بدأت إجازة نهاية العام الدراسي، وبدأ الأطفال في نسج خيالاتهم حول الأماكن المفترض زيارتها هذا العام، خاصةً لمن تعوّد منهم السفر سنوياً، حيث ينتظرون بفارغ الصبر كلمة الفصل من والديهم لتحديد الوجهة السياحية، إلاّ أن المفاجأة عندما يعتذر الوالدان عن عدم قدرتهم لظروف العمل أو المادة أو لارتباط الأسرة بمناسبات وظروف تستدعي المكوث في المدينة؛ لتبدأ معاناة الأهل مع أبنائهم مع التذمر والشكوى، وكذلك عند التحدث عن سفرات أصدقائهم وأقرانهم. ويخطئ بعض أولياء الأمور بتعويد أبنائهم على السفر، الأمر الذي يجعلهم يتعلقون به كثيراً، وهو ما يضغط على ميزانية الأسرة في كل عام، وهنا لابد من تنشئة الأطفال على أن الترفيه ليس محصوراً في السفر فقط، بل يمكن الحصول عليه بالذهاب إلى المتنزهات القريبة، وكذلك بالالتحاق بالأندية الصيفية، أو أداء رحلة قصيرة إلى القرية للالتقاء بالأهل والأقارب. تذمر وشكوى وقال "سلمان أحمد": تعودت في كل عام أن أسافر بأبنائي حتى لو كانت السفرة لمدة أسبوع، لكن العام الماضي لم أتمكن من اقتصاص ربع هذه المدة للسفر؛ لظروف بناء المنزل، حيث استغللت فترة الإجازة بمتابعة العمّال والإشراف عليهم، لكنني فوجئت بردة فعل أبنائي الذين لم يقدروا هذا الظرف، مبيناً أنه ما إن يدخل المنزل حتى يبدأ أطفاله بالتذمر والشكوى من "الطفش"، وكذلك عدم تحملهم الأجواء، مشيراً إلى أنه وعدهم بالتعويض في الإجازة القادمة. ظرف صحي وأوضحت " منيرة القحطاني" أنها ألغت كل ترتيبات إجازتها وسفراتها بسبب ولادتها قبل موعدها، مما جعل إجازة أبنائها مرهونة بوضعها الصحي، مضيفةً أنها لاحظت الضيق والحنق من أطفالها الذين خططوا للسفر خارج المملكة، واستعدوا لهذه السفرة منذ أشهر، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، لافتةً إلى أنها بدأت بالتفكير باستغلال الإجازة بإدخالهم بمراكز صيفية أو إدخالهم بمعاهد لغة أو تعليم حاسب آلي، حتى لا يشعروا بالملل. أطفال يستمتعون بإجازتهم في إحدى الحدائق «أرشيف الرياض» ثقافة سياحية وأكد "خالد القرني" على أن السفر متعته الأولى حتى وإن كلّف كثيرا من الأموال، لكنه لا يستمتع إلاّ مع أسرته، مضيفاً أنه يتهيأ دائماً لأخذ إجازته مع إجازة أولادة وزوجته، ويحرص أن يختار معهم المكان بعناية، حتى يكون لديهم ثقافة سياحية فيما بعد، مبيناً أن بعض الأسر لا يسمح لها وضعها المعيشي أو ظروفها الاجتماعية للسفر الدائم، حيث نجدهم يستغلون الإجازة بحضور المناسبات الاجتماعية، أو إشغال أطفالهم في ما يعود عليهم بالمتعة كالمراكز الصيفية أو حتى اشراكهم برحلات مصغرة داخل المملكة، أو حتى أخذ يومين لزيارة إحدى المصائف في الداخل كأبها والطائف والباحة، ذاكراً أن هناك من يؤمن بمبدأ السعادة تخلق في كل مكان حتى وإن كانت دون سفر. وجاهة اجتماعية وقالت "فوزية الوادعي": إن السفر لدى البعض يُشكِّل جزءا من الوجاهة الاجتماعية، حتى وإن لم يكن الوضع المادي للأسرة لا يسمح بالادخار، مضيفةً أن هناك من يقترض لأجل السفر، موضحة أن ذلك مفهوم خاطئ قد ترسخه الأسر في أذهان أطفالها، مؤكدةً على أن السفر ترف وليس ضرورة، ذاكرةً أنه من الممكن الاستمتاع بالإجازة كيفما كانت وبدون ترتيب أيضاً، متى ما اتفقت الآراء وعرف الأهل والأطفال استغلالها بما يفيد. زيارات عائلية وأشار "صالح اليامي" إلى أن رب الأسرة يدخل في مضايقات مادية بسبب مفهوم الترفيه لدى الأبناء، الذين يجدون أن مفهوم الإجازة في الصرف وهدر الأموال دون حساب، مضيفاً أن الإجازة لابد أن تكون بمبدأ استغلال الأوقات بشكل يوجد الترفيه لدى الأسرة، وكذلك الشعور بالخروج من الروتين بالرحلات البرية أو البحرية بشكل حميمي، إضافةً إلى الزيارات العائلية المحببة، إلى جانب القراءة البعيدة عن الكتب المدرسية، وربما بالتنقل إلى المناطق القريبة لأجل صلة الرحم وفي ذلك متعة وأجر وتغيير كبير. رحلة سفر واعتبر "وليد العبدالعزيز" -طالب- أن الإجازة الصيفية إن لم تقترن برحلة سفر فإنها لا تعد إجازة؛ كونها مثل أيام عطلة نهاية الأسبوع أثناء سريان الدراسة، مضيفاً أنه اعتاد على الأماكن القريبة التي بمقدوره الذهاب إليها نهاية كل أسبوع، مبيناً أن زيارة عدة دول ومناطق تجعل الإجازة مميزة ويعود الشخص منها بكل نشاط، دون أن يكون هناك ملل من الروتين الذي عاش فيه من قبل. فائدة كبرى وقالت "منى الحزام" -أخصائية اجتماعية-: إن برنامج الإجازة الصيفية تحول إلى موعدٍ مع السفر والاستمتاع والترفيه، ولم يعد موعداً لأخذ قسطٍ من الراحة بعد عناء عام دراسي، أو كسر روتين مُمل مثقل بالواجبات والالتزامات، مضيفةً أنه من الطبيعي وجود أسر لا تتمكن من السفر لأي سبب كان، سواء كان لظروف عملية لرب الأسرة أو صحية أو أسرية أو مالية أو غيرها من الأسباب الكثيرة في وقتنا الحاضر، مبينةً أن المعاناة كبيرة في الصيف، خاصةً في التعامل مع الأطفال، حيث تحتار الأسرة أين تذهب بهم، مشيرةً إلى أننا نعاني من عدم شيوع ثقافة الإفادة الحقيقية من الإجازات؛ مؤكدةً على أنه لو استطاع الفرد أن يتصور أهمية الوقت في حياته لعمل بالفعل على تحقيق الإفادة الكبرى منه، سواء في العمل أو الراحة. تنشئة صحيحة وأوضحت "منى الحزام" أن قضاء وقت الفراغ في الصيف لا يقتصر على السفر فحسب، فالأسرة ذات الدخل المنخفض لديها مجالات عدة لقضائه، منها الزيارات العائلية والتنزه في أرجاء المدينة أو القرية التي يسكنونها، إلى جانب الترفيه من خلال التعلم، مضيفةً أن هناك مراكز صيفية، تقدم برامج ثرية يستفيد منها الأطفال في إشغال أوقاتهم بما هو مفيد، وذلك مقابل رسوم رمزية، حيث تتمتع غالبية هذه المراكز بالملاعب الرياضية والمسابح والأماكن الترفيهية والأدوات والألعاب الترفيهية للأطفال، متمنيةً أن يتم إنشاء المراكز الترفيهية في كل حي، لافتةً إلى أننا نحتاج إلى تنشئة الأطفال بطريقة صحيحة، فالمهم توفير أماكن يستطيعون عبرها أن يفرغوا طاقاتهم بالمفيد، مع استغلال أوقاتهم بما ينفع.