في بداية شهر ربيع الأول 1422ه بدأت اختبارات الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 1421/1422ه وقبل نهايته تنتهي الاختبارات في مختلف المراحل الداراسية في التعليم العام بنين وبنات، وكذا طلبة الجامعات وبعدها تبدأ الإجازة الصيفية لهذا العام والتي تستمر حوالي الشهرين. والاجازة ضرورية للموظف والطالب لانها راحة للجسم والعقل بعد عناء ودوام عام دراسي كامل مليء بالمشاغل والارتباط اليومي لأغلب ساعات النهار. وجزء من الليل. راحة للفكر الذي جرى اعماله طيلة ايام الدراسة في البحث والتنقيب والمذاكرة بين طيات الكتب الدراسية.. ومختلف المراجع. والاجازة الصيفية طويلة يجب استغلالها والاستفادة منها فكيف نستفيد من هذه الاجازة؟؟ أخي الكريم: رب الاسرة: إنك المستهدف بالدرجة الاولى في هذا الحديث الاخوي لانك مسؤول عن كامل اسرتك نساء واولادا. مسؤول عنهم في اقامتهم وسفرهم وتزداد مسؤوليتك عند سفر الاسرة وتغير البيئات والمجتمعات التي يختلطون فيها بين الحسن والسيئ. ونحن على ابواب الاجازة الصيفية والقليل من الناس من لا يسافر فيها للنزهة يمنة ويسرة في الداخل والخارج وبين يدي هذه الاجازة أساهم بايضاح لما أراه من وجهة نظري منهج يمكن الاسترشاد به للاستفادة من هذه الاجازة للافراد والجماعات والاسر وذلك على النحو التالي: 1-زيارة مكةالمكرمة للعمرة وقضاء بعض الوقت بجوار بيت الله الحرام، ففي ذلك خير الدنيا والآخرة. فالصلاة في المسجدالحرام بمائة ألف صلاة فيما سواه، وهذا فضل من الله عظيم يجب على المسلم استغلاله والظفر به.. وهذا خير ما يستفيد منه المسلم والمسلمة في هذه الاجازة الصيفية. ولاشك ان البقاء في مكة فترة من الوقت هو خير ما يفعله الانسان لاستغلال اجازته ذكراً وأنثى لما فيه من الثواب العظيم في الصلاة وقراءة القرآن وعبادة الله سبحانه وتعالى. كما ان هذا هو افضل ما يختاره الرجل اللبيب لاسرته لما فيه من تربية روحية للكبار والصغار لمن اراد السفر بأسرته ان يجعل لمكة نصيب الاسد من مدة الرحلة اذ مع النية الصادقة والاحتساب يثاب الانسان منذ سفره وحتى عودته وما بينهما بالاجر العظيم والنفقة المخلوفة، ولا سيما ومكةالمكرمة قريبة من بعض مصائف المملكة كجدة. والطائف. والباحة وينبع ورابغ، وبالامكان زيارة هذه المصائف او بعضها قبل زيارة مكة. او بعدها ولكي تكتمل رحلة الخير والبركة لا تنسى اخي المسلم زيارة مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم والصلاة بالمسجد النبوي الشريف لما في ذلك من الاجر والخير العميم. 2-السفر مع العائلة لمصائف المملكة المختلفة والتمتع بأجوائها الجميلة وخضرتها النضرة وهوائها العليل. والتمتع بسواحل المملكة البحرية في المنطقة الغربية. او الشرقية او الجنوبية وقضاء بعض الوقت في مصائفها ومنتزهاتها الجميلة التي جهزت واعدت خير اعداد لاستقبال المصطافين من المواطنين. وكلفت الدولة الشيء الكثير بحثا لراحة الوافدين اليها من الداخل. ولاشك ان قضاء الاجازة الصيفية أو جزء منها في احد مصايف المملكة مفيد للاسرة لما في ذلك من امن وامان واطمئنان تتمتع به المملكة العربية السعودية. وسيجد زوار مصايفنا الجميلة كل مقومات الراحة وسيقضون وقتاً طيبا واجازة هادئة تحقق لها باذن الله كل سبل النجاح والمتعة التي يتوقون للظفر بها بعد عناء جسمي وفكري دام عاماً دراسياً كاملاً. 3-الاجازة الصيفية فرصة طيبة يمكن الاستفادة منها لصلة الارحام وزيارة الاقارب والتواصل معهم أسرا وأفرادا سواء منهم من كانت اقامته في المنطقة التي تقيم فيها الاسرة ومحافظاتها المختلفة. او في اي مدينة بالمملكة. وفي زيارة الاقارب دروس اسلامية للشباب بنين وبنات ليتعرفوا على اقاربهم ويتعودوا على زيارة وصلة الارحام التي حث الاسلام على صلتها والبر بها الاقرب فالاقرب ولا سيما ونحن في وقت قل فيه البر وكادت الارحام ان تنقطع نتيجة لطغيان المادة، وانشغال الناس في جمع حطام الدنيا . والتناحر والتباعد من اجلها )فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم( ونرجو الله سبحانه الا نكون ممن عناهم الله سبحانه وتعالى بهذه الآية. إن الشباب الصغار هم احوج ما يكونون الى ترسيخ الصلة بينهم وبين أقاربهم لما في ذلك من اثر عليهم بعد كبرهم. والصلة المحمودة هي التي لا يترتب عليها اي غرض دنيوي مستهدف. وانما قصد بها البر والاحسان والصلة ووجه الله والدار الآخرة. وهذا هو المفهوم الصحيح الذي يجب غرسه في قلوب وسلوك الناشئة، وقد اثنى الاسلام على الرجلين يتحابان في الله يجتمعان ويتفرقان على ذلك، ولو لم يكونا اقارب، فما بالك بالاقارب وقد وعدهم الله سبحانه ان يظلهم في ظله يوم لا ظل الا ظله كما في الحديث الشريف. 4-يمكن استغلال الاجازة الصيفية لزيارة المناطق والمدن والمحافظات التي لم يسبق للمرء زيارتها ومعرفتها قبل ذلك سواء كانت الزيارة مع العائلة او على انفراد بالنسبة للطلاب، وهذه الزيارات تكسب السائح او الزائر خبرة ومعرفة اجزاء من وطنه يسمع عنها في الاذاعة والتلفزيون، ويقرأ عنها في الصحف والكتب الدراسية فعلاوة على قضاء وقت ممتع يضيف الانسان الى معارفه شيئا جديداً عن وطنه. ولاشك ان جميع مناطق المملكة ومدنها مهيأة لاستقبال الزوار والسائحين على مدار العام ففيها الحدائق والمنتزهات المتعددة وفيها الفنادق الراقية والعمارات والشقق المفروشة ووسائل الترفيه المختلفة. 5-السفر للمصائف خارج المملكة سواء كان للافراد أو العوائل وهذا يتطلب من جميع المسافرين أخد الحذر والحيطة والمحافظة التامة والتمسك بالدين القويم. وتأدية الفرائض والواجبات في وقتها. والتحلي بالآداب والقيم والسلوكيات الحميدة التي أمرنا الله بها وحثنا على انتهاجها والتمسك بها رسوله صلى الله عليه وسلم كما ان المسؤولية تزداد في المحافظة على افراد الاسرة من التأثر بما يشاهدونه من مظاهر سيئة وعادات مذمومة في بعض البلدان وتلك مسؤولية رب الاسرة «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته( والاسرة من الرعية والامانة التي اؤتمن عليها الانسان.. وليست النزهة والسياحة في خارج المملكة كما يفهمها البعض تعني التفسخ والانحلال ونبذ العادات الحميدة تمشياً مع المجتمعات التي ذهبوا اليها كما يلاحظ ذلك على بعض السياح. ان المسلم يمر باختبار صعب عندما يكون وسط مجتمعات غير مسلمة. او في بلدان تكثر فيها المخالفات وواجب عليه اثبات وجوده. والاعتزاز بدينه. واظهار الخير والصلاح كما يظهرون الشر والفساد. والتأكيد على اسرته بذلك «ألسنا على الحق وهم على الباطل». إن المسلم مطالب بالمحافظة على دينه وآدابه وشيمته. واخلاقياته سواء كان في الداخل والخارج والله مطلع عليه هنا وهناك فرب البلدين واحد. والمسلم الحق هو الذي يؤثر في الآخرين ولا يتأثر بمن دونه ديناً وخلقا. ان على المسلم طلب معالي الأمور والابتعاد عن مهاوي الردى، والعمل على حفظ وصيانة أسرته وابنائه ومطالبتهم بتأدية ما فرض الله عليهم والتحلي بكل خلق قويم. هذا إذا قدر لهم السفر الى خارج المملكة. ومن وجهة نظري ان بقاء النساء والاولاد في وطنهم اصلح لهم دينا ودنيا وفي ذلك براءة لذمة رب الاسرة الذي سيسأل عنهم يوم القيامة. هذا لمن اراد السفر بأسرته خارج مقر سكنه اما بالنسبة لمن لم يسافر اثناء الاجازة الصيفية ويرغب البقاء في بلده فإن هناك العديد من المناشط والفرص التي من خلالها يقضي الانسان فيها وقته ويستفيد من اجازته وعلى سبيل المثال ما يلي: 1-إلحاق الطلاب بالمراكز الصيفية التي تقيمها وزارة المعارف اثناء الاجازة الصيفية في جميع مدن ومحافظات المملكة وفي جميع التجمعات السكانية، وتشتمل هذه المراكز على الكثير من البرامج الدينية والثقافية والاجتماعية والرياضية وهي فرصة طيبة للطالب لشغل وقت فراغه فيما يفيد ويعود عليه بالخير العميم. ولا سيما وهي مراكز مميزة يشرف عليها نخبة من المعلمين المتميزين علماً وخلقاً، وترصد لها وزارة المعارف ميزانية مناسبة. ويزاول فيها الطلبة العديد من المناشط والاعمال الفنية واليدوية والثقافية وتقيم المسابقات بين المنتسبين اليها وتقوم ايضا برحلات الى بعض المصائف والى مكةالمكرمة لاداء العمرة لبعض منتسبيها وهي بالجملة مجال خصب ومميز لاستقبال الشباب في الاجازة الصيفية من كل عام واستثمار اوقاتهم فيما يفيد. وقد احسنت وزارة المعارف صنعاً بهذا النهج الفريد الذي دأبت عليه منذ سنوات عديدة. 2-يمكن للطلبة المكملين الالتحاق بمراكز الخدمات التربوية ومراكز التقوية التي تقام من خلال هذه المراكز اثناء الاجازة الصيفية للاستعداد لاختبارات الدور الثاني وهي فرصة هيأتها وزارة المعارف لطلابها يجب استغلالها والاستفادة منها لمن هم بحاجة اليها ممن لم يقدر لهم السفر اثناء الاجازة هنا وهناك علاوة على ما فيها من شغل وقت الفراغ لدى الشباب. 3-في الاجازة الصيفية يمكن للطلبة وفي مختلف المراحل الدراسية الاستفادة من المكتبات العامة والخاصة للمطالعة والقراءة الحرة. واعداد البحوث في شتى فروع المعرفة. والنهل من معين الثقافة بما يناسب ويتلاءم مع مستوى الطالب وهوايته. أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب وقد جهزت المكتبات العامة بالكتب المتنوعة والمراجع النادرة والموظفين المؤهلين والمدربين لمساعدة الطلبة والباحثين. وفي المكتبات والكتب فرصة للشباب لزيادة الوعي المعرفي واكتساب معارف قد لا يستطيع الحصول عليها أثناء العام الدراسي. وقد جعلت المكتبات العامة دوامها على فترتين - صباحية. ومسائية بما يتناسب واوقات فراغ الطلبة والمراجعين، كما زودتها بجميع الصحف والمجلات والمطبوعات الدورية ليجد فيها الطالب والباحث ما يريد. كما جهزت بطاولات للمطالعة. وآلات للتصوير لمن اراد ذلك. 4-استغلال الاجازة الصيفية بزيارة الحدائق والمنتزهات ومدن الالعاب لقضاء بعض الوقت فيها بصحبة الاولاد وهي متوفرة في جميع مدن ومحافظات المملكة. وقد زودت بجميع وسائل الراحة والتسلية ووفرت فيها جميع الالعاب والمناشط التي تناسب الصغار وتتيح لهم فرصة قضاء وقت ممتع فيها. 5-بعض الاسر تستفيد من الاجازة الصيفية لتنفيذ بعض الاعمال الخاصة كترتيب المنزل مثلا وعمل بعض الاصلاحات اللازمة لتعذر ذلك اثناء العام الدراسي وانشغال الابناء بالدراسة والاسرة بالعمل، وهذا امر جيد اذ إن تنظيم الوقت والاستفادة من الفراغ، وعدم زعزعة الاسرة وازعاجها بأعمال تتطلب اخلاء جزء من المنزل، او دخول العمالة ومواد البناء وتكاثر الغبار والاتربة فاستغلال الاجازة الصيفية لمثل هذه الامور مريح للأسرة وغير مخل ببرامجها اليومية ودراسة أبنائها. وبالجملة فان استغلال الاجازة الصيفية في هذه الامور وخلافها من البرامج والزيارات المثمرة والسفر داخل المملكة كما أسلفنا امور مباحة اذا تمت المحافظة على امور الدين وما تحث عليه من الآداب والحشمة والتمسك بالاخلاق الفاضلة. وكذا زيارة مكة والمدينة والمكث فيهما جزءا من الاجازة هو امر طيب ومفيد يجمع بين الراحة والنزهة والاستزادة من الاجر ويخفف عن الاسرة عناء عام كامل أمضاه الابناء في الدراسة والمذاكرة. والتردد على المدرسة وفيه ايضا قضاء لوقت الفراغ فيما يفيد ويجعل الطلبة والطالبات. والمعلمين والمعلمات يعودون الى اعمالهم مرة اخرى بكل همة ونشاط بعيداً عن السأم والروتين الذي يتكرر عليهم طيلة العام الدراسي. ولكن النصيحة والوصية المسداة للجميع هي مراقبة لله في السر والعلن في السفر والاقامة والمحافظة القائمة بما اوجب الله عليهم من الفرائض والواجبات ومراقبة البنين والبنات وحثهم على الفضيلة والابتعاد عن الرذيلة كما يجب على الجميع الشكر لله المنعم سبحانه على ما هيأ ووفر لهم من النعم والخيرات والامن والامان والراحة والاطمئنان مما جعلهم يتمتعون بها . فالنعم اذا شكرت قرت وزادت والعكس قال تعالى «لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد». وتزداد مسؤولية رب الاسرة ووليها اثناء سفرهم عن بلدهم واختلاطهم بغيرهم في المجتمعات التي تمرون عليها او يمكثون بها فعليه الحفاظ على الاسرة والابتعاد بها عن مهاوي الردى والزامها بالتمسك بآدابها واخلاقياتها في الحل والترحال لتكون الاجازة ممتعة ومفيدة لاخسارة ووبال على الجميع فالمخاطر كثيرة.. والفتن محدقة والصراع بين الخير والشر مستمر والسعيد من وعظ بغيره. قال الشاعر: ومن رعى غنما في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها السبع حفظ الله المسلمين من كل سوء. وآثابهم أجراً من عنده. وننصح ارباب الاسر بعدم السفر بهم للخارج لقضاء الاجازة لما في ذلك من ضرر على اخلاقهم وسلوكياتهم نتيجة ما يشاهدونه في تلك البلاد من الانحراف والتفسخ وعدم التمسك بالدين وآدابه. كما ان سفرهم الى بعض البلدان يتطلب من الاسرة التأدب بآدابهم والسير حسب منهجهم في اللباس والحجاب. والمآكل والمشارب وكثير من الامور التي نربأ بالاسرة المسلمة عنها وستضطر الاسرة الى التنازل بحكم التقليد والمحاكاة عن كثير من الآداب والشيم والسلوكيات التي تتميز بها الاسرة. وهنا تكون المعصيبة عظيمة والمكاسب سيئة وسيعود الابناء والبنات وقد تأثروا بتلك المجتمعات واكتسبوا الكثير من الطباع والاخلاق السيئة التي تظهر بوادرها فور وصول الاسرة الى بلدها والنظر بعين البصر والبصيرة الى المكاسب والخسائر.لذا ننصح اخواننا المواطنين الذين يرغبون السفر اثناء الاجازة ان يجعلوا سفرهم داخل وطنهم في الشمال او الجنوب او الشرق او الغرب وكلها والله صالحة للمتعة والسياحة ومهيأة لذلك وتتميز عن غيرها من البلدان الخارجية بتوفر الامن والامان والراحة والمحافظة التامة علاوة على ما تستفيده البلاد اقتصاديا من السياحة الداخلية بما يعود على الوطن والمواطن بالخير العميم ولا سيما ولدينا الاماكن المقدسة التي يتمنى كل مسلم الظفر بزيارتها ولو في العمر مرة الحمد لله اولا واخيراً. والدعاء من الاعماق بأن يحفظ الله لهذه البلاد دينها وامنها وأمانها ويحفظ لها قادتها انه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.