ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    انقاذ طفله من انسداد كلي للشرايين الرؤية مع جلطة لطفلة في الأحساء    فيصل بن بندر يرعى حفل الزواج الجماعي الثامن بجمعية إنسان.. الأحد المقبل    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    لمحات من حروب الإسلام    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أسوار المدن» شامخة ب«طين الخوف والكرامة»!
مثّلت خط الدفاع الأول لصدَّ هجمات الأعداء وشاهدة على «جيل اليوم» ليشكر «نعمة الأمن»
نشر في الرياض يوم 28 - 09 - 2013

شكِّل «الأمن» مطلباً أساسياً لكُلِّ من عاش في «الجزيرة العربية» بشكلٍ عام و»المملكة» بشكلٍ خاص قبل توحيد هذا الكيان المترامي الأطراف على يد المؤسس الراحل جلالة الملك «عبدالعزيز» -طيَّب الله ثراه-؛ نتيجة حوادث القتل والغزو والنهب المتكررة يومياً؛ مما اضطر كثير من سكان القرى إلى تحصين بلداتهم، من خلال بناء أسوار ترد كيد المتربصين بهم من المفسدين في الأرض وقطّاع الطرق، وغيرهم مِمَّن تحركهم أطماعهم وطموحاتهم في السيطرة على تلك القرى والبلدات والتنعُّم بخيراتها.
أسوار «الدرعية، الرياض، المدينة، جدة، الطائف» الأشهر والأكبر في الجزيرة العربية..
ومثَّلت تلك الأسوار الضخمة خط الدفاع الأول عنهم، ونجحت في الوفاء بهذه المهمة أيُّما نجاح، وبقي العديد منها أو أجزائها شاهداً على تلك الفترة المضطربة أمنياً؛ ليستشعر الجيل الحالي مقدار ما ينعم به من «أمن وأمان» على ثرى الوطن.
بوابة دخنة عام (1937م) إحدى البوابات الجنوبية لمدينة الرياض، حيث كان على أسوار المدينة القديمة نحو تسع بوابات، ونحو عشرين برجاً
طريقة بناء السور
كان من المُتعارف عليه في الماضي أن يتم بناء السور الذي يحيط بمنازل القرية على أساس التعاون بين أبناء البلدة جميعاً، وكانت أُولى خطوات البناء تبدأ عبر حفر أساس السور، وذلك بعمق ذراعين إلى ثلاثة، ومن ثمَّ يكون بناء الأساس من الحصى القوي الذي يُقطع من الجبال ويُحضر على ظهور الدواب، ويكون بعرض الجدار وسماكته، وكانت غالباً ما تكون من ثلاثة أمتار إلى أربعة، وبعد أن يرتفع بناء الحصى بمقدار ذراع يتم وضع الطين بطريقة «العروق» وليس «الِّلبن»، إذ أنَّ هذه العروق تكون عادةً أكثر صلابة من «الِّلبن»، ويتم بناء هذه العروق على شكل جدران متلاصقة بعضها ممسك ببعض، وقد تبلغ من خمسة إلى ستة جدران، بحيث تشكل في النهاية جداراً واحداً قوياً صلباً لا يمكن اختراقه أو هدم ثلمة منه.
أسوار «المصمك، المجمعة، شقراء، أشيقر» بقيت شاهدةً على بطولات الرجال وتضحياتهم
أمَّا جدار السور فإنَّه يكون عالياً بعد الانتهاء منه وقد يبلغ أكثر من ثمانية إلى عشرة أمتار، ويكون الجدار من الأسفل ضخماً وعريضاً ويتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أمتار، ويضيق كُلَّما ارتفع البناء، خاصةً إذا تجاوز منتصفه، بحيث يكون في الأعلى بمقدار نصف متر تقريباً وقبل النهاية بحوالي متر تقريباً، أمَّا عرض الجدار فيبلغ متر تقريباً، كما يتم بناء نصف متر من الجهة الخارجيَّة للسور بارتفاع قامة الإنسان، بينما يُترك نصف متر بدون بناء من الجهة المقابلة لمنازل القرية؛ وذلك لكي يستطيع الشخص المشي على جدار السور من الداخل ويتنقل من مكان إلى آخر، كأن يذهب من برج مراقبة إلى برج آخر أو يكون طريقاً للمشي أثناء صيانة السور.
الجانب الشرقي من سور الرياض
أبراج المراقبة
يتخلل بناء السور بناء العديد من أبراج المراقبة بحيث تقسم المسافات على طول السور بأكمله، إذ يتم بناء برج واحد بعد مسافة (50) متراً تقريباً، وهكذا، وعادة ما تكون تلك الأبراج مربعة الشكل والقليل منها دائري الشكل، ويعود الأمر في ذلك إلى أنَّ السور إذا كان مبنياً في خط مستقيم فانَّ الأبراج تكون مربعة الشكل، إذ أنَّ هذا الحال يساعد على ذلك، أمَّا إذا كان السور ملتف على نخيل أو بعض الدُور فإنَّ البرج يكون دائري الشكل، ومع أنَّها كانت جميعاً تؤدي الغرض إلاَّ أنَّ بناء الأبراج مربعة الشكل أسهل لعمال البناء.
«المصاليت» نوافذ مفتوحة من الأسفل يستطيع المراقب معها إخراج «بندقيته» ورمي الأعداء
أمَّا فيما يخص طريقة بناء الأبراج فإنَّها تتم بطريقتين، الأولى يتم فيها بناء البرج من القاعدة بالطين، أيّ أنَّ مساحة البرج التي بمقاس أربعة أمتار في أربعة أمتار من القاعدة إلى علو معين تكون كلّها من الطين كلبنة طين واحدة، بحيث تكون التي في الأسفل لا تدخل، وإنَّما يتم بناء غرفه بعد أن يرتفع السور بمقدار ثلاثة أمتار فوق هذا الطين وتُسوَّر وتكون مرتفعة عن مستوى السور بارتفاع يسمح لمن بداخلها بمراقبة القادم من بعيد، إلى جانب من يكون أسفل السور وعن يمينه وشماله، وذلك من خلال فتحات صغيرة دائرية الشكل في زواياه الأربع.
وإلى جانب تلك الفتحات الصغيرة كان يتم بناء «مصاليت»، وهي نافذة مفتوحة من الأسفل يستطيع من خلالها المراقب أن يخرج سلاحه «بندقيته» ويُصوِّب على من هو أسفل السور فيصيبه بمقتل، وذلك عند محاصرة السور والهجوم على البلدة من قبل الغزاة، وكانت هذه الأبراج المحيطة بالبلدة تتولى مهمة المراقبة ورصد التحركات التي تحوم حول البلدة وتنوي مهاجمتها نهاراً، فإذا ما رأى أحد المراقبين أي بوادر هجوم على البلدة أعلم السكان ليُغلقوا البوابات ومن ثمَّ التمركز في الأبراج ومناوشة الأعداء، وغالباً ما كانت تكون مهمة مراقبة الأبراج على الأُسر، ولذا كانت تُعرف تلك الأبراج باسم الأسرة المسؤولة عنها، مما يزيد من حماس الدفاع عن الأبراج والاستماتة في صد أي هجوم قد يتم على البلدة.
إحدى البوابات المحيطة بمدينة حائل عام (1914م)
بوَّابات الأسوار
كان لكل سور من الأسوار التي تحيط بالبلدة بوَّابات كبيرة ضخمة مصنوعة من خشب الأثل القوي، وكانت تلك الأبواب ذات متانة وقوة لا يستطيع أحد اختراقها بسهولة، وتتميز بارتفاعها وسعتها بحيث يتمكن صاحب الجمل أن يدخل وهو راكبه أو يُدخل جمله وعليه العديد من الأحمال الكثيرة - كالحطب والمُؤن- دون أن يُعيقه سقف الباب، وكان عدد هذه الأبواب يخضع عادةً لكبر مساحة البلدة وصغرها، فكُلَّما كانت البلدة كبيرة كُلَّما زاد عدد أبوابها وهكذا، وكان يتم غلق تلك الأبواب بحلول الليل وفتحها مع شروق الشمس، وكان العديد من الأشخاص يتولّون مُهمة الفتح والإغلاق والحراسة في الليل، ولا تفتح تلك الأبواب ليلاً إلا نادراً وفي الحالات الطارئة فقط؛ مِمَّا يوفر الأمن والطمأنينة في نفوس السكان ليناموا وهو ينعمون بالسكينة والهدوء بعيداً عن الخوف.
المداخل السرِّية
بما أن بناء الأسوار كان يتم بشكلٍ مُحكم ومتين فإنَّ هناك العديد من المداخل السرِّية للبلدة عبر الأسوار لا يعرفها إلاَّ القليل من ساكني البلدة، وكان وجود تلك المداخل السرية ضرورة تفرضها الحاجة، ومن ذلك مداخل السيول إلى البلدة من الأودية القريبة التي تُغذِّي البلدة من مياه السيول والأمطار، وكان بُناة السور يعمدون إلى جعل فتحات صغيرة في أسفل السور تكون مخفيةً ومبنيَّةً بطريقة مُحكمة بالحصى تُبرز مدى المهارة التي كان الناس يتمتعون بها في مجال البناء في ذلك الحين، وهذه المداخل تسمح بدخول وتدفق المياه بطريقة أشبه ما تكون بالشبكة بحيث لو أدخل شخص ما عصا مع تلك الفتحات لم يستطع إلاَّ أن يُمرِّر طرفها فقط، فهي يعيقها صف الحصى الذي بُني بطريقة هندسية بديعة، كما أنَّها تسمح بدخول الماء فقط ولا تسمح بدخول أيّ جسم مهما كان صغيراً سواءً من البشر أو الحيوانات المفترسة، وزيادة في إخفاء هذه المداخل يتم تغطيتها ببقايا الأشجار والأغصان والحشائش؛ وذلك لزيادة التمويه على المهاجمين للبلدة.
بوابة جدة التاريخية بعد عام من حصار الملك عبدالعزيز للمدينة
أشهر أسوار المدن
نتيجة للأوضاع الأمنية المتردية في نجد قبل التوحيد؛ جرت العادة أن تُحاط الحواضر بأسوار ويكون الدخول إليها والخروج منها عبر بوابات تُفتح في النهار وتُغلق في الليل؛ لاتِّقاء الغارات المفاجئة من البادية، أو من الأعداء من القرى المجاورة، ومن أشهر تلك الأسوار التي عرفتها المملكة «سور الدرعية» عاصمة الدولة السعودية الأولى التي أصبح غزوها في ذلك الحين هدفاً لمعارضي الدعوة الإصلاحية، إلى جانب ما كانت تنعم به من رخاء اقتصادي وثروات تُغري الطامعين فقد كانت بحاجة إلى مثل ذلك التحصين.
ويذكر المُؤرِّخ «ابن غنام» أنَّ أهل «الدرعية» لمَّا علموا بنيَّة حاكم الأحساء «عريعر بن دجين» غزو «نجد» سنة (1172ه) محاولاً القضاء على تلك الدولة الناشئة فيها أعدّوا للأمر عدَّته وبنوا سورين حول «الدرعية»، ولا تذكر المصادر التاريخية شيئاً عن سور «الدرعية» الأول، ويبدو أنَّ السور لم يتعرض إلى أيّ ضغوط أو هجوم عنيف من قبل أيّ قوة خارجية، بل حتى أثناء حروب «الدرعية» مع حاكم «الرياض» «دهام بن دواس» كانت «الدرعية» من القوة بحيث لم تحاصر أو يتعرض سورها لقصف أو محاولة اقتحام.
أمَّا بالنسبة للتسوير الثاني ل»الدرعية» فقد كان في عهد الإمام «عبدالله بن سعود الكبير» حينما تراجع من أمام قوات «إبراهيم باشا» وقرَّر التحصُّن في «الدرعية»، إذ أنَّه جدد أسوارها ورفع ذراها وقوَّى تحصيناتها وزاد من عدد الأبراج الدفاعية على الأسوار، كما قوّى البوَّابات وأعدَّها لتحمُّل القصف والصمود لحصار طويل، ويصف «عبدالله بن خميس» مسار سور «الدرعية» فيقول: «ولننطلق مع سور الدرعية من أعلى جبل القرين في الجهة الجنوبية متجهين نحو الشمال الشرقي فوق الجبال مع هذا السور الضخم المبني بالحجارة والطين على عرض نحو ثلاثة أمتار في الغالب، وكل ما بين (200) متر في الغالب تزوي قلعة بالعرض نفسه وبها خصائص ومنافذ للبنادق والمدافع تُعدُّ جزءاً من السور في أمكنة مناسبة في الارتفاع؛ وذلك لكشف مداخل العدو ومراقبة تحركاته».
جزء من سور أشيقر التاريخي
حصن «المصمك»
يُعدّ حصن «المصمك» من أهم المعالم التاريخية في المملكة، إذ يحتل مكانة بارزة في تاريخ مدينة «الرياض» خاصة و»المملكة» عامة؛ لكونه يُمثِّل انطلاقة تأسيسها وتوحيدها، فقد اقترن هذا الحصن بملحمة فتح «الرياض» التي تحققت على يد المؤسس الراحل الملك عبد العزيز -طيَّب الله ثراه-، وتحديداً في فجر الخامس من شوال لعام (1319ه).
ويوجد في كل ركن من أركان مبنى «المصمك» الأربعة برج أسطواني الشكل، ويبلغ ارتفاع الواحد منها (18م) ويُصعد إليه بواسطة درج ثمَّ بسلمين من الخشب، ويوجد في كل برج أماكن للرمي على محيط البرج، ويبلغ سمك جدار البرج حوالي (1.25م)، وفي وسط «المصمك» برج مربع الشكل يُسمى «المربعة» يشرف على الحصن من خلال الشُرفة العليا، كما يوجد فناء رئيس تحيط به غرف ذات أعمدة متصل بعضها ببعض داخلياً.
ويرجع بناء «المصمك» إلى سنة (1282ه)، وبناه الإمام «عبدالله بن فيصل بن تركي» ليحل محل قصر «دهام» الذي كان مقراً للحكم لنحو (80) سنة، وقد بقي «المصمك» يؤدِّي دوره كحصن تُدار فيه شؤون «الرياض» إلى أن تمَّ اقتحامه والاستيلاء عليه من قِبَل الملك «عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود» -رحمه الله-، إذ استخدم فيما بعد كمستودع للذخيرة والأسلحة والمُؤن لمدة سنتين ثُمَّ حُوِّل بعد ذلك إلى سجن، وبقي «المصمك» يستخدم لهذا الغرض حتى تقرَّر تحويله إلى معلمٍ يُمثِّل مرحلةً من مراحل تأسيس «المملكة العربية السعودية».
سور المدينة المنورة
يُعدُّ السور المحيط ب»المدينة المنورة» من أهم معالم المدينة الأثرية، فقد ظلّ سدَّاً منيعاً وحصناً حصيناً يحمي المدينة المباركة من هجمات الأعداء لأكثر من (1000) عام، وكان يُفتح نهارًا ويُغلق ليلاً حفظًا للأمن، كما كانت ذكرياته وحكايات أبوابه مصدر شوقٍ وحنين لدى أبناء «طيبة الطيبة».
بقايا من سور الطائف
ويُوضح الباحث في معالم «المدينة المنورة» «عبدالله بن مصطفى الشنقيطي» أنَّ سور «المدينة» المُسمَّى «الجُوَّاني» يُطل من الناحية الغربية على «المناخة»، أيّ نفق «المناخة» حالياً، والباب المُؤدِّي إليها هو «الباب المصري»، ومن الناحية الشرقية يُطِلّ على «البقيع»، والباب المُؤدِّي إليه «باب الجمعة»، أمَّا من الناحية الشماليَّة فيُطلّ على بلاد «الفيروزيَّة» وبضاعة «بئر بضاعة»، وبركة «الحاج الشامي»، و»السبيل» وهو وقف «الشناقطة» والباب المُؤدِّي إلى تلك الناحية «الباب الشامي»، وفيه القلعة الرئيسة ومقر حاكم «المدينة» وحاميتها العسكرية، أمَّا الناحية الجنوبية فيشتمل السور على حارة «ذروان» وفيها بئر «ذروان» التي استعملها اليهودي في سحر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحارة «الشونة» وهاتان الحارتان داخلتان في الساحة الجنوبية ل»المسجد النبوي الشريف»، والبابان النافذان من هذه الناحية باب «القاسمية» وباب «الحمّام»، وهناك سور آخر خارجي بناه «محمد علي باشا» عند استيلائه على «المدينة»، وقال «الشنقيطي» إنَّ السور قد أُزيل عام (1370ه) بعد أن توسَّعت «المدينة» واستتب الأمن.
سور الهفوف بالأحساء
سور جدة
عند الحديث عن سور مدينة «جدة» لا بُدَّ أن نُشير إلى أنَّه بُني ل»جدة» أربعة أسوار على الأقل منذ السور الذي قِيل أنَّ الصحابي «سلمان الفارسي» -رضي الله عنه- كان قد بناه هو وأهله قبل الإسلام عندما استوطنوا «جدة»، ولعلَّ آخر سور عرفته «جدة» هو الذي كان موجوداً عندما دخل الملك «عبدالعزيز» -طيب الله ثراه- «جدة» بعد حصار دام عاماً كاملاً، وأصبحت «جدة» جزءاً من سلطة ونفوذ الملك «عبدالعزيز» وذلك عام (1344ه) حتى استطاعت «جدة» في عام (1367ه) أن تستغني عن سورها وتتمرَّد عليه وتتوسَّع شمالاً في اتجاهات أُخرى عندما أراد الله -سبحانه وتعالى- أن يستتب الأمن في «جزيرة العرب» بعد تأسيس هذا الكيان الكبير الذي أسَّسه وأمَّن طُرقه المؤسس الراحل جلالة الملك «عبدالعزيز» -طيَّب الله ثراه-؛ فاستغنت «جدة» عن سورها وأصبحت آمنة مُطمئنة.
أسوار البطولة والفداء
تزخر المملكة بالعديد من المدن والقرى التي شهدت أسوارها ملاحم بطولية سواء في وسطها أو شمالها أو جنوبها أو شرقها وغربها، إذ لا يتَّسع المجال هنا لذكرها، ولكن نُورد بعضاً من أشهر هذه المدن والقرى، ومنها: مدن بريدة وحائل والطائف والدلم وعنيزة وضرماء والأحساء وشقراء ومرات وثادق والبكيرية وغيرها الكثير.
ويوجد العديد من الأسوار في عدد من مدن وقرى «المملكة» مِمَّن بقيت بعض أجزائها صامدةً على مر السنين، وكأنَّها هنا شاهدةً على تلك الفترة من انعدام الأمن وحالة الفوضى التي كانت تشهدها البلاد، ومن هذه الأسوار:
سور «المجمعة» القديم
ما زالت بعض أجزائه واضحةً للعيان في بعض الأحياء القديمة مثل: دروازة باب البر الغربية بالقرب من شارع النور، إذ كانت «المجمعة» مُحاطة بسور ضخم له تسع بوَّابات، وهي: بوابة حويزة وبوابة باب البر وبوابة القنطرة وبوابة النقبة وبوابة الجديد وبوابة الرميلة وبوابة الهمال وبوابة الهلالية وبوابة الأمراء.
السور القديم لمدينة المجمعة
سور «شقراء»
ومن أبرز معالم هذا السور الذي كان يلف مدينة «شقراء» القديمة أنَّه يحتوي على (45) مقصورة، إلى جانب عدد من البوَّابات التاريخية للمدينة القديمة، مثل: باب الطلحة وباب هداج وباب العطيفة، والبوَّابات الصغيرة، مثل: باب الثقاب، وباب جمعة، وباب الخل الذي يرجع تاريخه إلى عام (1232ه)، والسور الجديد الذي شُيِّد عام (1318ه) موالاة ل»آل سعود» ضد أعدائهم آنذاك، وبعد ذلك بعام واحد كان تاريخ استرداد الملك «عبد العزيز» -طيب الله ثراه- لمدينة «الرياض» الذي مثَّل بداية الملحمة لتوحيد كافة مناطق «المملكة»، وأصبحت «شقراء» مُنطلقاً لكثير من بيارق التوحيد بما تحتويه في ذلك الوقت من قوى دينية واجتماعية واقتصادية.
سور المدينة المنورة عام (1890م)
سور بلدة «أشيقر»
لقد بذل أهالي بلدة «أشيقر» جهوداً موفقة وبادروا بترميم قريتهم التراثية التي صارت مقصداً للسائحين على مستوى «المملكة»، وقد بدأت أعمال الترميم في البلدة التراثية ب «أشيقر» عام (1424ه) بعد زيارة صاحب السمو الملكي الأمير «سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز» -رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار-، وقد ساهمت «الهيئة العامة للسياحة والآثار» ببناء الأسوار الخارجية للمدينة القديمة والقرية التراثية وتركيب لوحات إرشادية على مداخل المدينة القديمة والمواقع السياحية، إلى جانب اعتماد (30.000) مطويَّةً خاصةً بالمناطق السياحية والأثرية في «أشيقر»، كذلك ترميم وبناء سور «أشيقر» القديمة للمرحلة الأولى بطول (1000م)، إضافةً إلى تركيب أكثر من (40) لوحةً إرشادية في أماكن مختلفة من القرية القديمة، وعدداً آخر من اللوحات الإضافية في مواقع سياحية خارج القرية القديمة؛ لإرشاد السائحين والزوار إلى الأماكن السياحية والأثرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.