ينظر المتابع العادي إلى تواريخ الدول وجغرافياتها برؤية شمولية، يكتفي من خلالها بأخذ المعالم والمحطات الرئيسية في التاريخ، والصور الكبرى في الجوانب التضاريسية والمناخية في الجغرافيا,, وحسبه ذلك طالما أن مبتغاه لم يكن ليتعدى هذا النطاق، وطالما أن اهتماماته تتفرع إلى جوانب اخرى في زمن كثرت فيه مصادر المعرفة والمعلومة، وتشعبت مسارب الاطلاع، وتفتتت جزئيات العلم إلى جزئيات اصغر واصغر، حتى اصبحت نطاقات التخصص تضيق وتضيق لتشمل ادق التفصيلات في كل فرع من فروع العلوم، وفي كل منحى من مناحي المعرفة. لكن المتابع الحصيف,, والمراقب المتمعن لما يجري حوله,, تومض بداخله دوماً رغبة لا تخبو في تجاوز الخطوط العريضة إلى التفاصيل وتفاصيلها,, هناك في داخله جذوة حب للمعرفة والغوص في العمق,, فهو يدرك ان تاريخ الامة انما هو جزئيات متعددة لكل منها تفاصيلها واسرارها ومعلوماتها وخباياها، وهو يدرك ايضاً أن هذه الجزئيات تحتاج سبراً لأغوارها وتحليلاً لمكوناتها، حيث انها نواة ما حدث ويحدث، بل هي قلب تلك النواة، فمنها يتجمع نسيج التاريخ، وتلتئم عناصره، وتتشكل ملامحه، فيغدو بعد نضجه صورة متكاملة لتاريخ واضح الملامح، جلي الأحداث، باهر المعطيات. الأمر نفسه ينطبق على الباحث في الجغرافيا,, بل الباحث في كل فرع من فروع العلم، فالجسم الكبير هو نتاج اجسام أصغر وأصغر,, والنتائج الكبيرة هي نتاج نتائج اصغر وأصغر، وهكذا يتطلب كل إبحار في الجسم الكبير بالضرورة معرفة بكنه ذلك الجسم، وهو ما لا يتأتى إلا بتجاوز الملامح الكبرى إلى الملامح الأدق، فتتفتح آفاق المعرفة وأبوابها، وتهب رياح العلم وتنبلج أنواره. (رغبة),, ومعالم من الكتاب عبر الخلفية السابقة,, استقبلت المكتبات باحتفائية متميزة الاصدار الجديد عن بلدة (رغبة)، والذي شكّل بحثاً متكامل الأركان شامخ الاعمدة صلب القاعدة عن بلدة (رغبة),, احدى المحطات التي أسهمت وتسهم في النسيج الجغرافي والتاريخي للمملكة العربية السعودية، وتشكّل من ثم لُحمة عفوية في الجسم السعودي بكل ما يحمله من سمات، وبكل ما يميزه من ملامح وصفات. وكتاب (رغبة) الذي ألّفه الاستاذ خالد الجريسي وقدّم له الاديب الكبير الأستاذ عبدالله بن خميس,, جاء في حجم كبير وقطع متميز وطباعة انيقة، لكن الاهم أنه حوى كماً كبيراً من المعلومات التي لا يستطيع النهمون للمعرفة تجاوزها. والكتاب يعرف ببلدة (رغبة) ويبين سبب تسميتها بذلك واهم الأحداث التاريخية التي مرت بها، مع التركيز على ابراز دور البلدة في نصرة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب. كما يبرز الكتاب معالم الجغرافيا الطبيعية للبلدة ويبيّن موقعها والتكوين الجيولوجي والتضاريس والمناخ ومصادر المياه، إضافة إلى النباتات الطبيعية والحياة الفطرية، ويحدد ايضاً الجغرافيا البشرية للبلدة من حيث التمركز السكاني والأمراء والأعلام والنشاطات الاقتصادية والثقافية. وفي الجانب العمراني يركز الكتاب على التطور الذي شهدته البلدة بدءاً من الاستيطان وأسلوب التخطيط والبناء القديم وانتهاء بالنقلة الحضارية في التخطيط والبناء والطموح المستقبلي للبلدة، إضافة إلى الحديث عن أهم المعالم الأثرية في البلدة موثقاً بالخرائط التوضيحية اللازمة. أما جانب الخدمات فقد أوضحه الكتاب شاملاً الخدمات الإدارية والصحية وخدمات الكهرباء والمواصلات، وشاملاً ايضاً الخدمات الزراعية والاجتماعية مبيناً الدور الحكومي البارز فيها. ويحوي الكتاب الكثير من الخرائط الجغرافية التي توضح موقع البلدة ومعالمها الطبيعية، اضافة الى خرائط مساحية تحدد أسوار (رغبة) وأبراجها القديمة. ولم يغفل الكتاب المنتزهات البرية حول البلدة بل رسم لها خارطة تفصيلية يثبت مواقعها حسب خطوط الطول ودوائر العرض. اما الصور التي ترسم معالم البلدة القديمة والحديثة فقد حوى الكتاب كثيراً منها، إضافة إلى أن المؤلف قام بإفراد باب مستقل تحت مسمى (رغبة في صور) تم فيه حشد اعداد من الصور التي تعبر عن (رغبة) في الماضي إضافة الى قسم للادوات الاثرية، وقسم للوحات الفنية عن معالم (رغبة) بريشة رسام، وقسم ل(رغبة) من الفضاء حوى صوراً فضائية التقطت عبر الاقمار الاصطناعية وصوراً أخرى جوية, إضافة إلى قسم يحوي عدداً من الصور للمناظر الطبيعية حول (رغبة) وقسم أخير حوى صوراً ل(رغبة) الحديثة. مقدمة من ابن خميس قدّم للكتاب الاديب المعروف الأستاذ عبدالله بن خميس، الذي اشار إلى خلو المكتبة السعودية عن اي مادة في موضوع الكتاب مشيراً الى اننا ,,, في حاجة ماسة إلى تذكير الأجيال بأصالة تاريخ وتراث بلادنا، كونه قد ساهم وبشكل اساسي في تكوين هذه الشخصيات الفذة من الرواد السعوديين الاوائل في مختلف مجالات المعرفة والحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مما ساهم بدوره في صياغة الشخصية السعودية في مجملها وصولاً إلى تكوين هذا الكيان العملاق,, آملاً إلى أن يؤدي ذلك إلى ترسيخ قيمة التاريخ في نفوس أبنائنا ما من شأنه أن يشحذ هممهم ويقوي عزائمهم للمساهمة الفاعلة في نهضة البلاد . وثمّن ابن خميس ما احتواه الكتاب قائلاً إن (,, هذا البحث القيم هو احد هذه المجهودات المقدرة للتعريف بواحدة من هذه الربوع التي ساهمت في وضع اللبنات الاولى لتاريخ هذه البلاد، فقد ارتبطت (رغبة) وبشكل مبكر ومباشر بدعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وعملت على نصرة ذلك التحالف الكبير بينه وبين الامام محمد بن سعود في بداية عهد إنشاء الدولة السعودية الاولى، وعملت على نصرته في وقت كانت الحرب عليه على اشدها,,). وأعرب ابن خميس في ختام تقديمه للكتاب عن ارتياحه قائلاً: ان (الكتاب في مجمله يعد في تقديرنا إضافة ثرة للمكتبة السعودية، فقد بُذل فيه جهد كبير ومضن واستعين فيه بكل الوسائل العلمية المتاحة لتقريب الفكرة والصورة لذهن القارىء الكريم، نعتقد ان القارىء بمطالعته له سيجني لا محالة منه الكثير وسيضيف معلومة قيمة اخرى في التاريخ والجغرافيا والتراث عن وطننا الكبير المعطاء). موقع (رغبة) حدد الكاتب موقع (رغبة) ضمن الحديث عن جغرافية (رغبة) الطبيعية فقال انها تعد احدى بلدان المحمل وتبعد عن ثادق 18 كلم جنوباً ويصلها بالرياض الطريق القادم من القصب فحريملاء فالرياض التي تبعد عنها 120 كلم, وتتوسط (رغبة) أرضاً مكشوفة يتقاطع عندها خط البادية الذي يربط بين طريق سدير وطريق الحجاز القديم مع طريق القصب القادم من القصب باتجاه حريملاء. وتتبع رغبة إدارياً محافظة ثادق قاعدة المحمل التابعة لإمارة منطقة الرياض, اما موقعها الفلكي فهو 7ق، 25د شمالاً و 46ق، 45د شرقاً. ويحيط ببلدة (رغبة) الكثير من المدن والقرى التي تشكل حدودها الجغرافية وذلك على النحو التالي: من الشمال ثادق، ومن الجنوب العويند والبرّة، ومن الشرق حريملاء، ومن الغرب ثرمداء والقصب, أما الحدود الطبيعية لبلدة (رغبة) فتتمثل في: جبل الغرابة في الشمال، وجبل عريض في الجنوب، وسلسلة جبال طويق في الشرق، ونفود رغبة في الغرب والشمال. أودية وشعاب (رغبة) يشير الكتاب إلى أن مجاري السيول تتعدد كثيراً في (رغبة) نظراً لتعدد المرتفعات الجبلية المحيطة بها، إذ ينحدر من الحافة الغربية لجبال طويق الكثير من الاودية التي حفرت فيها مجاريها العليا بقوة لتعبر المنطقة السهلية متجهة نحو الغرب، كما ينحدر من جبل عريض بعض الأودية نحو الشمال ثم تتابع سيرها نحو الغرب، كذلك تهبط بعض الاودية من جبل الغرابة في الشمال، ومعظم هذه الاودية ينتهي عند سبخة القصب. ويمر برغبة وما حولها عدد من الاودية والكثير من الشعاب (أغلبها يأتي من الشرق)، وهذه الاودية لها اهمية عظيمة حيث تنشأ على مجاريها الدنيا روضات ومراعٍ تتوق إليها الصحراء قبل أن تنتهي المياه سريعاً في الرمال، واشهر هذه الأودية وادي خشم الحصان ووادي خشم التراب، ووادي الحصين، وشعيب المعترضة والطرفية والسباعة وغيرها كثير. وبعض مجاري تلك الاودية تسلك سبيلها إلى البلدة، مثل السيل القادم من خشم الحصان حيث يتفرع عند مطوي السبخة (المداريج) إلى فرعين أحدهما يواصل طريقه إلى باطن السبخة والآخر يتجه إلى البلدة ليصب في مريطل وعند اكتفاء النخيل يتجه السيل إلى وادي المخر وينتهي في سبخة القصب. وقد تم تحويل مجرى هذا السيل حديثاً إلى القاع بسبب طريق رغبة البرة. وهناك مشروع السيول الذي اقامه أمير رغبة علي الجريسي على شعيب الطرفية والمعروف بصنع الجراسي الذي حوّل شعيب الطرفية للجو ليلتقي مع سيل المعترضة الذي قام بتحويله أيضاً ليلتقيا عند مداريج العلا التي بناها على شكل قنوات (مقسمات) تعمل على توزيع الماء على مزارع الجو وتحول دون انجراف التربة. أبرز المعالم الأثرية في (رغبة) ويشير مؤلف الكتاب إلى أن بلدة رغبة تضم عدداً من الآثار التي تبرز أمام الزائر ومن أهمها حسب التسلسل التاريخي: *عقدة الجريسي: وهي قلعة حصينة تقع في منطقة الجو حيث بنيت في منطقة فضاء بعيدة عن التجمع العمراني للبلدة حينذاك مما يدل دلالة واضحة على منعتها وقوة تحصينها، وتنسب لبانيها علي الجريسي أمير رغبة، وهي رباعية الشكل يحيط بها سور منيع يبلغ طوله من الشمال 48,82م، ومن الجنوب 58,74م، ومن الشرق 62,24م، ومن الغرب 67,91م، وإجمالي مساحتها 5115,95 متراً مربعاًو وللسور قاعدة عرضها ثلاثة أمتار، ويضيق عرض السور تدريجياً وهو مؤلف من ثلاثة جدران متوازية، غير متلاصقة تم حشو الفراغ الذي بينها بالرمل،وهي مبنية من عروق الطين التي تستخدم في بناء الاسوار إذ كانوا يتبعون أسلوباً خاصاً في البناء بعروق الطين مما يزيد في منعة السور ويجعله متيناً صعب الاختراق. ولسور العقدة اربعة ابراج، ففي كل ركن من اركانها برج مقوس الشكل يبلغ طوله مايقرب من 16,5م، وفي كل برج عدد من الفتحات التي يتم من خلالها مراقبة العدو ورصد تحركاته. وللعقدة باب في الجهة الغربية من السور، عرضه 3,85م، وقد بني داخل العقدة عدد من المباني، يتوسطها بئر مضلعة رباعية مطوية بالحجارة تمد من في العقدة بالماء الذي يمكنهم من الصمود وبخاصة عند حصار العدو لهم. وزيادة في التحصين بنى علي الجريسي في منطقة الجو المحيطة بالعقدة عدداً من الابراج الاخرى وربط بينها بأسوار مشكلاً بذلك خطوط دفاع امامية للعقدة والمزارع المحيطة بها. وقد تعرضت العقدة للهدم على يد الأتراك، وبإمعان في النظر في ما تبقى من اطلال اسوارها وأبراجها ندرك أنها بنيت لتلعب دوراً بارزاً سجّله لها التاريخ. *برج المرقب: عند تأملك لبرج المرقب برغبة، الذي يعد من الآثار المشهورة بنجد، يتبين لك أن البرج لم يكن مجرد معلم اثري فقط بل كانت طريقة بنائه والاسلوب المعماري المتبع في إنشائه ينم عن ذوق معماري رفيع في ذلك الحين، إذ يعد صرحاً معمارياً يدل على نظرة ثاقبة برعت في تصور هذا الهيكل ليؤدي أكثر من وظيفة، وأن هذا البناء صنعته أيدٍ ماهرة ذات خبرة عالية في تنفيذ ما تصورته في ذلك الزمن, ومما يثير دهشتك وإعجابك طريقة إنشائه، حيث بني بطريقة هندسية متكاملة متناسقة، تؤدي الغرض الذي أنشىء من أجله, في زمن لم تكن النظريات الهندسية شائعة مثل ما هي عليه الآن من الحسابات المدروسة واتباع المدارس الإنشائية، فالهندسة المعمارية فن، وهذا الصرح دليل حي قوي على أن الهندسة حقاً فن وذوق إذ ينمّ عن ذكاء لامع أدى إلى إبداعه، ففي وقتنا الحاضر لا يتم إنشاء اي مبنى إلا حسب نظريات هندسية وقوانين وحسابات دقيقة لكل جزء من أجزاء المبنى، ومثل هذا البناء المرتفع والشاهق في زمنه، إذا ما نظرنا إليه نظرة فنية أو هندسية فإنه يتملكنا العجب، إذ كيف تم تصور ضغط الرياح على بناء بهذا الارتفاع؟ وكيف تم حساب تحمل التربة التي ستحمل هذا الوزن على مساحة القاعدة مثلاً؟ ومما يثير إعجابك اكثر عندما ترى قياساته على الطبيعة فتلاحظ أنها استوفت كامل الشروط الهندسية بشكل صحيح، مكنت البناء من المحافظة على كيانه وهيكله المعماري، ومع أنه تم ترميمه اكثر من مرة إلا أن هيكله هو الاساس ودقة قياساته هي التي ساهمت في بقائه شامخاً حوالي القرن والنصف، متحدياً العوامل البيئية والجغرافية ليكون شاهداً على فترة حضارية ضمتها هذه المنطقة المتميزة في قلب الجزيرة العربية. ومما تجدر الإشارة إليه أن البرج يقع في الجهة الجنوبية الغربية من البلدة، وأن أهل البلدة أنشؤوه بمساعدة رجل متخصص في البناء من أهل ثادق يسمى إبراهيم بن سلامة وأنه استخدم في بنائه الحجر والطين،وقد تمت عمليتا ترميم للبرج، الاولى سنة 1394ه على نفقة صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقة الرياض، أما الثانية فكانت في 25/5/1417ه على نفقة رجل الاعمال عبدالرحمن بن علي الجريسي. أسلوب التخطيط والبناء القديم استعرض الباحث في كتابه اسلوب التخطيط والبناء القديم في (رغبة)، فمن دراسة الاسلوب المستعمل في حي الحزم وحي نبعة ,, يتضح أن هناك علاقة بين اسلوب البناء والبيئة، فالبيئة تفرض ظروفاً معينة ترغم سكانها على ضرورة التكيف معها، وباستعراض خصائص موقع بلدة رغبة البيئية يتضح أنها تقع في بيئة صحراوية قاسية حددت نمطاً مميزاً من العمران التقليدي، سواءً على مستوى تخطيط الحي أو تصميم وبناء المنزل مثلها مثل أيّة بلدة أو مدينة في المنطقة الوسطى من المملكة. وقد عملت البيئة الصحراوية السائدة في المنطقة على تحديد نمط من العمران التقليدي، حيث يظهر في شكل المباني المتلاصقة وندرة وجود الفراغات الكبيرة داخل كل من الحيين، تمشياً مع الظروف المناخية للمنطقة حيث المناخ الحار والجاف، مما جعل المباني مغلقة من الخارج ومتجهة إلى الداخل على افنية داخلية، والممرات ضيقة والفتحات الخارجية قليلة. كما أن للظروف البشرية الدينية والاجتماعية والاقتصادية اثراً كبيراً في تشكيل العمران التقليدي، ولعل اهم هذه العوامل الدين الإسلامي، ويتضح ذلك من انتشار المساجد في تخطيط البلدة، حيث يشكل المسجد مركز الحياة الدينية والسياسية والثقافية واحتل المسجد مواقع مميزة لعبت دوراً اساسياً في توجيه البناء وامتداد الطرقات التي تربط بين المسجد والمباني والسوق التجارية والمزارع، وقد أمكن تحديد المساجد القديمة في الحيين وبعضها لايزال بوضع جيد مثل المسجد الطالعي بحي الحزم ومسجد الجوبحي نبعة. ويظهر تأثير الظروف الاقتصادية في تشكيل الفراغات واسلوب البناء فيلاحظ مثلاً احتلال موقع السوق التجاريّة في وسط الحي وتفرع الطرقات منه إلى المساكن كما أن النشاط الزراعي الذي كان يغلب على السكان جعلهم يقيمون مبانيهم بالقرب من الاراضي الصالحة للزراعة مما حدد الطرقات والبوابات التي تصل الأحياء بالمزارع، كما أن إنشاء المباني التقليدية يعتمد على مواد البناء المحلية والمتمثلة في مادة الطين والحجارة والأخشاب, وبذلك يتضح التجانس والبساطة في بناء المساكن، سواء من حيث مادة البناء، او الشكل، فليس هناك تطاول أو تفاخر في البناء، مما يوضح التقارب والتلاحم الحميم وقوة العلاقات الاجتماعية بين السكان في البلدة، وقبل انطلاق توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، كان الخوف والحذر متبادلاً بين القبائل وسكان المدن والقرى الأخرى في المنطقة، ونتيجة لعدم الشعور بالامن والاستقرار فقد تم بناء الاسوار المحيطة بالمباني حيث وجدت آثار الاسوار باقية إلى الآن في كل من حي الحزم وحي نبعة، وهي تحمي الاحياء من الغزو، وفي كل سور عدد من الابراج التي تستخدم للمراقبة ورصد حركة العدو، وبها كذلك عدد من الابواب يتم التحكم في فتحها وإغلاقها حسب الحاجة، ومع استتباب الامن بتوحيد المملكة أمن الناس وظهرت المباني خارج الاسوار. رؤية وخلاصة ويرى المؤلف انه من خلال البحث الميداني المستفيض المصور ، ظهر ما تتمتع به بلدة رغبة من موقع استراتيجي على ملتقى الطرق التي تربط بين المدن المختلفة وما تتمتع به من آثار ترسم معالم القرية النجدية القديمة تحيط بها مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والمراعي الخصبة، إضافة إلى الطبيعة الصحراوية الجميلة, كما ظهر كذلك تطورها في مختلف ميادين التنمية والبناء تحت رعاية حكومتنا الرشيدة التي لا تألو جهداً في العناية بالبلدة كغيرها من بلدان وطننا الحبيب فهي تمدها بما لديها من عون مادي ومعنوي حتى تحققت البنية التنموية الاساسية. وناشد المؤلف ابناء البلدة لتضافر الجهود للاستفادة من الإمكانات المتاحة التي توفرها الدولة رعاها الله وتسخيرها في سبيل النهوض بالبلدة وتحقيق رفاهية العيش للقاطنين بها. وفي سبيل تحقيق ذلك اوصى الباحث ببعض الخطوات منها: *العناية بالمعالم الأثرية والمباني الطينية التي تصوّر الحياة الطبيعية في احياء البلدة القديمة وذلك بترميمها والمحافظة عليها لتكون أنموذجاً حياً تقرؤه الأجيال المتعاقبة. *إنشاء متحف مصغر يضم بين جنبيه مختلف الأدوات الاثرية ووسائل المعيشة التي كانت تستخدم في الماضي، وإبرازها بهدف تعريف الأجيال الحالية والقادمة على طبيعة الحياة القديمة بالبلدة. *الاهتمام بالحرف اليدوية التي تمثل أصالة البلدة علماً بأن المواد الأولية لهذه الحرف متوفرة في البلدة. * تشجيع الزراعة والاهتمام بها لوجود الأراضي الخصبة الواسعة والمياه الصالحة للزراعة بالبلدة. وبعد لقد جاء الكتاب بصفحاته البالغة 247 جهداً مقدراً سلط الضوء على إحدى البلاد ذات العمق التاريخي والجغرافي بأرض المملكة، واحتوى على ترجمة انجليزية لما جاء فيه ليزيد من مساحة التلقي، وليسهم في نقل ما احتواه من معلومات قيمة إلى الآخر بلغته الإنجليزية، لكي يرى تحت مجهر البحث بعضاً من ملامح وملاحم الحياة التي عاشتها وتعيشها المملكة، والتي أثمرت التميز ورغد العيش والمستوى الحضاري الذي تحياه بلادنا,, تحت مظلة آمنة بتحكيم شرع الله,, وبقيادة حريصة على كل ما يرفع من شأن المواطن والوطن يقود ركبها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني يحفظهم الله.