إنه منذ سطوع شمس الرسالة، وبروق فجر الإسلام والصراع قائم على أشده بين هذا الدين وأنصاره من المؤمنين وبين أعدائهم من أهل الكتاب والمشركين والمنافقين الذين ما فتئوا يخططون للقضاء على الاسلام وابادة المسلمين والتحريش بينهم باساليب ماكرة وطرق متعددة يجمعها الحقد الدفين على هذا الدين، ولقد اخبر الله عز وجل عن عداوتهم لنا، وحقدهم على ديننا قال سبحانه «ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم» ففي هذه الآية كشف سبحانه للمؤمنين عما تكنه صدور اليهود وأذنابهم من المشركين على اختلاف انواعهم من الشر والحقد والغيظ بحيث ما يودون ان ينزل الله على المسلمين أي خير سواء كان هداية او كان نصرا او مغنما فهم حريصون على الوقوف في وجه ذلك، والحيلولة بينه وبين المسلمين. وفي كتاب ربنا عز وجل «لتجدن اشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا» اليهود الذين باؤوا بغضب من الله، ولعنهم الله «فباؤوا بغضب على غضب» لقد وصفوا رب العالمين تعالى وتقدس بصفات النقص والذم قاتلهم الله أنى يؤفكون فقالوا «إن الله فقير ونحن أغنياء»، وقالوا «يد الله مغلولة. غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا. بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء هم قتلة الأنبياء والمفسدون في الارض قديما وحديثاً قال اللطيف الخبير جل وعلا في وصفهم «ويسعون في الارض فساداً والله لا يحب المفسدين» هم احرص الناس على حياة ولو كانت حياة الذلة والهوان.. قلوبهم قد امتلأت حسدا وبغياً فحين رأوا أن النبوة قد انتقلت الى بني اسماعيل وأكرم الله بها محمداً صلى الله عليه وسلم كما قال عز وجل «حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق» واستمع الى قول ام المؤمنين صفية بنت حيي بن اخطب اليهودي تقول صفية رضي الله عنها: كنت أحب ولد ابي إليه وإلى عمي أبي ياسر لم ألقهما قط مع ولد لهما الا اخذاني دونه ... فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ذهب إليه حيي بن اخطب وعمي ابو ياسر في وقت الفجر فلم يرجعا حتى غربت الشمس فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى.. قالت: فتعرضت إليهما كما كنت اصنع فو الله ما التفت اليّ واحد منهما..قالت: وسمعت عمي وهو يقول لابي أهو هو؟ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هو النبي الذي سيبعث آخر الزمان.. قال حيي نعم والله.. قال أتعرفه وتثبته؟ قال نعم.. قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت.. نعم هذا هو منطق اليهود كلام يحمل بين ثناياه الحقد والعداوة وجحود الحق، اما افعالهم ضد الاسلام ونبي الاسلام فلا تكاد تحصى كثرة لقد دبروا مؤامرات عدة لقتل النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الله يقول «والله يعصمك من الناس».. لقد قرر يهود بني النضير اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذهب اليهم مع جماعة من اصحابه ليطلب منهم المشاركة في دفع دية رجلين قتلا من حلفائهم فابدوا استعدادهم ظاهرا ثم اجتمعوا سراً وقرروا ان يصعد احدهم الى سطح الحصن الذي جلس الرسول صلى الله عليه وسلم في ظله ثم يلقي عليه صخرة تقضي عليه، فجاءه الوحي من السماء بما دبره هؤلاء الخبثاء فقام صلى الله عليه وسلم مسرعاً الى المدينة ثم اجلاهم منها بعد ذلك. لقد كاد هؤلاء المجرمون للاسلام منذ بدايته فاعلنوها حرباً ضروساً على الاسلام وأهله، وماغزوه الاحزاب التي كاد كيان الاسلام ان يهدم بسببها الا نتيجة لمساعي يهود فأحبط الله كيدهم وردهم مع المشركين خاسئين ونصر الله رسوله والمؤمنين. والعربي خاصة فنشروا فيه الالحاد والفساد، وأحدثوا فيه خواء روحياً، واشغلوا المسلمين عن دينهم بشتى اصناف الملهيات والشهوات ولعب الإعلام الفاسد والمفسد دوره حتى نشأت أجيال لا صلة لها بالله .. نعم يجري كل هذا وأكثر منه، حين تخلى المسلمون عن الكتاب والسنة والعمل بهما واكتفوا بالرسوم وما يسهل عليهم العمل به. ولو رجعوا الى دينهم وتدبروا كتاب ربهم لوجدوا فيه ما يكفي ويشفي. لقد كشف القرآن عن عداوتهم وحذر من موالاتهم والركون اليهم. «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين تريدون ان تجعلوا لله..» «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض» «يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء..» «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم».