كان إحياء «أربعائية السليمان» باستضافتها في جمعية الثقافة والفنون في الدمام حدثاً مميزاً. فالأربعائية صالون ثقافي يهتم بالفن التشكيلي والفنانين التشكيليين في المنطقة الشرقية وغيرها. أسسه واستضافه في مرسمه الفنان والناقد «عبدالرحمن السليمان». وقد استضافت الأربعائية الكثير من الفنانين والنقاد وكنت من بينهم وهو شرف كبير لي مشاركة إخوتي الفنانين هذا الصالون التشكيلي الثقافي بامتياز. فيه كنا نسمع أخبار الفنانين ورحلاتهم إلى مدن العالم والواقع التشكيلي في تلك البلدان والمدن ونشارك بمحاضراتنا وآرائنا في إغناء الحركة التشكيلية في المنطقة الشرقية وعلى مستوى المملكة. وكان قد فترَ نشاط «أربعائية السليمان» بسبب مرض ألمَّ به. وقد كنتُ قد لاحظتُ غيابه عن الوسط التشكيلي بالإضافة إلى التوقف التام للقاءات الأربعائية، فاتصلتُ به لأعرف السبب. فإذا بصوته يأتيني ضعيفاً ويخبرني أنه في المستشفى من مدة. صعقت للخبر واستفسرت منه عن المستشفى وعن إمكانية زيارته فطمأنني أنه سيخرج سريعاً، وأن الأمر ليس خطيراً! وهكذا توقف واحد من الصالونات التشكيلية الأكثر أهمية وحيوية ربما في المملكة. إن مبادرة مدير جمعية الثقافة والفنون، يوسف الحربي، الذي كان عضوا دائماً في «الأربعائية»، باستضافة أعضائها بشكل دوري واستقطاب الفنانات إلى جانب الفنانين في مبنى الجمعية وتحمل المصاريف التي كان يتحمل أعباءها الفنان السليمان وحده، كانت مبادرة مهمة في إحياء هذا الصالون التشكيلي الثقافي الهام. وكانت استضافة «الأربعائية»، التي تجتمع بعد مدة طويلة، الفنان «ناصر الموسى» حدثاً هاماً بحد ذاته. فقد أتاحت لنا كمهتمين بالفن والثقافة، الاطلاع على هذه التجربة الهامة جداً في المحترف التشكيلي السعودي المعاصر. وقد أكدت الأعمال التي عرضها الفنان «ناصر الموسى» أنه يقف في الصف الأول من الفنانين التشكيليين السعوديين والعرب اليوم. فقد متعنا حقاً العرض التقديمي للوحاته الرائعة. وتعليقيه على ظروف إنتاج هذه الأعمال، واشتغاله المختلف على الحرف العربي كموتيف من خلال عبارة «الله أكبر» ودلالاتها عند أي إنسان، وذوبانها تشكيلياً ضمن نغم لوني متميز يداعب البصر وينقله إلى أجواء من الروحانية العظيمة! لقد حلَّ الفنان ناصر الموسى المعادلة الصعبة، التي ابتدأ بحلها الفنان د. محمود حماد ومن تبعه بدرجات متفاوتة، عن طريق تحويل الحرف العربي إلى عنصر مندمج في التصوير التشكيلي دون أن تتحول اللوحة إلى مجرد عمل زخرفي تزييني! وهو أمر غاية في الصعوبة من الناحية التشكيلية. فكلما ازداد التزيين والزخرفة في اللوحة قلَّ العامل التصويري التشكيلي. ومن هنا كان حل المعادلة صعباً. وقد نجح الموسى بحلِّ هذه المسألة في أعماله بحيث لا تفقد اللوحة العامل التصويري رغم إدخال الخط والحرف العربي. ومن المؤسف حقا، ألا يحضر الفنانون والفنانات الذين يعملون ضمن هذا الاتجاه وغيرهم تلك الأمسية ليستفيدوا من هذه التجربة الرائدة.