعهم مشاغلهم ومسؤولياتهم في الالتفات إلى حالة الأدباء فمدوا معهم جسور التواصل وعززوها بإقطاع بعض قدراتهم المالية لتشجيع هذه المواهب عن طريق رصد الجوائز ووسائل التشجيع المختلفة مثل المسابقات ودعم الندوات، وهذا أمر ليس بالجديد في عالمنا العربي فقد كان كبار القوم هم الذين يجعلون الشعراء والفنانين بل والعلماء يلتفون حولهم ويقربونهم من مجالسهم, ولست بحاجة إلى ضرب أمثلة من التاريخ لأنه لولا رعاية بعض خلفاء بني العباس للعمل والعلماء وقبلهم الأمويون لما تفوقت تلك الفترة ثقافيا من تاريخنا وتلاقحت مع ثقافات الأمم الأخرى في ذلك الزمان فأخرجت لدينا تلك اللآلئ التي ما زال العالم ينهل من معينها فكريا. وفي وقتنا الحاضر هناك شخصيات كثيرة اسبغ الله عليها بسعة الرزق مطالبة بالإسهام في مسيرة الثقافة بل إنني أحمل المحيطين بهم مسؤولية حثهم بالنصح على مثل هذه الخطوة التي سوف يكون لها الأثر الحسن على مجتمعهم بل وحتى على ذكرهم ولست بحاجة إلى تحديد الأسماء لأنها معروفة بكثرة الملايين زادهم الله من فضله انما ننتظر من المحيطين بهم تذكيرهم بفوائد مثل تلك الإسهامات الخيرية على طائفة من أبنائهم وإخوانهم المثقفين الذين يحتاجون إلى الدعم المادي لأن الفكر والمادة لا يجتمعان في وعاء واحد في عصرنا الراهن والمسؤولية الاجتماعية موزعة بين الأفراد كل في مجال امكاناته وقدراته, فهل سوف نسمع بأن رجل الأعمال الفلاني قد رصد لمثل هذا التشجيع مبلغاً جيدا من المال خدمة لمجتمعه وتخليدا لذكره؟ نرجو ذلك. للمراسلة ص,ب: 6324 الرياض 11442