هي الشهوة: والشهوة حين تصير شهوة ملايين النقود بكل ألوانها الحمراء والصفراء والخضراء والزرقاء، فإنها شهوة تعصف بعصبونات عقل الرجل الرشيد وتلوى بأثواب العنيف المثقل . إنها شهوةقراءة الأرقام وهي تمسك بعصبتي عيني الاثنتين ثم تلوب بهما داخل محجريهما، وتبحث عن إجابات المسابقات الصحفية . فتحت صفحة مسابقة صحيفة الشرق الأوسط، وجدت سؤالا ثقافيا، فأجبت عليه، ثم فتحت صفحة مسابقة صحيفة الجزيرة ووجدت سؤال معلومات عامة فأجبت عليه، ثم فتحت صفحة مسابقة صحيفة عكاظ ووجدت سؤال مسابقتها يقول أين الخبر، فمسحت بعيني صفحات الصحيفة ووجدت رقم الصفحة التي ورد فيها الخبر، ثم ختمت ذلك بصفحة مسابقة صحيفة الرياض وكانت مسابقتها تقول اكسب مع الرياض بتصفح ما في الرياض، فتصفحت مسرعا جواب السؤال، ووضعت الجواب. ثم صرت أتأمل جميع صفحات المسابقات الصحفية الكبرى لدينا، وصرت أمني نفسي الحصول على جوائز تلك الصحف جميعا، وحين استدار رقم الجوائز في رأسي وصار مليونا من الريالات، لم أدر إلا وشهوة قراءة الأرقام تحتضن أصفار المليون وتنحني مع انحناءات المليون، وتتلون مع ألوان المليون، ثم صارت تقلب صفحات واقع المسابقات المليونية الصحفية، وتسأل وتتساءل من هو المستفيد وكيف يستفيد؟ ومن يمولها، وكيف يمولها؟ وماهو واقع صحافتنا بها؟وإلى أين تسيرالصحافة بنا وبها؟، وإلى أين تسير هي بنا وبصحافتنا؟ ففتحت صفحات تأملاتي واحدة تلو الأخرى ثم بدأت. واقع المسابقات الثقافية الصحفية السعودية المسابقات الصحفية الكبرى لدينا بشكل عام تتمثل في أربع صحف كبرى هي الشرق الأوسط، الجزيرة، عكاظ، الرياض. مسابقة الشرق الأوسط تأتي تحت عنوان «مسابقة الشرق الأوسط الثقافية»، وفيها يتم توزيع جائزة يومية قدرها 10000 ريال، وثلاث جوائز أسبوعية قيمة كل جائزة 30000 ريال، ثم جائزة شهرية كبرى مقدرها 300000 ريال. مسابقة الجزيرة تأتي تحت عنوان عريض هو «مسابقة الجزيرة الشهرية» وفيها يتم توزيع جوائز شهرية، الأولى قدرها 100000 ريال، والثانية قدرها 60000 ريال ، والثالثة قدرها 40000 ريال، والرابعة قدرها 30000 ريال، والجائزة الخامسة قدرها 20000 ريال، ثم تأتي الجوائزمن السادسة إلى العاشرة بقيمة 10000 للجائزة الواحدة. مسابقة صحيفة عكاظ تأتي تحت عنوان عريض هو «مسابقة عكاظ، أين الخبر؟»، وإجمالي جوائز هذه المسابقة هي 4200000 ريال سنويا، 350000 ريال شهرياً، 10000 ريال يوميا، وسؤال ذهبي شهرياً جائزته 50000 ريال، مع نشر هذا السؤال الذهبي في مجلة النادي التابعة لمؤسسة عكاظ الصحفية. مسابقة صحيفة الرياض تأتي بعنوان هو «مسابقة الرياض الكبرى» وفيها يتم توزيع جوائزشهرية ، الأولى قدرها 100000 ريال، والثانية قدرها 60000 ريال، والثالثة قدرها 40000 ريال، والرابعة قدرها 30000 ريال، والجائزة الخامسة قدرها 20000 ريال، ثم تأتي خمس جوائز بقيمة 10000 للجائزة الواحدة. تاريخ المسابقات الصحفية: ظهرت المسابقات الصحفية منذ سنوات عديدة على صفحات الكثير من الصحف والمجلات، وكانت في بداية ظهورها تركز على جانب تشجيع القارئ على القراءة وطلب الثقافة بصورة أساسية، وكانت الجوائز المرصودة لهذا الشأن جوائز تشجيعية بسيطة مثل قلم، أو ساعة يد متواضعة السعر وما أشبه ذلك، إلى أن بدأت صحيفة الشرق الأوسط بطرح مسابقاتها الثقافية الكبرى، تلك المسابقة التي ركزت لأول مرة في تاريخ صحافتنا على الجانب التسويقي المهم لهذه المسابقات الصحفية والتي عادت بمبالغ كبيرة جدا لصحيفة الشرق الأوسط، الأمرالذي جعل الآخرين يدركون ما في هذه الجوائز بملايينها الحمراء من إغراء لشهية القارئ المفتوحة للكسب دون النظر إلى أي شيء آخر. المعلومة والقيمة المعلوماتية هذه الصحف الأربع تقدم أنواعاً مختلفة من معلومات المسابقات. صحيفة الشرق الأوسط تأتي مسابقتها في مساحة تغطي تقريبا ربع صفحة وفيها تسأل المسابقة سؤالا ثقافيا، وميزة هذه المسابقة أنها تركز على الجانب الثقافي لدى القارئ، ويستطيع من يملك ثقافة واسعة الإجابة عليها بكل سهولة، وعيبها أن القارئ قليل الثقافة يجد بعض العناء و يحتاج إلى بذل الجهد للوصول إلى الإجابة الصحيحة. صحيفة الجزيرة تقدم مسابقتها في صفحة كاملة وتذيلها بسؤال معلومات عامة وإن كانت بعض الأسئلة في بعض الأحيان ذات طابع ثقافي، وميزة هذه المسابقة أنها تركز على تشجيع القارئ على زيادة حصيلته من المعلومات العامة حين تطرح سؤالها، كما أن هذه المسابقة تخدم بشكل أساسي الدعاية لمنتج الشركة أو المصنع الراعي لهذه المسابقة، وعيبها مماثل لمسابقة الشرق الأوسط في أن القارئ يجد بعض العناء ويحتاج إلى بذل الجهد للوصول إلى الإجابة الصحيحة التي قد تحتاج إلى قارئ ذي ذاكرة معلوماتية واسعة. صحيفة عكاظ تقدم مسابقتها في عمود على طول صفحة كاملة بمساحة تغطي نسبة 15% من مساحة الصفحة. وفي هذه المسابقة تطرح الصحيفة خبرا، وتطلب من المتسابق البحث عن الصفحة التي ورد فيها الخبر، وميزة هذه المسابقة سهولة الحصول على الإجابة الصحيحة، وعيبها أنه ليس فيها إضافة معلوماتية أو ثقافية لحصيلة القارئ، والإجابة على هذه المسابقة لا تحتاج إلى القارئ المثقف ولا تحتاج إلى القارئ صاحب الموسوعة المعلوماتية، بل تحتاج إلى قارئ يبحث بعينيه فقط ليجد الخبر ويدون في جوابه رقم الصفحة التي ورد فيها الخبر، ليفوز بالجائزة إن حالفه الحظ. أما صحيفة الرياض، فإن مسابقتها تحتل مساحة أقل بقليل من ربع صفحة من صفحة الرياض)2(، وفيها يطرح السؤال، ويأتي اختيار الإجابة الصحيحة من عدة إجابات في إحدى صفحات الرياض)1(، هذا السؤال يطرح حول قضية أو موضوع تم طرحه في إحدى صفحات الصحيفة مع إشارة واضحة إلى عنوان الصفحة للتقليل من عناء القارئ في البحث عن الجواب، وتطلب من القارئ الجواب الوارد ضمن تلك الصفحة التي تم الإشارة إليها أو التلميح إليها، وهي طريقة تضمن للقارئ العثور على الجواب الصحيح بشيء يسير من القراءة السريعة وتضمن له معلومة يسيرة، وله أن ينتظر الفوز بالجائزة متى ما حالفه الحظ. وميزة هذه المسابقة سهولة الحصول على الإجابة الصحيحة، وعيبهاأن هذه المسابقة لا تتبنى فكرة ثقافية أو معلوماتية القارئ على البحث والتدقيق والاطلاع. هذه الأسئلة المطروحة على القارئ من قبل هذه الصحف الأربع الكبرى تظهر اختلافا ملحوظا في سياسة المسابقات لكل صحيفة ومحاولة كل صحيفة أن تتميز عن الأخريات، وليس هناك أدنى شك أن القيمة المادية العالية لجوائز هذه المسابقات تنتج عنها زيادة كبيرة في المبيعات والانتشار وإلا لما تسابقت تلك الصحف على طرح هذه المسابقات الكبرى، وهذا حق مشروع لتلك الصحف أو لغيرها، ولكن السؤال الكبير والمهم الذي لم يطرح بعد، هو: ماهي القيمة المعلوماتية وراء هذا الإنفاق السخي على المسابقات الصحفية في صحفنا؟ وماهو الإنجاز الثقافي أو الصحفي الكبير الذي خلفته تلك المسابقات؟ خصوصا ونحن ندرك أنه لو تم صرف مجموع ملايين المسابقات لرصد جوائز نقدية لأعمال تنشر بالصحف ذات طابع ثقافي أو صحفي، لحققنا ثروة بشرية مبدعة وخلاقة، ولأوجدنا دعماً حقيقياً للإبداع الثقافي والصحافي، ولصار الفائز بالجائزة مشروعاً مثقفاً أو صحفياً مهماً قادماً، بدل أن تنفق هذه الملايين على مشاركة قراء لا يحقق فوزهم بسبب طبيعة مسابقاتنا الثقافية أي إنجاز ثقافي أو صحفي يذكر. لا شك أن هناك فائدة للقارئ بمراجعة بعض الكتب الأدبية والثقافية الأخرى، ومراجعة ما في ذاكرته، أو مراجعة مايطرح في صفحات الصحيفة صاحبة المسابقة، لكنها فائدة محدودة وبسيطة من الناحية الثقافية أوالمعلوماتية، والقارئ حين يجيب على أسئلة المسابقة بشكل صحيح ويبعث باسمه وعنوانه للصحيفة، فإنه يقدم معلومات قيمتها المعلوماتية تساوي صفرا للصحيفة، إلا في حالة فوزه فإن الصحيفة تقوم باستخدام عنوانه واسمه ليتم الاتصال به، ليحضر ويستلم جائزته فقط. هنا قفزت شهوة قراءة الأرقام، ووقفت وهي تشير إلى أمر مهم، هذا الأمر هو أن هذه المسابقات الصحفية قد تفتح طريقا لكنز عظيم أغلقت عنه أعين الصحافة، هذا الكنزالعظيم يمكن حيازته لو تم توجيه أسئلة المسابقات الصحفية لاستكناه ما يدور في عقل وفكر وقلب القارئ حول الصحافة، ومواضيعها، ودورها، وتحريرها، وحاضرها، ومستقبلها، ورضاه عنها أو عدم رضاه عنها، وتوافقه معها أو عدم توافقه معها إلى آخر ما في عقل وفكر وقلب القارئ من أمور. لو تم هذا الأمر فيما يشبه عملية جمع معلومات عما يدور في خاطر القارئ، فإن القارئ سيفوز بجائزتين، والصحيفة ستفوز بجائزتين أكبر وأهم، إذا تم تبني مشروع المسابقات الصحفية القادم. وهذه هي الصفحة الأولى في واقع مسابقاتنا الصحفية التي فتحتها شهوة قراءة الأرقام أمام تأملاتي، فما هو مشروع المسابقات الصحفية القادم وما هي تطبيقاته وأهدافه ؟؟؟ مشروع المسابقات الثقافية القادم/ تطبيقاته،ميزاته، فوائده مشروع المسابقات الصحفية القادم يحمل ثمرتين، الثمرة الأولى هي ثمرة تسويق الصحيفة وهي الثمرة الأهم بالنسبة للصحيفة حيث تبقى الجوائز المقدمة كما هي بملايينها الملونة، وثمرة أخرى جديدة وهي أن هذه المسابقات الصحفية يمكن أن تصاغ بشكل استبيان بحثي يومي، يجعل من إجابات القراء بداية بحث علمي صحفي متدفق مثل نهر جار من المعلومات الموجهة نحو فتح آفاق جديدة أمام الصحافة بشكل عام لنموها وتطورها وازدهارها. هذه المسابقات ستكون بداية لبحث علمي قائم على الأساليب الإحصائية في جمع البيانات وتحليلها. وتكتمل فائدة هذه المسابقات عبر مرحلتين، المرحلة الأولى وهي مرحلة جمع البيانات، والمرحلة الثانية هي مرحلة تحليل البيانات. المرحلة الأولى مرحلة جمع البيانات ولها الخطوات الرئيسية التالية: * الخطوة الأولى: تحديد الأهداف الرئيسية التي تريدها الصحيفة من المسابقة الصحفية. من هذه الأهداف، هدف ترسيخ مفهوم ثقافي أو اقتصادي أو اجتماعي، أو رياضي، إلى آخره. ومن هذه الأهداف، تسويق الصحيفة وزيادة مبيعاتها. ومن هذه الأهداف، معرفة ما يعتقده القارئ عن محتويات العدد المنشور فيما يرسم صورة عما يريد القارئ ويؤدي إلى تقييم مباشر وبسيط لذلك العدد من خلال عين ووعي القارئ. إلى آخره من أهداف يمكن تحديدها من قبل أصحاب الشأن الصحفي والقائمين عليه. * الخطوة الثانية: تحديدالمواضيع الرئيسة المرتبطة بالأهداف الرئيسية، وتحديدالبيانات )الأسئلة( المطلوبة لها. المواضيع الرئيسية قد تكون قضايا المجتمع، السياسية، الثقافية، الاقتصاد، الرياضة، إلى آخره، ومن المواضيع الرئيسية تقييم صفحات الصحيفة الرئيسية من خلال وضع أسئلة تخدم هذا الموضوع، مثل: ما هي صفحتك المفضلة في عدد اليوم؟ ما هي المقالة التي أعجبتك، ما هي المقالة التي لم تعجبك؟ إلى آخره من أسئلة. ومن المواضيع الرئيسية تقييم ملاحق الصحيفة، بكل أسمائها، الملحق الثقافي، الرياضي، الاقتصادي... ومن المواضيع الرئيسية تقييم كتاب الصحيفة، الأساسيين والموسميين وغيره من كتاب، ووضع الأسئلة المطلوبة مثل: من هو الكاتب الذي أعجب القارئ؟ من هو كاتبك المفضل؟ من هو الكاتب الذي يلفت نظرك بأسلوبه الساخ؟ من هو الكاتب الذي لا يعجبك طرحه الصحفي؟ إلى آخره. ومن المواضيع الرئيسية موضوع تقييم الدعايات ومنتجاتها، ووضع أسئلة لها مثل: ما هي الدعاية التي لفتت نظر القارئ؟ ما الذي يميز منتج ما في نظر القارئ؟ إلى آخرالمواضيع والأسئلة المهمة التي تكشف عن الجانب المختفي من عقل القارئ أمام محرري صحفنا وواضعي استراتيجياتها. * الخطوة الثالثة: تحديد شكل الاستبيان. وفي هذه الخطوة يتم تصميم شكل الاستبيان الذي سيعرض كل يوم في مسابقة العدد، بحيث يكون هذا الاستبيان محتويا على كافة التوجيهات والمعلومات الموجهة للقارئ عن كيفية المشاركة، وفيه يتم تحديد مساحة المسابقة حسب سياسة الصحيفة، وعدد الأسئلة التي سيتم طرحها وهل ستكون أسئلة مغلقة لها إجابات مغلقة، أم أسئلة مفتوحة، أم أسئلة شبكية ، بحيث تكون طريقة إجابة القارئ سريعة وبسيطة لا تتطلب منه عناء، بوضع علامة معينة عند الاختيارات التى يريد. * الخطوة الرابعة: إعداد وتوزيع أسئلة كل استبيان حسب كل يوم في أيام المسابقة. ولضرب مثل بسيط بأسئلة مغلقة، فإن مسابقة يوم ما قد تكون بالشكل التالي: مسابقة يوم )تاريخ( * السؤال الأول: ماهي المواضيع التي يحب القارئ قراءتها دائما؟ سياسية، أدبية، رياضية، تاريخية، اقتصادية. * السؤال الثاني: في الملحق الأدبي لهذا العدد تم طرح نصوص أدبية جديدة، هل يرغب القارئ بقراءة مقاطع من نصوص أدبية مطبوعة ومشهورة لكتاب مشهورين؟ نعم لا * السؤال الثالث: كتب في عدد هذا اليوم عدد من الكتاب، من منهم الذي يحرص القارئ على قراءة كتاباته أكثر؟ اسم الكاتب الأول، اسم الكاتب الثاني، اسم الكاتب الثالث، اسم الكاتب الرابع. * السؤال الرابع: في هذا العدد تم طرح عدد من الدعايات التجارية، ما هي الدعاية التي لفتت نظرك أكثر؟ دعاية المنتج 1، دعاية المنتج 2، دعاية المنتج 3، دعاية المنتج 4. هذا انموذج بسيط، ويمكن للمرء أن يدرك أهمية إجابات القراء على هذه الأسئلة بالنسبة لجهاز التحرير وقسم الدعايات وغيره، وأستطيع أن أرى أن كل رئيس تحرير يرغب حقا برؤية ما يدور في ذهن القارئ بلغة الأرقام التي لا تعرف العواطف والمجاملة والمحاباة خصوصا أن القارئ قد ضمن قبول كل إجاباته في حالة سحب اسمه، وضمن قبول الصحيفة لحريته في الإجابة على الأسئلة حسب ما يراه. * الخطوة الخامسة: تفريغ بيانات كل استبيان )إجابة القارئ( في قاعدة معلومات مصممة مسبقا لخدمة الأهداف الرئيسية للصحيفة بواسطة فريق يضم مدخلي بيانات في الحاسب الآلي ومصمم قاعدة بيانات بشكل يسهل إدخال بيانات كل قارئ التي تحتوى معلوماته الشخصية، مثل اسمه وعنوانه ووظيفته وتعليمه وجنسيته، وبيانات إجاباته، وتكون قاعدة معلومات محتوية على ملفات خاصة بالقارئ، وملف معلومات الشركة أو المصنع الداعم. وملف معلومات المواضيع الصحفية، وملف معلومات كتاب الصحفية، إلى آخره. * الخطوة السادسة: اختيار المتسابق الفائز حسب قوانين السحب المعروفة. المرحلة الثانية: مرحلة تحليل البيانات المرحلة الثانية وهي مرحلة الاستفادة من البيانات الموجودة في قاعدة المعلومات، والاستفادة ستكون لخدمة السياسة الصحفية والتسويقية للصحيفة، والاستراتيجية الإعلامية للصحافة السعودية بشكل عام. هذه المسابقة يمكن تطبيق كل ما ورد فيها لقراء الصحيفة الإلكترونية عن طريق الشبكة العنكبوتية )الإنترنت( مع وضع جائزة شهرية ب10000 ريال مثلا للقارئ الذي يتم اختياره إليكترونيا، وميزة طرح هذه المسابقة عن طريق الإنترنت هو تشجيع القارئ الخارجي أو الداخلي الذي لا تصل إليه الصحيفة في موعدها المناسب على المشاركة في هذه المسابقة، مما يتيح فرصة أكبر لرؤية شكل صحافتنا في عين القارئ الخارجي ووضع قاعدة بيانات خاصة بالقارئ الخارجي يمكن من خلالها استقراء الكثير لرسم سياسة توجيه صحافتنا الخارجية، ومعرفة أماكن وجودها خارجيا ومعوقات انتشارها خارجيا حسب إجابات ورغبة القارئ الخارجي واحتياجاته، إذا أرادت المؤسسة الصحفية الدخول في ذلك السوق الصحفي العربي الكبير. وفوائد وميزات مشروع المسابقة الصحفية القادم هي زيادة رغبة القارئ بالمشاركة في المسابقات خصوصا مع ضمان قبول جميع إجابات القارئ مع إعطائه الأهمية لكونه يشارك في تقييم وتصميم وإخراج وتحرير صحيفته المفضلة. ونجاح تطبيق هذا المشروع يمكن استشرافه قبل تطبيقه بشكل كامل عن طريق ثلاث وسائل، الوسيلة الأولى هي بطرح سؤال حول موافقة القارئ على فكرة هذا المشروع في مسابقاتنا الصحفية الحالية، ومن إجابات القراء يمكن معرفة رغبتهم من عدمها، المرحلة الثانية هي بعمل مسابقة صحفية استشرافية لمدة شهر واحد، مع تقييم هذه المسابقة الاستشرافية وتقييم نتائجها، والمرحلة الثالثة تتم بطرح الموضوع على المجلس الأعلى للاعلام أو أي جهة استشارية متخصصة ودراسة ما جاء في المسابقة الاستطلاعية، لإقرارها والبدء في تطبيقها. هذه هي الصفحة الثانية من صفحات واقع المسابقات الصحفية، وهي صفحة تفتح الحديث مباشرة عن واقع القارئ والتحولات التي حدثت للقارئ خلال السنوات الماضية وضرورة التحول في عملنا الصحفي. واقع القارئ ومدلول التحول الكبير عندما تم اختيار مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، لتكون عاصمة للثقافة العربية لعام 2000، كان هذا العام شاهدا بارزا على اكتمال تحول خطير ومهم. ورغم ما صاحب هذا الحدث الثقافي من تظاهرات ثقافية شملت ندوات ومحاضرات وما صاحبه من احنفالية من أصحاب الشأن الثقافي الرسمي والشعبي، إلا أن عام 2000 صاحبه تحول مهم على مستوى القارئ السعودي، هذا التحول كان ضمن منظور ورغبة الدولة وهي تطلق عملية التعليم والتثقيف في جميع أنحاء البلاد، فما هو هذا التحول الذي صار بوعينا أو بدون وعينا، ولكنه حقيقة مفرحة على أية حال؟ الدولة السعودية أدركت منذ البداية أهمية عملية التعليم لمواطنيها للقيام بوظائف الدولة من قبل أبنائها كما هو حاصل في كثير من دول العالم، هذه العملية التعليمية استمرت على مدار السنوات الماضية وأخرجت المواطن من قاع الجهل إلى منارات العلم والتعليم ثم راحت تركض به عبر مراحل عديدة ليركب أمواج الثقافة ويتحول من إنسان أمي إلى إنسان قارئ ثم ليتحول من قارئ بسيط سطحي إلى قارئ عميق مفكر. خلال هذه المرحلة كان هناك تواصل مستمر بين هذا القارئ والمجتمعات الإنسانية الأخرى على سطح الكرة الأرضية عبر قنوات عدة هي قناة التعليم داخل وخارج المملكة، وقناة السفر، وقناة الإعلام المحلي بكل أجهزته من تلفزيون وإذاعة وصحافة وقناة الإعلام الخارجي بجميع قنواته الفضائية والإذاعية والصحفية الوافدة، وزاد هذا الاتصال والتواصل بالإنسان السعودي إلى أن حدث التحول الكبير. ففي الأعوام الماضية كانت الدولة بموظفيها وأجهزتها الإعلامية وغير الإعلامية تسبق المواطن بخطوات عديدة، وعندما حدث التحول الكبير صار المواطن السعودي هو من يسبق الدولة وأجهزتها ومؤسساتها وموظفيها وعيا وإدراكا بما يدور من حوله وما يدورحول الآخرين، وما يدور داخله، وما يدور داخل الآخرين، وأكبر دليل ظاهر للعيان هو تذمر وعدم رغبة المواطن بمتابعة الأجهزة الإعلامية من تلفزيون وإذاعة وصحافة. يقول الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في كتابه المهم )الاعلام في المملكة العربية السعودية، دراسة وثائقية وصفية تحليلية(: «لقد تطرقت دراسات تحليلية عديدة أجريت خلال العقد الماضي من قبل المجلس الأعلى للإعلام عقب تحرير الكويت إلى أن السياسة الإعلامية المكتوبة، كانت واضحة الأهداف والمرامي، لكن الإعلام السعودي لم ينجح بما فيه الكفاية في ترجمتها إلى خطوات عملية تحقق تلك الأهداف «ويقول الدكتور الشبيلي أيضا:» وأظهرت تلك الدراسات أن الإعلام السعودي يكرس جزءاً كبيرا من برامجه للحديث عن الإيجابيات، ويوغل في الشكليات،مما أدى إلى عزوف ملحوظ من نسبة عالية من الجمهور، والانصراف إلى تلقي التحليلات من مصادر خارجية «ويقول أيضا:» فالإعلام السعودي وتغلب عليه صفة التكرار، دون الاهتمام بمعرفة آراء جمهوره، أو الأخذ بمناهج نفسية للوصول إليه وتلبية رغباته وذوقه واهتماماته ... إذن سبب كساد الصحافة لدينا معروف للجميع، لأن وعي المواطن وتجاربه وخبرته صارت تسبق بمراحل وعي طاقم تحرير كامل لصحيفة محلية كبرى، وهو ما جعل الصحف ترى في المسابقات الصحفية المليونية منقذا لها وهو امر لن يستمركثيرا في ظل تحولات كثيرة تحدث داخل وخارج الجميع. واتجاه التطوير والتجديد يجب أن يجد منبعه في فكر وعقل القارئ المحلي لتسير الصحافة وتتطور في اتجاه القارئ الذي يتطور ثقافة ويزداد وعيه يوما بعد يوم. هذه هي الصفحة الثالثة في واقع صحافتنا، وهي صفحة تشير الى أن هذا التحول في واقع القارئ لا يمكن مجاراته والتحول نحوه إلا باستقراء ما يدور داخل القارئ، وإذا تم تطبيق مشروع المسابقات الصحفية القادم، فإننا سنحمل ما يدورفي ذهن القارئ ونلقيه في ضمير ثلاث جهات مهمة، هي: المجلس الأعلى للإعلام، الجامعات السعودية، المصانع والشركات الوطنية. المجلس الأعلى للإعلام ومشروع المسابقات الصحفية في عام 1387ه قرر مجلس الوزراء إنشاءلجنة لتخطيط السياسة الإعلامية، ثم في عام 1397ه تم إعادة تشكيل هذه اللجنة وتغيير اسمها إلى المجلس الأعلى للإعلام، وفي عام 1400 ه اعتمد مجلس الوزراء اللائحة التنظيمية لهذا المجلس، ثم تم إعادة تشكيل المجلس الأعلى للإعلام برئاسة الأمير نايف بن عبدالعزيز، هذا الرجل الذي يعتبرترؤسه للمجلس الأعلى للاعلام فرصة كبيرة للتغيير الإيجابي والتطوير في إعلامنا خصوصا لما يمتاز به الأمير نايف من حلم كبير، وعلم كبير، وفضل كبير، وكرم كبير، وليس هناك أدنى شك أن المجلس الإعلامي الأعلى جاء لينهض بالإعلام السعودي، وقد شكل هذا المجلس منذ تأسيسه من أعضاء يتوسم فيهم الجميع القدرة الصحفية والقدرة الإدارية، إلا أن ما هو أهم من ذلك جميعا هو القدرة على الابتكار والتطوير والابداع، القدرة على وضع الإستراتيجيات فيما يخدم المواطن وقضاياه وفيما يخدم المؤسسة الصحفية. والتواصل والتعاون بين المجلس الأعلى للإعلام والمؤسسات الصحفية مهم جدا لتطوير أنظمة وقوانين العمل الصحفي، ومازال الأمل بالمجلس الأعلى كبيراً خصوصاً أن تغيراً كميا ونوعيا كبيرا قد حدث في السنوات الماضية في جميع شؤون حياة القارئ المواطن فقد أثار المجلس نقاطاً مهمة في تقريره الذي أعده بعد حرب الخليج الثانية يأمل أن يتحقق عملاً تطويرياً حقيقيا. وهموم الصحف المحلية يجب أن ترتبط أولا وثانيا وثالثا ورابعا بهموم المواطن السعودي وما يريد المواطن السعودي من صحافته وليس ما تريد الصحافة من القارئ. وهذه الصورة الكبرى لهذه الهموم لا يمكن تصورها حقا إلا بمثل هذا المشروع الجديد للمسابقات الصحفية أو أي مشاريع بحثية استقرائية أخرى لما يريد القارئ/ والتي ستفتح أبوابا تحديثية وتطويرية مغلقة، وسيكون لها شأن في تطوير الإعلام عامة والصحافة بشكل خاص، خصوصا إذا تم زيادة أعضاء المجلس الأعلى للإعلام وتم احتواء أعضاء جدد بتخصصات مختلفة شاملة لجميع التخصصات العلمية والإدارية الحديثة فيما يشكل فريق عمل مبدع مبتكر ومتطور، فالمطلوب من كل عضو ألا يعمل كموظف يتحرك ضمن إجراءات إدارية وظيفية روتينية لا تقدم أو تأخر، خصوصا إذا تم تجديد أكثر من ثلث أعضاء المجلس مع كل دورة أربع سنوات .هذه هي الصفحة الرابعة وتحتها صفحة البحث العلمي الصحفي. البحوث العلمية والمسابقات الصحفية ورد في السياسة الإعلامية للمملكة العربية السعودية: «المادة الثالثة عشرة: تقوم أجهزة الإعلام السعودي، بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والاجتماعية ومراكز البحوث ذات الصلة، بإجراء البحوث والدراسات الإعلامية». ويقول الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في كتابه «الإعلام في المملكة العربية السعودية»: شأن العديد من الدول العربية، لم يقم في المملكة ، أي اهتمام يذكر بإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بآراء القراء والمستمعين والمشاهدين وعاداتهم، ولم يكن من تقليد الدول العربية وثقافتها استطلاع رأي الجماهير، حول محتوى الصحف أو برامج الإذاعة والتلفزيون، للتعرف على توجهاتهم، فالاستئناس بالبحوث تقاليد نمت وازدهرت في الغرب بالذات، واهتمت بها مؤسساته التعليمية، وشركات الدعاية والإعلام ومؤسساتهما. هذا نص ماذكره الدكتور الشبيلي في كتابه، وإذا كانت الصحافة العربية بشكل عام والصحافة السعودية بشكل خاص لم تحظ بالعناية الكافية من الناحية البحثية، وإذا كان البحث العلمي هو أمر مهم وأساسي للتطوير وتلافي العيوب والسلبيات، وإذا كان جمع البيانات ركنا أساسيا في البحث العلمي، فإن مشروع المسابقات الصحفية الجديد سيكون نواة لقاعدة بيانات ضخمة تعكس رأي القارئ السعودي والقارئ المقيم والقارئ الخارجي خصوصا إذا تم وضع اسئلة المسابقات الصحفية بشكل علمي مدروس ومتخصص لتحديد اتجاهات الأسئلة وتوجيهها لتغطي جميع الاتجاهات وهو ما يصنع ثروة معلوماتية لطلبة وباحثي الإعلام بشكل عام والصحافة بشكل خاص، وستكون هناك فرص بحثية متوفرة بكثرة لعمل عشرات الدراسات الإعلامية الصحفية ضمن فترات زمنية وجيزة لتوفر كم هائل من المعلومات التي يتم تحديثها يوميا مع كل يوم تطرح فيه مسابقة صحفية. ويمكن لأي باحث أن يتخيل حجم المعلومات التي يمكن أن يتحصل عليها لو أن صحيفة واحدة فقط قامت بطرح خمسة أسئلة يوميا على مدار عام كامل، أي ما يصل إلى 1825 سؤال، أي ما يعني 1825 معلومة وإجابة من قارئ واحد فقط، فما بالك إذا كان عدد المشاركين يصل إلى الآلاف، وإذا تم توزيع هذه الأسئلة بشكل علمي لتشمل جميع آراء القارئ الإعلامية فإننا أمام مناجم تعج بالثروات المعلوماتية عالية التركيز. وهذه هي الصفحة الخامسة من صفحات شهوة قراءة الأرقام وتحتها صفحة واقع المصانع والشركات الراعية للمسابقات الصحفية. الصناعة / جودتها، تسويقها والمسابقات الصحفية عندما حدثت القفزة الصناعية في دولة اليابان، كانت تلك القفزة مسبوقة بعملية تعليم وتثقيف جادة للشعب الياباني، إلا أن القفزة الحقيقية حدثت بعد تطبيق أساليب ضبط الجودة وظهور إدارة الجودة الشاملة في عالم الصناعة الياباني. وضبط الجودة يقوم على أساليب إحصائية معروفة، وقد قام به وتبناه وطوره مجموعة من العلماء من دول مختلفة ضمن مراحل زمنية متلاحقة. وعملية ضبط الجودة داخل المصانع هي وجه العملة الأول لازدهار الصناعة، أما الوجه الآخر فهو ما يحدث لدى مستخدم منتجات هذه الصناعة، أي بشكل أساسي ما هو رأي المستهلك حول هذه المنتجات. وإذا كانت جريدة الجزيرة قد انفردت دون غيرها عندما جعلت صفحة دعائية كاملة لمنتجات الشركة أو المصنع الداعم والراعي للمسابقة الصحفية، فإن أسلوب المسابقات الجديد بطرح سؤال واحد في كل عدد منشور أو كلما أمكن ويقوم باستطلاع رأي القارئ عن هذه المنتجات، سيمكن الصحيفة من جمع بيانات مهمة للشركة أو المصنع، وعند جمع هذه البيانات على حدة في قاعدة بيانات وإصدار تقارير ورسومات بيانية قد صممت بشكل علمي وبسيط بالاعتماد على الأسلوب الإحصائي، فإن ذلك يجعل تلك الشركة أو المصنع يربح ربحاً إضافياً وهي ترى صورة منتجاتها وتقييمها في عيون عدد كبير من القراء، وهذا فيه ربح استراتيجي تسويقي للشركات والمصانع لم تحسب له حساب. وعند قصر دعم هذه المسابقات على المصانع والشركات المحلية فإن هذا الأمر سيكون دعما إضافيا لتقييم منتجات هذه الشركات والمصانع ومراجعة سياستها التصنيعية والتسويقية، وهو الأمر الذي سيجعل الشركات والمؤسسات ترغب في دعم هذه المسابقات ورعايتها بشكل يدعم الصحافة ماديا ومعنويا. وهذه هي الصفحة السادسة وهي صفحة تدفع لمزيد من الأفكار والآراء للبحث عن نظرية إعلامية صحفية سعودية خاصة نابعة من عقل وفكر الإنسان السعودي. الأساليب الإحصائية/ ونواة النظرية الإعلامية الصحفية علم الإحصاء هو علم مهم وخطير لفهم الأرقام وحقائق الأرقام وما وراء الأرقام وما تحت الأرقام وما فوق الأرقام؟ هذا العلم له أساليب إحصائية تعمل مثل العين البشرية، التي تحصر الأشياءوتلتقطها وتصورها وتتخيلها ثم تحيلها إلى الدماغ ليتم إكمال تركيب الصورة النهائية التي بناء عليها يتم اتخاذ القرار. هذه العين الإحصائية هي التي يجب أن تلتقط بيانات وإجابات القارئ المشارك بالمسابقات الصحفية ثم تحولها إلى صورة يمكن بعدها رسم السياسة الصحفية والتسويقية للصحف بعد أن يتم التواصل المزدوج في كلا الاتجاهين، اتجاه الصحيفة نحو القارئ واتجاه القارئ نحو الصحيفة. وعلم الإحصاء له كتب كثيرة وله أرقام ومصطلحات كثيرة منها المتوسط الحسابي، والوسيط والنسبة المئوية والتكرار النسبي والمنوال والتشتت ومعامل الاختلاف ومعامل الارتباط إلى آخر مصطلحات علم الإحصاء، ومن أهم أرقام الإحصاء رقم المتوسط الحسابي، وهو رقم يجمع الآراء حول محور أو نقطة واحدة ويجعل البيانات تقف حول حدود رقمية أخرى، ويجعل المرء يرى المسافات وما بين المسافات لتحديد طريق واضح لرسم الصورة، من هذه الحدود، رقم الانحراف المعياري الذي يحدد بعد المسافة بين أطراف الصورة ومحورها أو مركزها الذي هو المتوسط الحسابي، حتى تكون جميع القراءات ضمن بؤرة تلك العين الإحصائية الفاحصة والراسمة للصورة. ورقم المتوسط الحسابي ورقم الانحراف المعياري ورقم النسبة المئوية وغيرها من أرقام مهمة جدا لوضع الاستراتيجيات وتغييرها وتطريرها حسب تطوروتغير مجتمع القراء، ولضرب مثل بسيط جدا، لو أن صحيفة طرحت سؤالا ضمن مسابقتها ويقول هذا السؤال: هل يرغب القارئ من الصحيفة نشر قضايا الانتحار المحلية أم أنه لايرغب ذلك؟. وإذا فرضنا مثلا أن عدد من شارك في هذه المسابقة هو 10000 قارئ وكان عدد من أجاب على السؤال يرفض نشر قضايا الانتحار هو 8000 قارئ، فإننا أمام نسبة مئوية هي 80% ترفض نشر هذه القضايا. فكيف يمكن لنا أن نعتقد بضرورة تواصل القارئ مع الصحيفة وهو لا يرغب ببعض موادها ولا يرغب بطريقة إخراجها ولا يرغب بمساحاتها ولا يرغب بكتابها إلى آخر قائمة طويلة من الأمور التي يمكن سردها؟! إذن إذا تم جمع بيانات وآراء القارئ وإخضاعها للأساليب الإحصائية فإننا نكون قد وضعنا عقولنا على نواة نظرية إعلامية صحفية خاصة ، هذه النواة عند تغذيتها بالأفكار وإستراتيجيات العمل البحثي الجاد المتواصل فإنها ستخلق لنا صناعة إعلامية متميزة تتوافق مع القارئ وتسير معه. وهذه هي الصفحة السابعة التي ظهرت لي، والتي تفتح آفاق الموجات الصحفية. الموجة الصحفية الثالثة/ الجودة الصحفية الشاملة الصحافة السعودية ظهرت منذ أكثر من 79 عاما أي في عام 1343ه ، وسارت عبر مراحل زمنية متداخلة ولها تاريخ معروف ذكره الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في كتابه «الإعلام في المملكة العربية السعودية»، وموجز هذا التاريخ يقرر حقيقة بدء الصحافة بما يسمى «صحافة الأفراد» وهو ما اسميه الموجة الصحفية الأولى، ثم جاءت مرحلة صحافة المؤسسات وهي الموجة الصحفية الثانية، وفيها ظهر نظام المؤسسات الصحفية ورغم اختلاف المسمى إلا أن هذه المرحلتين متداخلتين ومتشابهتين في كثير من الأمور حتى أن سمات صحفية بقيت ثابتة في كلتا المرحلتين، ومن أكبر المشاكل التي طرحت في تلك المرحلتين هي قضية مسؤولية رئيس التحرير. يقول الدكتور الشبيلي في حديثه عن نظام المؤسسات الصحفية : «... من جانب آخر، لم يحقق النظام ما كان يتوخاه من تخفيف سيطرة بعض رؤساء التحرير، وانفرادهم في توجيه سياسة التحرير وجهة شخصية، مستفيدين من رغبة الوزارة في تقوية مركزهم داخل المؤسسة، ومنحهم أكبر قدر من الاستقلالية المالية والصلاحيات الواسعة، مما جعل الصحف كما ذكر تقرير أعده المجلس الأعلى للاعلام عام 1414ه تتحول إلى عهدها السابق، من حيث انفراد رئيس التحرير بالقرار في توجيه سياسة الصحيفة، خاصة أنه لا يتضرر شخصيا بآثار قراراته على رواج الصحيفة وإيرادها، كما كان هو في السابق عندما كان صاحب الامتياز». الآن نحن على أعتاب مرحلة جديدة متطورة ، مرحلة الموجة الصحفية الثالثة، مرحلة الجودة الصحفية الشاملة. ونظام الجودة الصحفية الشاملة هو ببساطة شديدة نظام الجودة المعروف بكل أسسه الإحصائية وأشكال ورسومات ضبط الجودة مع دخول القارئ كطرف رئيس في رسم سياسة الصحيفة وتقييمها . والصحافة في حقيقتها الراهنة هي صناعة قائمة على مبدأ الربح والخسارة، والمعلومة أو الخدمات الصحفية المقدمة من الصحافة هي منتج، والقارئ هو العميل والمستهلك لهذا المنتج، والصحيفة والقارئ هما طرفا الكسب والخسارة عن طريق المبدأ التجاري المعروف، العرض والطلب في سوق الصحافة. والقارئ حين يصير طرفا استراتيجيا ثابتا في صناعة الصحافة ، فهذه هي مرحلة الجودة الصحفية الشاملة وهي مرحلة مهمة في تاريخنا الصحفي. إذن الجودة الصحفية الشاملة هي نظام إداري يشتمل على مجموعة من الإجراءات المتكاملة والأدوات الإحصائية والعمليات الإدارية المستخدمة لتحقيق الأهداف ورفع مستوى العمل الصحفي مع وضع رضا القارئ في أول قائمة الأولويات بدلا من التركيز على الأرباح قصيرة المدى، لأن رضا العميل أو المستهلك الذي هو القارئ كفيل بضمان أرباح ثابتة على المدى البعيد مقارنة مع أرباح محدودة سريعة ولكنها حتما ستقضي على صناعة الصحافة مستقبلا. وإذا كانت صحيفة عكاظ اتخذت لمسابقتها شعاراً يقول: «أين الخبر، وصحيفة الرياض اتخذت لمسابقتها شعاراً يقول: اكسب مع الرياض بتصفح ما ينشر في الرياض»، فإن شعار مسابقات الجودة الصحفية الشاملة هي : «شارك بتحرير جريدتك واربح جائزتك» أو شعار «قل رأيك وفز بجائزتك». هذه هي الصفحة الثامنة التي تفتح صفحة أخرى مهمة وهي صفحةالموجة الصحفية الرابعة. الموجة الصحفية الرابعة/ القارئ يصير رئيساً للتحرير الموجة الصحفية الرابعة ظهرت تموجاتها الصغيرة الأولى وهي تتدفق في أحشاء الاعلام وتتراكم لتصبح موجه كبيرة مهمة، بدأت بظهور الصحف على صفحات الشبكة العنكبوتية )الإنترنت (، وزامنها ظهور المسابقات الصحفية التي لو تم تطويرها وتطويعها لتسير المعلومات في اتجاهين مزدوجين متعاكسين بين القارئ والصحيفة، فإن الأمر سيتطورلمرحلة تكون فيها مشاركة القارئ مباشرة وفورية ومكثفة ضمن عمليات مدروسة حسب رغبة القراء لتحديد نوع المادة الصحفية وحجمها وكتابها في عدد اليوم القادم والأسابيع القادمة، وسيكون من مهام جهاز التحرير في هذه المرحلة تحضير المادة الصحفية بمواضيعها الرئيسية والفرعية، ليتم اختيار حجمها وموعد ظهورها حسب القارئ وأرقامه الإحصائية. هذا الأمر سيكون محتوماً وميسراً خصوصا إذا انتشر استخدام الإنترنت في جميع بيوتنا ومكاتبنا، وتم ربط إجابات القارئ على أسئلة الصحيفة في تصميم وإخراج ومواد العدد القادم للصحيفة، عندها يصبح القارئ ذا صلاحية تصل إلى صلاحيةرئيس تحرير. وهنا فقط يصبح القارئ رئيسا للتحرير، ويصبح رئيس التحرير قارئاً منفذاً لما يريد أن يراه القارئ في صحيفته المفضلة. هذه هي الصفحة التاسعة التي رأيت مستقبلها يظهر بوضوح أمامي، وهي صفحة تثير قضية هامة هي قضية السلطة المفقودة في واقع صحافتنا. السلطة الرابعة / السلطة المفقودة في نظام أي دولة عصرية هناك ثلاث سلطات، السلطة التشريعية ، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، والسلطة الرابعة. البقية ص )33(