أعرف عبد العزيز الحماد -رحمه الله- منذ زمن طويل عبر الشاشة الفضية، كنت صغيرا وكان هو نجما كبيرا يشار له بالبنان، ملامحه رسخت في أذهان الجمهور السعودي، فلا يكاد يرى في أي مكان محليا وخليجيا وعربيا إلا ويلقى كامل الترحيب والحفاوة، يرحبون به كنجم شاشة معروف وممثل متمكن. كبرتُ وكبرت نجومية الحماد وصار ملء السمع والبصر، وأكد هذه النجومية التعامل الراقي الذي يتمتع به هذا الرجل، وابتسامته التي لا تفارقه وحبه للناس وحب الناس له، فباتت صورته في ذهني وذهن نظرائي ممن يتابعون الثقافة والفنون. وكان أول لقاء لي معه بصورة مباشرة في اجتماع كبير جمع أهل الثقافة والفن في جمعية الثقافة والفنون بالرياض بحضور معالي د. يوسف العثيمين في بداية توليه رئاسة مجلس إدارة الجمعية، وكان الحماد هو أول المتحدثين، رفع الحماد بطاقة كانت في يده قائلا : أنا أحمل العضوية رقم1 في الجمعية منذ أكثر من 30 سنة، ولم أحظ بأي التفاتة من الجمعية، وإننا كفنانين (نتعشم) فيك -يقصد د. العثيمين- بنقلة نوعية تعطي لهذا الكيان الثقافي مكانته اللائقة وتجذب أهل الفن والثقافة لها.... صفق له الجميع طويلا موافقة وتقديرا واحتراما. كان الراحل يحمل في ذهنه إستراتيجيات متقدمة في مجال الثقافة والفنون وأظن هذا البعد الإداري تشكل أثناء دراسته في أمريكا لمدة 8 سنوات، وهي كفيلة بأن يعود منها المبتعث وهو يحمل (حضارة) العمل الإداري والتخطيط وبعد النظر. توطدت به العلاقة عبر جلسات وأحاديث ومناسبات ووجدت فيه الفنان المثقف والفنان الحيوي والفنان الذي يطمح بواقع ثقافي أفضل، وجدت فيه الفنان الذي يعمل باستمرار بعيدا عن المشاكلات والمماحكات، وهذا ما جعله يتمتع بعلاقات طيبة مع الجميع. وأصبحت ألتقي به بشكل يومي تقريبا بوصفنا أعضاء في (لجنة إجازة الأعمال الدرامية بالتلفزيون السعودي) لمدة سنتين، حيث حظيت بالتعرف عليه عن قرب فكان الرجل الرائع صاحب القلب الأبيض الذي لا تفارقه الضحكة الجميلة، حيث تنتشر طاقته الإيجابية في المكان فما يلبث الجميع إلا أن يشعروا ببهجة المكان في أجواء أخوية، ولكن تلك البهجة التي يثيرها ويتلقاها الجميع بكل الحب، تلقيناها يوم الخميس الماضي ببالغ الحزن والأسى، فبث خبر وفاته فينا طاقة ألم وحسره على فقد فنان أصيل يحبه الجميع، لا نملك أمامها إلا أن نقول: قدر الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون. فرحمك الله أيها الرجل الطيب رحمة الله واسعة، وأضاء الله قبرك -على مد بصرك- جنانا عرضها السموات والأرض. [email protected]