يقتحم نادي القصيم الأدبي في ملتقاه السادس قلعة من قِلاع تراثنا الشعري في عصر ما قبل الإسلام، ولعلها القلعة الأولى على تخوم الزمن الشعري العربي.. إنه امرؤ القيس، ملك الشعر الضليل الذي ظلت ريادته للشعر العربي صامدة طيلة القرون الماضية، وكأنه سدَّ بنضجه الشعري أُفق تاريخ الشعر العربي السابق له، حتى لا نكاد نعرف شعراً ولا شاعراً قبله بلغ من الشعر شأواً قريباً منه. إن ملتقى هذا العام «امرؤ القيس: التاريخ والريادة الشعرية» يهدف إلى إعادة قراءة ذلك الرائد شعراً وتاريخاً. لقد كانت تجربة الملتقى الخامس - العام الماضي - عن عنترة بن شداد ناجحة من حيث تنوع وثراء الأبحاث التي قُدِّمت.. لقد قدمت بعض الأبحاث عنترة بوجه جديد لم تألفه الدراسات السابقة. لن نقف لنبكي على امرئ القيس وشعره.. كما بكى هو على ذكرى حبيب ومنزل.. إننا نطمح أن نقدم امرأ القيس بوجه متجدِّد سيرة وشعراً، وبطرق تتجاوز، وتحاور، وتفكِّك، وتتصادم مع ما كُتب عنه سابقاً.. وهذا ما سوف يُفصح عنه أكثر من ثلاثين ورقة ستقدم في هذا الملتقى بإذن الله. إن نبض الحياة في تراث أي أمة هو بيد أبنائها.. بإمكاننا وأد تراثنا، أو تهميشه، أو تجميده.. وبإمكاننا أيضاً بثُّ نسائم الحياة في عروقه، ليعيش معنا أليفاً، وحميماً، وملهماً.. نرفض التقليد والتقديس، مثلما نرفض الإقصاء والازدراء والتهميش.. ومثلما تناولت ملتقيات النادي السابقة الشعر والسرد المعاصرين، يتناول هذا الملتقى امرأ القيس - كما تناولنا عنترة بن شداد العام الماضي - وفق رؤى معاصرة متجددة. وسعادتنا بهذا الملتقى، حضوراً وموضوعاً، زادت وشرفت بهذه الرعاية الكريمة لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر عبد العزيز أمير منطقة القصيم لحفل افتتاح الملتقى وحضور نائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز اللذين تعودنا منهما مثل هذه الرعاية.. وهذا الحضور والدعم في ملتقيات النادي وأنشطته.. وكل ما يدعم النادي ويساعده على أداء رسالته. والشعور نفسه يملأ نفوسنا بحضور صاحب المعالي الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام الذي لا يألو جهداً في دعم الملتقيات العلمية والأنشطة الفاعلة للأندية الأدبية. أشكر أصحاب المعالي والسعادة المشاركين والمشاركات في جلسات هذا الملتقى الذين أجزم أنهم سيقدمون إسهامات ثرية وخصبة ودراسات أصيلة ومتعمِّقة في موضوع الملتقى، خصوصاً أن منهم من هو البحر في أحشائه الدر كامن في دراسات أدبنا القديم.. والله المستعان.