الرس - عبدالله العقيل - منصور الحمود / تصوير - صالح العقيل: تستعد الرس كبقية محافظاتالقصيم لاستقبال ضيفها الغالي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في زيارته الميمونة للمنطقة. وفي مثل هذه الأيام السعيدة في تاريخ الرس يستذكر أبناؤها جانباً من تاريخ مدينتهم الحالمة لجذورها التاريخية العميقة وذلك في الوقت الذي تعيش فيه المحافظة نهضة تطويرية كبيرة شملت مختلف ميادين الحياة. وإذا ذكرت الرس فهي تعني التاريخ القديم الذي تغنى به الشعراء الجاهليون ووصفوا أطلاله ومغانيه، كما وصفوا الضبا والحمر الوحشية التي تسرح في مفانيه وأوديته وشعابه، كما تغنوا في الفواني والنساء الجميلات الائي يلعبن في ربوعه.. ذكر الرس في كتب البلدانيين القدماء والرحّالة الذين جابوا الديار والمؤرخين النجديين الذين تحدثوا عن المواقع. ويجمع المؤرخون بأن الرس والرسيس من أقدم المواضع التي ورد ذكرها في التاريخ، حيث كانت الرس موجودة قبل البعثة الشريفة بأكثر من ثلاثمائة سنة. كما أنها من المواقع التي كانت مقراً لبعض الممالك العربية القديمة.. فقد ذكر الدكتور جواد علي «المفصل 3-322» بأن حجر بن عمرو الملقب «آكل المرار» وهو أول ملوك كندة ومن نسله الملك الشاعر امرؤ القيس بن حجر عندما قدم من موطنه اليمن إلى غارة على العراق والشام نزل بنجد في «بطن عاقل» واستوطن فيه، وكان اللخميون قد ملكوا كثيراً من تلك البلاد، ولاسيما بلاد «بكر بن وائل» فنهض بهم وحارب اللخميين واستخلص أرض بكر منهم. ويقع بطن عاقل إلى الشرق من الرس، وبينهما «10» أكيال فقط، وبهذا يكون الرس الذي يقع عن عاقل جهة الغرب واحداً من أحياء مملكة كندة التي حكمت تلك الناحية، بل إن الرس كانت إحدى الحواضر المهمة في مملكة كندة. ويدل على ذلك أبيات كثيرة من الشعر تروي تلك الحضارات والحروب والصراع بين أهلها، منها ما قال أحد الشعراء مدللاً على كثرة عدد من يردون تلك المناطق: ثم إن أشعار زهير بن أبي سلمى التي أدرك تلك الحواضر من بقايا مملكة كندة التي رويت في الرس تدل على أن تلك المنطقة كانت ملتقى للحاضرة والبادية قال: وإذا تجاوزنا ذكر الرس في العصر الجاهلي إلى بداية القرن العاشر الهجري فنرى بأنه يوجد عدة أسوار قام أهل البلدة بعمارتها أثناء الحروب التي مرت عليهم، وكان الغرض منها تحصين البلدة من العدوان وحمايتها من المعتدين، وكانت تلك الأسوار تفتح بعد صلاة الفجر، وتغلق بعد صلاة العشاء عندما يتهيأ أهل البلدة للنوم بعد العناء والتعب والكدح في أعمالهم، والرس كغيرها من البلدان، حيث كثرت حولها الحروب، وقد بنى أهلها ثلاثة أسوار من الطين تم تجديد الواحد تلو الآخر، وهي: - السور الأول: وهو الذي ورد ذكره في خبر أمير الرس هديب بن عويص بن محمد بن علي بن راشد المحفوظي الذي تولى إمارة الرس بعد والده عويص بن محمد بن علي.. ويذكر عبدالله الرشيد بأنها بين عامي 1140 - 1190ه بنى هديب بن عويص عليها، وعلى قصره وما حوله من البيوت سوراً لحماية البلدة من المعتدين وأسماه (حوطة الجو) وأعانه أهل الرس على بناء السور وصار هذا السور هو السور الأول للرس. - السور الثاني: بعد حرب الجلاس أرسل محمد علي باشا ابنه طوسون إلى الرس على رأس جيش في عام 1230ه إلى نجد وحصل في الرس الصلح بين الأمير عبدالله بن سعود وطوسون على وضع الحرب وخرج الأتراك من نجد قام أهل الرس في عهد عبد الله الدهلاوي بتوسعة السور الأول ليشمل بقية البلدة وله أبواب وحدود: من الشمال بيت الخريبيش وبيت الحناكي، ومن الجنوب: بيت سالم الضويان، وناصر بن عبدالله الرشيد وشمال المسجد الجامع الأول الطالعي. ومن الشرق: وسط بيت الجوبوع وبين الطاسان وبيت الخميس.. ومن الغرب: قصر الخيل وهو بيت إبراهيم الزعاقي حالياً. والسور مكون من ثلاثة جدران مبنية من الطوب اللبن طول الواحدة منها 30 سم وعرضها 20 سم بين كل سور والآخر مسافات سعة كل منها 20 سم مملوء بالرمل. - السور الثالث: وبناه أهل الرس بعد وصول إبراهيم باشا، وهو امتداد للسور الثاني بحيث يشمله وما حوله من المنازل التي ظهرت فيما بعد. وحده من الجنوب: بجوار مسجد الرشيد من الجنوب بينهما حوالي مائة متر، وحده من الشمال: بجوار بيت محمد بن سليمان الخربوش وبيت ناصر الدغيثر، وحده من الغرب إلى سور مقبرة الرس الأولى من جهة الشرق، وحده من الشرق إلى بيت أمير الرس عساف الحسين.. وللسور الثالث سبعة أبواب ألحق بعضها فيما بعد وهي: باب النقبة وباب العقدة وباب الأمير وباب الخلاء وباب نقبة زمير وباب نقبة الناهس وباب نقبة القراية. أما طريقة أهل الرس في بناء السور إنهم يبنون سورين متجاورين من لبن الطين عرض الواحد منهما حوالي 80 سم بينهما مسافة 100 سم يملؤونها بالطين، وعندما تأتي القذيفة باتجاه السور تنفذ من السور المواجه ثم تستقر في الطين، ولا تنفذ في السور الداخلي، ويوجد حالياً نموذج من ذلك بجانب مقصورة باب الأمير لمن يرغب المشاهدة. كما أنهم يجعلون السور الداخلي أقصر من السور الخارجي من أجل أمن «الرقيبة» وهو الرجل الذي يقوم بمراقبة العدو، بحيث إن الرقيبة الرجل الطويل يمشي على السور الداخلي دون أن يشاهده من هو خارج السور. كما قام أهل الرس في عام 1232ه ببناء المرقب المشهور بجوار المسجد الداخلي من طين الوادي المخلوط بالتبن وسط السوق التجاري بقصد مشاهدة حملات المعتدين المقبلة والتصدي، لها وكان ارتفاع هذا المرقب أربعين متراً وهو بشكل مربع واسع من الأسفل ويضيق كلما ارتفع، وقد بناه رجل من البكيرية يسمى «فريح» بمساعدة أهل الرس والرقيبة يشاهد من أعلى المرقب القادم للبلدة بمسافة خمسين كيلومتراً من كل الجهات، وقد هدم إبراهيم باشا منه فيما بعد ستة أدوار، ثم قامت البلدية في نهاية عام 1397ه بهدم باقي المرقب من أجل تأسيس طريق وسط البلدة. كذلك أقام أهل الرس برجاً آخر في بلدة الرويضة الواقعة في الجهة الشمالية من الرس سقط هذا البرج عام 1362ه من أثر السيول، حيث يقع في منطقة منخفضة يجتمع فيها السيول. كما كان يوجد في بلدة الجندلية الواقعة شمال الرس برج واسع حصلت فيه معركة مشهورة. مساجد الرس القديمة حتى عام 1380ه تقريباً وعندما كانت الرس بلدة صغيرة لم يكن يوجد في الرس سوى أربعة مساجد هي: - المسجد الداخلي القديم: قيل إنه بني في حدود عام 1100ه بناه أهل الرس للصلاة وكان عمارته من الطين، وتم تجديد بنائه مرة أخرى من قبل تركي بن راشد الدبيان وكان مشهوراً بالبناء. واستمر على حاله من الطين وبعد أن توفي إمامه الشيخ محمد بن إبراهيم الخربوش عام 1397ه تم تجديد عمارته من الأسمنت المسلح على نفقة ناصر بن علي بن دغيثر -رحمه الله-. - المسجد الطالعي الجامع: وقد بني في حدود عام 1200ه بعد وقعة الجلاس، حيث كثر السكان حول البلدة وبنوا بيوتاً كثيرة للسكنى خارج السور الثاني في جنوب البلدة فقام أهل الرس وتعاونوا على بناء هذا المسجد من الطين ليكون هو الجامع الأول، وموقعه جنوب السور، وجنوب بيت ناصر بن عبدالله الرشيد وبيت محمد بن صالح الصائغ في المفرق (مفرق الحماد) واستمر على وضعه حتى تفضلت الحكومة الرشيدة في بداية عام 1385ه بإعادة بنائه من الإسمنت المسلح. - مسجد الضويان: وكان يسمى «مسجد الصوير» وبناه أسرة الضويان عام 1337ه في الجهة الغربية من البلدة ويسمى «المسجد القبلي» وكان يصلي فيه محمد بن إبراهيم الضويان. - مسجد الرشيد: وبناه محمد بن خالد الرشيد في الجهة الجنوبية من البلدة ويسمى «المسجد الجنوبي» وكان يصلي فيه الشيخ محمد بن ناصر بن خالد الرشيد، ويوجد في المسجد سراج له أوقاف تصرف عليه. المركز الحضاري بالرس من أهم المعالم الحضارية بالرس اليوم مشروع مركز الأمير سلطان الحضاري في الرس والذي تم الافتتاح الرسمي يوم الثلاثاء 11-2-1439 ه على شرف صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور/ فيصل بن مشعل بن سعود آل سعود أمير المنطقة، حيث يقع على مساحة 57500م2، ومساحة المباني 10000م2، ويحتوي المشروع على عدة مرافق وهي: - البهو الرئيسي للمبنى بمساحة 900 م2. - صالة الاحتفالات والتي تتسع إلى 400 فرد. - المسرح ويتسع إلى 930 فرد. - قاعة محاضرات صغيرة وتتسع إلى 154 فرد. - صالة إضافية وتتسع إلى 500 فرد. - عدد 4 أجنحة لضيوف المركز. - مباني إدارية وتحتوي على مكاتب وقاعة اجتماعات ومركز إعلامي للمحافظة. - يحتوي المبنى على 4 مداخل ومخارج رئيسية. - عدد المواقف الداخلية تتسع إلى 450 سيارة. - نافورة تفاعلية بمساحة 900 م2 تتفاعل حركاتها مع الأصوات والألوان. معالم سياحية في كل مدينة أو قرية توجد مواقع ومسميات مشهورة داخل محيط تلك المدن وهذه المواقع لها شهرة عند أهلها، وشهرتها تميزت بأنها ذات قصة حصلت حولها أو مثل مشهور أو لها ذكريات عند شباب تلك المدن أو كونها موقعاً حربياً مشهوراً أو غير ذلك، والرس كغيرها من المدن التي توجد فيها أماكن ومواقع مشهورة عند أهلها سوف نورد بعض تلك المواقع ونحاول التعريف بها منها: القبّان، وحسو المروى، وحسو الطريفي، وحسو أبو دغيثر، وحسو أبوخميس، والمنيع والجفير. ومن المواقع السياحية بالرس جبل الجندل، وهو الجبل الصغير غير المرتفع، ويطلق العامة على مثل ذلك (المنْبَطِحْ) ويوجد حول الرس ثلاثة جنادل، الأول: وهو القريب ويقع شمال شرق الرس وهذا تواصل البنيان حوله فصار حياً من الأحياء المشهورة بالمدينة. والثاني: يقع شرق الرس بجوار مركز التدريب المهني ويسمى «جندل الرفيعة» يقع جنوب شرقي الرس بجوار الحوطة، وشهرة هذه الجنادل أنها كانت مكاناً لنزهة الأهالي، حيث كانوا يذهبون إليها على الأقدام أو على الدراجات، ولكنها الآن تركت لقربها من البلدة وصار الناس يذهبون في رحلاتهم إلى الأماكن البعيدة عن الرس. ومقصورة باب الأمير، وهي الوحيدة من بقايا سور الرس القديم التي لا تزال موجودة لم تصل إليها أيدي الفساد، وتقع شرق البلدة بين منازل العساف. ومقصورة باب الخلا، وتعتبر جزءاً من سور الرس القديم وتقع في شمال البلدة بجوار منزل محمد بن سليمان الخربوش ومنزل ناصر بن علي بن دغيثر، وقد تم هدمها من قبل البلدية عند تعبيد الشارع العام. ونقبة حصة في الجهة الشرقية من البلدة بجوار منزل حمد المالك ومنزل الرميح ومنزل الصالحي. نقبة القراية: وتنسب لمن كانوا يقرؤون القرآن آنذاك في المسجد، وتجاور جفرة المزيني، ومسجد علي الجاسر ومنزل محمد الفريحي. أما المفرق ويسمى «مفرق الحماد» فهو مساحة واسعة من الأرض يقع شرق المسجد الجامع الطالعي، وأول مبنى مستأجر لمحكمة الرس يقع على هذا المفرق من جهة الشرق، كما أن مدرسة الكتاتيب التي يدرس فيها الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن العقيل تقع في الجهة الشرقية من المفرق، والمفرق. أما الجريف فهو تصغير (جرف) وهي ربوة مرتفعة من الأرض تقع في الجهة الجنوبية من البلدة، كان أهل الرس يستخرجون منه ملح البارود أثناء حربهم مع إبراهيم باشا، وهذا الموقع يحكي شجاعة أهل الرس عندما تصدوا لجيش إبراهيم باشا الذي عجز عن احتلال البلدة واعترف بهزيمته أمامهم، فاضطر لعقد الصلح مع أهلها. وذكر شعراء الرس الجريف في الأشعار الحماسية للحرب.. يقول ابن إبراهيم بن دخيل الخربوش شاعر الحرب بالرس مفتخراً بشجاعة قومه وذاكراً الجريف: قامت الحكومة آنذاك بافتتاح المدرسة العسكرية بالرس لتحقيق رغبة أهل الرس في انخراط ابنائهم في الحياة العسكرية ويشاركون في الدفاع عن بلادهم، وهذا ما حصل إذ نجد أن أكثر أبناء الرس يعملون في المجالات العسكرية، وبقي حالياً من مبنى المدرسة العسكرية أطلال من الطين. تأسست المدرسة العسكرية بالرس في شهر شوال عام 1374 وتفضل صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران آنذاك بافتتاح المدرسة في شهر ربيع الأول من عام 1375ه، تقبل المدرسة العسكرية للدراسة فيها الطلاب الحاصلين على شهادة الصف الثالث الابتدائي، ويمكن قبول المتقدم للدراسة بالمدرسة في جميع الأوقات إذا توفرت فيه شروط القبول. آثار الشنانة وهي بلدة صغيرة تقع في الجهة الغربية من الرس، وآثارها هي بقايا تلك البلدة، ويشاهد حالياً من تلك الآثار بقايا سور الشنانة وبقية من مقصورة السور كذلك بعض المنازل التي كان يسكنها أهل الشنانة وبقية من المساجد وبعض الآبار المتهدمة التي كان الأهالي يجلبون منها الماء لمزارعهم ومنازلهم. أما الرجبة فوهي مرتفع صخري يقع في الجهة الشمالية من البلدة، وهي الآن بين مبنى الأحوال المدنية ومبنى المحافظة ومبنى المحكمة ولا يزال بقية من تلك الصخرة ظاهراً للعيان. هذا بعض من تاريخ الرس ومواقعها السياحية والأثرية التي بقيت شاهداً على مراحل تطورها الذي تشهده اليوم في مختلف الميادين.