أزمة مياه الرياض التي لم تطل فلم تسفر عن وجهها البشع، ولله الحمد يبدو أنها أصابت الناس في مقتل، وجعلتهم يتوجسون خيفة من تصاريف الزمان. فقد وصلني عدد من الرسائل عبر الفاكس والبريد الإلكتروني بالإضافة إلى بضعة اتصالات هاتفية. ونادراً ما أحظى بهذا التفاعل بالرغم من تواضعه عدداً وعلو قدره كيفاً إلاّ أنه بين لي مدى الهلع و«الغثا» والاهتمام الذي ألم بالناس من جراء جفاف الأيام الثمانية. وسنكون واهمين حقاً لو ظننا بأن هذا كاف لزيادة الوعي بأهمية ترشيد المياه، ما لم يتم إمداد الناس بالعلم والمعرفة والتسهيلات اللازمة. وسنكون مخطئين إذا ظننا أننا تعلمنا من هذه الأزمة ما لم نتبن عقلية إدارة الأزمات ونتدرب عليها. نحن إذاً أمام مسألتين: الأولى، الاحتياط وحسن التدبير لمواجهة أية أزمة مياه عابرة. وأتوقع بإحساس خفي أن القادمات كثر. فقد تعودت الأنابيب، سيئة الأصل قليلة الخاتمة، أن تفعلها شتاء فتنفجر عدة مرات دون أن نشعر بها. وها هي الآن بعد أن استمرأت البيات السنوي، شرعت في الانفجار صيفاً. والثانية، ماذا نفعل لترشيد استعمال المياه، لنؤجل كثيراً شبح شح المياه، فلا تذكرنا الأجيال القادمة بسوء، لأننا تركناهم بلا ماء. وأترك بقية المساحة المخصصة لمقالتي مستضيفاً قارئين ومكملاً معكم الأسبوع القادم: الرسالة الأولى أنقلها لقصرها بنصها كما هي: «أستاذي العزيز/ كما أنه من حقنا أن ننتقد مقالا لكاتب.. فمن حق الكاتب أيضاً أن يقرأ أو يسمع صدى أو رد فعل ما كتبه .. لهذا أشكرك على مقالك هذا اليوم عن المياه وليتك تدري أنني أسكن في شارع (طبعاً على شارع) هذا الشارع تسيل فيه المياه بشكل مستمر طوال الأسبوع وكلمت (مراقبة التسربات) ولا جدوى حتى صار ذلك مرضاً مزمناً.. خاصة وأن هناك بعض الوافدين من «الزلمات» يغسلون سياراتهم وبيوتهم بشكل مستمر من باب «أمن العقوبة» والمجاملة لهم كوافدين «شبه مواطنين» أحياناً المهم.. هل اطلعت على ما نشر في ملحق جريدة الرياض ص 3 أعلى اليسار .. عمالة وافدة تستعمل صهاريج نقل المياه المخصصة للشرب.. واللي «الخرطوم» يتدلى في فتحة تصريف «أعزك الله».. لا أطيل عليك وجزاك الله بكل حرف تكتبه لمصلحة وطنك ألف خير.. ابنك س. د. «رجاء عدم الاستشهاد بالاسم». شكراً لك أخي أو ابني «س» على دعائك بأطيب دعاء وأدعو لك بمثله وتلبية لطلبك لم أذكر اسمك صراحة وأثمن روحك الطيبة وحرصك. بيد أن لي تعليقاً وملاحظة. التعليق فهو أني لم أطلع على تلك الصورة التعسة، ولكنه مجرم آثم من يفعل ذلك مهما كان ومن يكون. أما الملاحظة فهي ليس من العدل أن نضع كل اللوم على الوافدين وأنت تعلم علم اليقين أن الدول المتقدمة يقطنها الكثير من الوافدين ولا نقرأ عن التستر عندهم ولا نسمع أن الوافدين لا يتقيدون بالأنظمة هناك. بالطبع هي لا تخلو من عصابات هجرة غير شرعية ومخالفات قانونية بيد أنك وأنا نتحدث عن أمر آخر. أما الرسالة الثانية فمن القارىء العزيز الأخ خالد سليمان القفاري وسأمارس عليها ما يمارسه المحرر على مقالاتي بدعوى المساحة والاختصار فأقتطف منها اقتراحاته الوجيهة في مجملها والتي سردها قائلاً: «الأولى: آمل أن تكون هناك إدارة أو هيئة ما، مشكلة من قبل مصلحة المياه يناط بها عمل الدراسات والبحوث التي من شأنها ان تقلل من كميات المياه المستهلكة على مستوى الفرد أو الشركات أو القطاعات الحكومية. الثانية: آمل أن تكون هناك مواصفات ومقاييس تضعها مصلحة المياه للمساكن وللشركات واللقطاعات الحكومية وبموجبها يتم ايصال خدمة المياه إليها كما هو معمول به من قبل شركة الكهرباء من حيث العزل الخارجي للمنازل ويتم ذلك بوضع مواصفات معينة مثل: «أ» ضمان أن يكون هناك حنفيات أو صنابير آلية بالذات في المغاسل بحيث تعمل بمجرد وضع اليد تحتها عن طريق وجود حساسات آلية، وتقديم التسهيلات اللازمة لهذه البضائع لتأخذ مكانها بالسوق بأسعار معقولة. «ب» بالنسبة للأحواض الزراعية داخل المنازل أو المنشآت فيتوجب عمل تمديدات لها تعمل بالتنقيط حسب مساحة معينة بحيث لا تزيد عن عدد كذا من الأمتار، إذا زاد يتوجب عليه حفر بئر ارتوازي لسقاية هذه المزروعات. الثالثة: إيجاد شركات متخصصة بأعمال التنظيف للمساحات الخارجية للمنزل والشبابيك وذلك باستخدام أجهزة ذات مواصفات معينة تقوم بشفط الغبار بقوة من هذه الأماكن ثم غسلها من خلال تدوير الماء المستخدم عدة مرات وذلك بأسعار رمزية بحيث يتم ذلك خلال فترة وجيزة وتحت إشراف رب المنزل. الرابعة: آمل أن تكون هناك طريقة حضارية يتم بها التعامل مع المخالفين بحيث يتم عمل لاصق على الباب الخارجي للتنبيه على تحرير المخالفة عليه مع إرفاق كتيب إرشادي خاص بكيفية ترشيد استهلاك المياه ومن ثم يتم إضافة رسم المخالفة على الفاتورة بدون قطع الماء عنه. هذا ما عندي .. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد. هذه آمال كبار يا أخي خالد تليق برجل كبير وأرجو أن تجد عيناً لاقطة وأذناً صاغية. أؤيدك في اقتراحاتك كلها وأتحفظ على حكاية البئر ما لم تكن المزروعات ضرورية وإلا فيتم تحصيل رسوم عالية لأن المياه الجوفية أمانة حفظها لنا الأسلاف لنحفظها للأجيال المقبلة. واقتراحك الثالث أرجو أن يشحذ الهمم للاختراع والابتكار وهو يذكرني بقول «ايميرسون»: كل المشاريع العظمى في التاريخ كانت في يوم ما مجرد فكرة شخصية! أما اقتراحك الرابع فهو مزعج حقاً.. للساديين هواة التعذيب الذين يستشعرون اللذة من مرمطة البشر بدعوى تعليمهم وتأديبهم دون أن ينظروا مرة بعينيك، هلا أعرتهما لهم؟ فاكس : 4782781 [email protected],sa