من أبهج الأخبار الثقافية التي لطالما انتظرها المثقف والتي شغلت الساحة الإعلامية والثقافية في المملكة في الفترة الأخيرة هي صدور اللائحة الجديدة للأندية الأدبية والتي إن دلت فإنما تدل على جهد كبير ومخاض عسير وآمال مؤجلة كانت تنتظر فارسا شجاعا يترجمها على أرض الواقع ولا غرابة على وزير شاعر ومثقف أن يكون هذا الفارس الذي أشار إليه الدكتور الغذامي خلال لقاء قناة الدليل به للحديث عن اللائحة الجديدة للأندية. في مواجهة الغذامي عبر كتاب أو لقاء تلفزيوني أو مقال.. هذا يجعلك تقف وجها لوجه مع الكثير من الحقائق التي لا يدع إليها مجالا للالتباس أو الغموض، لأنه رجل لطالما آمن بما يقول وقال ما يؤمن به ولطالما كذلك علمنا ثقافة العدول عن الرؤى والاعتقادات التي يمكن أن نتراجع يوما عن اعتناقها إن استجد ما ينفي صحتها ويطفئ بريقها. اللائحة الجديدة خرجت من سباتها ومن غرف النوم التي استلقت فيها ردحا من الزمن ولما حان الوقت لانتصار ثقافي كبير خرج الغذامي من عزلته عن الأندية وعاد إليها بعد مقاطعتها في عملية احتجاج مدني راقية أدت ربما لتحقيق رغبات المثقفين الذين وصفهم الغذامي بأنهم أسوأ عينة من البشر وأنه لا يستبعد تزويرهم للانتخابات القادمة حيث إن الإنسان الذي يملك قدرة هائلة على فعل الخير كذلك يملك قدرة هائلة على فعل الشر!! المثقف.. المثقف وما أدراك من المثقف؟ من هو المثقف يا ترى؟ أتفق مع (شيخ النقاد) كما أطلقت عليه د. فاطمة الياس ملتمسة بذلك ألا تخرج من رحمته حسب اعترافها، أنه هو الإنسان الذي لا بد وله دور حر ولا بد ويحمل رسالة في الحياة ونضال يؤمن به، ولا بد أن يكون صادقا واعيا بدوره نزيها عن التزوير والخوض فيما لا ينحدر بالثقافة إلى ما يشوهها فيسيء إلى نفسه وانتمائه لها. هذا الفضاء الثقافي ما يجعلنا نمتلك أجنحة تمكننا من التحليق في سموه، وأن نكون كالفراشات وإن احترقت أجنحتها بالنور لكن سنحقق أسطورة الخلود وحكاية النور.. الفضاء الذي نحتاج أن يكون واسعا يتسع أفكار الجميع، بلا دخان حرائق يحجب الرؤيا ويلوث الأجواء، وهنا يأتي السؤال: هل يستطيع المثقف الحقيقي أن يكون أفضل عينة من البشر؟ أن يعي حقيقة دوره في المجتمع؟ أن لا يصنع المشاكل كي لا ينهك نفسه ويهدر وقته في حلها؟ هل يكون عامل تقدم وليس إعاقة؟ وهل تتحول الأندية الأدبية إلى ما يشبه الأندية الرياضية في احتفائها بأعضائها والترويج لفكرهم وإبداعهم وجعل الأدب ثقافة شعبية اجتماعية يصبح فيها المبدع جزءا من نسيج مجتمعه؟ اللائحة الجديدة للأندية كما وصفها الغذامي مشروع نوايا ونوايا صالحة لا بد أن يستجيب القدر لتحقيقها.. فقد آن الأوان لنبتهج بانتصار الثقافة وقراءة سورة النصر بدلا من قراءة الفاتحة على الأندية الأدبية كما فعل عندما تعطلت الانتخابات ورضخت أندية لشريعة التعيين. آمل أن نتحلى بالمناعة كما الدكتور الغذامي وذلك ضد الآراء والانتقادات والتعليقات ومن ثم تتسع صدورنا ولا تضيق بوجهات النظر الأخرى. {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [email protected]