نشرت الصحف يوم الخميس 15/7/1421ه، الخبر الآتي: توصلت شركة الكوابل الإسرائيلية (تيفيل) إلى اتفاقية مع إدارة محطة التلفزيون القطري (الجزيرة) تقوم بموجبها محطة الجزيرة بمنح شركة (تيفيل) الحق في نقل تقارير وبرامج عنها لمدة ثلاث سنوات، وذكر راديو إسرائيل الذي أذاع النبأ أنه بموجب هذه الاتفاقية فإن الشركة الإسرائيلية ستقوم بدفع مبلغ مليون ومائة ألف شيكل إسرائيلي كتعويض للمحطة القطرية لقيامها ببث برامج وتقارير من المحطة خلافاً لقانون المحطة. في هذا الوقت تأبى هذه القناة إلا أن تقف بجانب إسرائيل المتطرفة التي لطخت يديها المغلولتين بدم الأطفال الرضع والشيوخ الركع في فلسطين العربية. وأي سياسة إعلامية عربية شريفة يمكن لها أن تنسى صورة محمد الدرة، ذلك الطفل البريء الذي لا يعرف من معنى الحياة سوى الدمعة والابتسامة رمزاً للغضب والفرح، وصورة، سارة التي قتلت بطلقات صهيونية في رأسها بين يدي أبيها ولم يتجاوز عمرها سنتين. لا , ليس إسرائيل السبب فقط، إنه الإعلام أيضا المثقل بالهزائم والخوف المسترسل، يبني السدود خلف السدود، ويخفي وراءها أجمل قصائد الحرية، المنسوجة بخيوط الغد المشرق، ودوائر الشمس التي لا تؤمن بالمستحيل والحدود والخرائط التي وضعت قسراً، وأجنحة الطيور المهاجرة التي لا بد أن تعود في يوم ما إلى الوطن والاستقرار. في هذا الوقت يا قناة الجزيرة، الغدر صعب جداً، وعلقم لا يحتمل، لأنه جاء في غير وقته، ذلك الوقت الذي نعلّق فيه على إعلامنا آمالاً كبيرة في صراعنا مع أنفسنا ومع غيرنا بعد أن خذلتنا الهيئات والحكومات والمؤسسات، فهذا كوفي عنان الأمين العام لهيئة الأممالمتحدة يطلق تصريحات نارية غطاء شرعياً للانتهاكات الصهيونية في فلسطين، بل عدّ اختطاف ثلاثة جنود من الجيش الإسرائيلي مخالفاً لقرار 425، ثم صرح بأن قتل جنديين (مستعربين خائنين) من قوات الاحتلال عمل بشع,. ما هذه النفس الزكية لرجل مسؤول عن السلم والأمن الدوليين، يرى خطف ثلاثة جنود عملاً بشعاً وجريمة لا تغتفر، ويرى إبادة شعب كامل بمقوماته السياسية والحضارية عملاً شرعياً ومسألة فيها نظر وبمساعدات الدول العظمى التي قدمت للصهاينة الشذاذ، الذين هاجروا إلى الأرض المقدسة، فظلموا أهلها، وسلبوا كرامتها، وقتلوا شعبها في صورة لم ير مثلها التاريخ حتى في عصوره الغوغائية,, وأحب أن أذكّر فخامة الأمين المسؤول عن العدل في هذا العالم بخطاب وجهه البارون اليهودي (روتشيلد) إلى (بالمرستون) في مارس (آذار 1840م)، وقال فيه: إننا لو نظرنا إلى خريطة هذه البقعة من الأرض، فسوف نجد أن فلسطين هي الجسر الذي يوصل بين مصر وبين بقعة العرب في آسيا، وكانت فلسطين دائماً بوابة على الشرق، والحل الوحيد هو زرع قوة مختلفة على هذا الجسر في هذه البوابة لتكون هذه البقعة بمثابة حاجز يمنع الخطر العربي ويحول دونه، وإن الهجرة اليهودية إلى فلسطين تستطيع ان تقوم بهذا الدور، وليست تلك خدمة لليهود يعودون بها إلى أرض الميعاد مصداقاً للعهد القديم فقط، ولكنها أيضا خدمة للإمبراطورية البريطانية ومخططاتها,,, سيادة الأمين,,. تجاوز العرب المسائل التي تخص الحفاظ على السلم والأمن الدوليين الذي أراده ميثاق هيئة الأمم إلى مسائل كثيرة لا علاقة لها بما سبق معتقدين أنهم جزء من هذا العالم الديمقراطي الذي يؤمن بالإرادة الشعبية والشرعية الدولية,ولكن الواقع يخالف ذلك الاعتقاد، عندما يطلب من العرب وحدهم تنفيذ قرارات هيئة الأمم عاجلاً ولا يطلب ذلك من إسرائيل بكل وقاحة وعدم مبالاة بالكرامة العربية, وما تفسيرك لوقوف الفيتو الأمريكي واحتجاج الاتحاد الأوروبي أمام كل قرار لا يخدم إسرائيل، حتى وإن كان على مستوى الإدانة والشجب فقط لانتهاكها حقوق الإنسان والحيوان والبيئة في بلاد العرب. ولا نخفيك سراً في ظل الإحباط والخذلان من الجميع أن هدفنا الاستراتيجي قد تراجع من تحرير فلسطين التي نملكها بشهادة التاريخ واليهود أنفسهم إلى تحرير الأراضي المحتلة في حرب 1967م فقط، ولم نعد نؤمن بتلك العبارة (ما أخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة) التي قتل تحتها الطفل البريء محمد الدرة، ولم نعد نؤمن أيضا ب (أتجوع ياسمك) لأن السمك الذي ينتظر وجبة دسمة من لحوم الصهاينة قد سد جوعه بلحوم العرب المساكين وأطفالهم وقدمنا العمل السياسي على العمل العسكري حبا في السلام معتمدين على فكرة (الأرض مقابل السلام) وتجاوزنا اختلال موازين القوى التي عطلت مسيرة خروج الأمة العربية من واقع التبعية والتخلف الموروث من عصور الاستعمار والحروب الباردة مما شجع الانقلابيين والمرتزقة على القفز إلى السلطة في أكثر من قطر عربي حتى شغلت الشعوب العربية بالقمع والاستبداد من هؤلاء الجلاوزة عن قضاياها المصيرية، والأمة في كل ذلك محرومة من مستلزمات بناء القوة الرادعة التي تكفل لها الاحترام والسيادة من قبل الآخرين. سكتنا وتنازلنا، وصبرنا، وأهدرنا الكرامة، ثم تخرج علينا من هيئة دولية مسؤولة عن السلم والأمن والحريات وحقوق الإنسان وتقول: إن ذلك عمل بشع. ونسيت أن إصرار إسرائيل على استخدام الإرهاب بهذا المستوى يؤكد أن الجنس العربي لا يمكن ان يختلط بالجنس اليهودي مما يهدد بقيام حرب عالمية ثالثة، وانتفاضة الأقصى هذه الأيام قد أعادت الاوضاع إلى مناخ نهاية الأربعينات، في تطور سريع يشكل خطراً يمكن الدخول من خلاله إلى مرحلة حرب جديدة، لأن حجارة الصبية والشباب وزجاجاتهم الحارقة لم تصب جنود إسرائيل، بل تجاوزت ذلك إلى أفئدة العرب وضمير العالم الإسلامي الذي أوشك ان ينفجر بمليار وثلاثمائة مليون مسلم، وعندها ستسقط كل التنازلات التي قدمها العرب والنظريات والرؤى المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط، وقرارات مجلس الأمن وإسرائيل وترسانتها النووية والبيولوجية. وكان الاولى يا سيادة الأمين ان يوجه اللوم إلى ذلك الإرهابي (شارون)، لأن العرب لم ينسوا ما فعله في صبرا وشاتيلا والقرى العربية التي مسحها بالأرض ليعود من جديد بثلاثة آلاف جندي ويقتحم المسجد الأقصى الشريف ويمارس استفزازه لهذه الأسود الباكية وأشبالها التي حرمت مما يتمتع به الأطفال في أنحاء العالم عندما شغلوا بالنضال والحجارة والزجاجات الحارقة في حين أن أطفالكم شغلوا بالطفولة والملاهي وألعاب الكمبيوتر والرياضة لقد صمتوا طويلاً أمام التشنج الإسرائيلي والقمع الذي كشف زيف الادعاءات الإسرائيلية بأنها امتداد للتراث الديمقراطي الغربي. ذلك التراث الذي أعمى بصره وبصيرته عما يجري في الأرض المقدسة من تجاوزات، بل وصل الأمر إلى أن كل الرؤساء والقادة في العام يخطبون ود هذه الإسرائيل المتطرفة، وخير دليل على ذلك سيادة الأمين ما جرى في المناظرة التي جرت بين بوش وآل غور اللذين يحلمان برئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، قال بوش :أريد أن يعرف العالم أجمع أنه إذا انتخبت رئيساً للولايات المتحدة فإن إسرائيل ستكون صديقنا سأكون إلى جانب إسرائيل وطلب من الرئيس ياسر عرفات، التدخل لكي يتوقف أتباعه عن أعمال العنف, وقال آل غور: يجب علينا أن نوجه تعليمات إلى ياسر عرفات لوقوف بعض أعمال العنف الاستفزازية المستمرة ودعا إلى الافراج عن الجنود الإسرائيليين الثلاثة، وأضاف: إن علاقتنا مع إسرائيل هي أهم من الاتفاقات أو الخلافات حول تفاصيل تتعلق بمبادرات دبلوماسية، فهي علاقات تاريخية متينة ومستمرة . بل أشاد اليهودي ليبرمان المرشح الديمقراطي إلى منصب نائب الرئيس الأمريكي أمام حضور غالبيته من اليهود برئيس الوزراء الإسرائيلي (يهودباراك) لتمسكه بمبدأ السلام، وقال: إن المأساة تتمثل مع كل احترامي في أن الرئيس عرفات خصوصاً لم يغتنم هذا الظرف الملائم ليمد يده إلى باراك من أجل التفاهم الذي تحتاج إليه جميع شعوب المنطقة وأضاف نحن في الولاياتالمتحدة ندعو قادة الفلسطينيين لكي يوقفوا العنف، لكي يوقفوا الفوضى، وأن يصبحوا قادة بشكل جدي . وأنا أيها القارئ الكريم لا أستطيع أن أعلّق على هذا، لأن الإعلام اليهودي أدى دوره بشكل صحيح في الصراع معنا، فأصبح يؤثر في الرأي العام العالمي أما إعلامنا العربي فقد شغل بتمييع قضايانا وتزويرها وتزييف ثوابتنا ومحاولة ان تعم الفوضى في منطقتنا بحجج مزيفة لنضعف في مواجهة إسرائل التي خدموها من حيث لا يشعرون، بل تجاوزت قناة الجزيرة هذا إلى إقامة علاقات وبث برامج وتقارير وأسرار تخدم الصهيونية. وهذا المرتزق (عبدالبارئ عطوان) المتشنج والمتاجر بقضية فلسطين لمن يدفع أكثر، كل يوم يخرج علينا في قناة فضائية تؤمن بمتاجرته وقلة أدبه لينظِّر للمسلمين ويعلمهم كيف يحررون الأقصى الأسير؟ وأحب أن أذكرك يا عطوان بشيء مهم للغاية ألا وهو أن قادة هذه البلاد حفظهم الله تبنوا قضية القدس الشريف قبل ولادتك، إذ أخذت المملكة العربية السعودية منهجاً ثابتاً منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله ، يشهد على ذلك المساعدات واللجان الشعبية لجمع التبرعات المستمرة إلى اليوم والمراسلات التي تمت بين الملك عبدالعزيز وزعماء العالم في ذلك الوقت، وقد نقل جزءاً منها خيرالدين الزركلي في كتابه شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز (انظر ص1070 1224 و ص 1265 1293). وسارت المملكة على هذا النهج في عهد الملك سعود رحمه الله، والملك فيصل رحمه الله رائد التضامن الإسلامي وبطل حروب أكتوبر 1973م، والملك خالد رحمه الله الذي اصدر بياناً 6/8/1980م بأنه سيقطع علاقته مع كل بلد ينقل سفارته للقدس، وكان لذلك البيان أثر مهم فهولندا سحبت سفارتها من القدس وألغت الدول الأخرى موضوع نقل سفاراتها الذي أعلنته سابقاً, والملك فهد حفظه الله الذي أعلن (مشروع الملك فهد للسلام 16 آب / أغسطس 1981م، وأقرت هذه المبادرة في مؤتمر القمة العربية الثاني عشر المنعقد في فاس بالمغرب (9أيلول/ سبتمبر 1982م): 1, انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي التي احتلتها عام 1967م بما فيها القدس العربية. 2, إزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل بعد عام 1967م في الأراضي العربية. 3, ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان بالأماكن المقدسة. 4, تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير وممارسة حقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد وتعويض من لا يرغب في العودة. 5, تخضع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأممالمتحدة ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر. 6, قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس. 7, يضع مجلس الأمن الدولي ضمانات سلام بين جميع دول المنطقة بما فيها الدولة الفلسطينية المستقلة. 8, يقوم مجلس الأمن الدولي بضمان تنفيذ تلك المبادئ. ويجب عليك يا عطوان أن تدرك أن قادة هذه البلاد مشغلون بقضايا المسلمين، في مؤسساتهم الحكومية عندما كنت مشغولا مع مذيعي قناة الجزيرة في ريول قاردن هوتيل في لندن. ويجب عليك أيضا أن تدرك أن هذه البلاد هي التي علمتك مبادئ الصحافة مذ كنت مراسلاً في جريدة المدينة وجريدة الجزيرة، وعدم تعيينك نائباً لرئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط بعد أن حاولت بكل الطرق لا يدفعك إلى هذا إلا الحقد والحسد، تجاه من قدم لك يد العون يوم كنت مشرداً، كما أن التطبيل لصدام حسين المسؤول عما يجري للعرب بسبب تصرفاته المجنونة لا تعذرك فيه الأمة؛ لأن الكلمة أمانة في العمل الصحفي. ولماذا نسيت وتجاهلت الدول العربية التي يرفرف العلم الصهيوني فوق عواصمها والمناورات العسكرية التي تمت بينها وبين إسرائيل في حين أن قادة هذه البلاد لم يرضوا بأي تطبيع سياسي أو إعلامي أو اقتصادي مع الصهيونية؟ ولماذا أخفيت الحقائق التي تتعلق بمقتل المناضل الرسام في جريدة القبس (ناجي العلي) الذي أزعج إسرائيل، عندما قتله الموساد في لندن. وما سر المساعدات التي دفعت لك، وأنشأت بها جريدة القدس العربي منبراً للشتم والسب والزيف وتفريق العرب؟ والله من وراء القصد