بجانب تلوث الجو بالإشعاعات النووية نتيجة التجارب النووية هناك تلوث نووي للتربة نتيجة لحوادث انفجار المفاعلات النووية، مثل حادث مفاعل تشرنوبل الذي وقع على حدود أوكرانيا مع بلاروس عام 1986م، اللذين كانا في ذلك الوقت ضمن ما يسمى بالاتحاد السوفيتي. وسابقاً حدثت حوادث متعددة سببت تلوثاً لأجواء العالم منها الحادثة المسماة كيشيتم عام 1957م والتي حدثت في مصنع حكومي، في جنوب جبال الأورال بروسيا لإعادة المعالجة، وكذلك حادث مفاعل وندسيكل عام 1957م بالمملكة المتحدة، وحادث مفاعل ثري مايل أيلند بالولايات المتحدةالأمريكية عام 1979م، بجانب حادث مفاعل تشرنوبل بأوكرانيا عام 1986م. تلك الحوادث النووية لوثت أجواء العالم، ولم يقتصر تأثيرها على البيئة المحيطة بها وإنما امتد هذا التأثير إلى حدود بعيدة تصل إلى عدة آلاف من الكيلومترات. وتلعب الظروف المناخية مثل سرعة واتجاه الرياح والأمطار دوراً كبيراً في انتشار وتساقط المواد المشعة التي نتجت عن تلك الكوارث في كل مكان على سطح الأرض ولكن يتفاوت تركيز تلك المواد المشعة المتساقطة على الأرض تفاوتاً كبيراً من مكان لآخر حسب الظروف. تلك المواد المشعة بعد سقوطها تدخل التربة ويمتصها النبات ليصبح ملوثاً وعندما تتغذى عليه الماشية، يسبب تلوث الألبان ومشتقاتها واللحوم وغير ذلك. واليوم مازالت التربية والمياه الجوفية في تلك الدول والمحيطة بها ملوثة بالإشعاع الذي نتج من انفجار مفاعل تشير نوبل على الحدود الأوكرانية مع بلاروس. كما خلص اختصاصيون في ندوة موسعة حول مرض السرطان في المنطقة الجنوبية من العراق أقامتها دائرة الصحة في البصرة، بمناسبة اليوم العالمي للسرطان، إلى أن التلوث الإشعاعي الذي تعرضت له المنطقة الجنوبية جراء الحروب الأخيرة هو العامل الأهم في ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في المنطقة الجنوبيةوالبصرة على وجه الخصوص. وبما أن حالات السرطان قد زادت في بلادنا، وبما أننا في أحد السنوات استوردنا 40% من إنتاج أوكرانيا (انظر الجداول المرفقة) من الشعير الذي يستخدم كعلف للماشية والأغنام في بلادنا. كما أن هناك مقالات ذكرت أن هناك تلاعبا في تجارة القمح والشعير الأوكراني الملوث. فبعض التجار من بلاد مجاورة لأوكرانيا يشترون القمح والشعير الملوث ويصدر إلى دول الشرق الأوسط على أنه سليم وخال من الإشعاع. وخوفي أن نكون منهم!!!!! وللعلم فلقد ذكرت جريدة الشرق الأوسط في 17 سبتمبر 2002، العدد 8694 أن أغلب الشعير الأوكراني ذهب إلى السعودية. فهل ذلك حقيقة ما نشرته الجريدة. كما اعترفت الحكومة في مصر بفساد القمح المستورد من أوكرانيا. وكشفت مصادر اقتصادية مسؤولة أن تقارير صحية وصلت إلى رئيس مجلس الوزراء تؤكد فساد جميع الصفقات المستوردة من القمح الأوكراني نظراً لأن الكميات الواردة الأوكرانية تم استيرادها لاستخدامها كعلف للحيوانات. كما ذكر في مقال كتبه جبريل روني نشر في يوم الأحد 1 من ديسمبر 2002 في جريدة الهرالد الأحدية في أسكتلندا بعنوان المعارضة تكشف فضيحة تصدير قمح مشع بطرق احتيال. والمسؤولون الرومانيون يقولون إنهم يجهلون عن وجود إنتاج ملوث رخيص من تشيرنوبل مكتوب عليه آمن ويباع للشرق الأوسط. القمح المشع من حقول أوكرانيا والمسمم بكارثة تشيرنوبل النووية يعاد تعبئته ويصدر كحبوب من إنتاج رومانيا بواسطة تجار من بوخارست إلى البلاد العربية بطرق احتيال بملايين الدولارات. والمعروف أن كارثة تشير نوبل النووية في الاتحاد السوفيتي سابقاً في 26 إبريل عام 1986م لوث مناطق كبيرة من أوروبا وسببت أضراراً عظيمة للمحاصيل والماشية غرباً حتى المرتفعات الأسكتلندية والجزر. ولسنوات عديدة بعد ذلك لم يتمكن المزارعون من بيع أغنامهم أو حليب أبقارهم التي تتغذى على الأعشاب المتلوثة بالإشعاع وهذا التلوث باقٍ لملايين السنين. وما يزال ذلك يطرح ظلالا مميتا على أوكرانيا، التي كانت تعتبر سلة الغذاء السابقة للمنطقة، حيث يعتبر تأثير التلوث الإشعاعي للتربة، أحد التأثيرات الباقية للأبد التي شلت أوكرانيا نتيجة انفجار المفاعل الرابع. وبسبب التلوث الواضح لقمح أوكرانيا، والقمح والحبوب المزروعة في جمهورية مولدوفيا، منعت استيراده دول الشرق الأوسط في ذلك الوقت من الدولتين خوفاً من التلوث الإشعاعي لشعوب المنطقة، لكن يبدو أن ما يحدث في الماضي ينسى. كما تدخلت المافيا وبعض المسؤولين في رومانيا سعياً وراء ربح سريع، لشراء القمح الملوث من أوكرانيا ومولدوفيا وإعادة تعبئته والكتابة على الأكياس آمن من إنتاج رومانيا، حيث كشف ذلك وفضح المؤامرة، والمتورطون فيها في البرلمان الروماني أحد النواب الرومانيين واسمه (Valeriu Gheorghe). وقال للبرلمان الروماني (إن رومانيا أحد المستوردين الرئيسيين للقمح الأوكراني والمولدوفي، وأن البلدين يستعملان رومانيا كبلدة عبور لشحن قمحهما، إلى عملائهم في الأسواق العربية التقليدية، بحيث يعاد تعبئته والكتابة على العبوات (قمح روماني) وجبنة رومانية وهكذا مع جميع ما ينتج في تلك الدولتين. ثم يعاد تصديره إلى الأسواق الأجنبية. وهذا يعني أن القمح والمنتجات الأخرى الملوثة بالإشعاع تشترى بأسعار زهيدة ويعاد بيعها بأسعار عالمية بواسطة التجار الرومانيين إلى تجار أجانب يجهلون ذلك، وأن المسؤولين في بوخارست يديرون أعينهم عن تلك العمليات التجارية المشبوهة. وقد تساءل النائب الروماني، هل هناك إمكانية أن المستهلكين يأكلون خبزا ملوثا بالإشعاع، وأكد على تساؤله بما ذكرته جمعية الحبوب الرومانية وأعلنته، حيث ذكرت: (في عام 2001 و2002 استوردت كميات كبيرة جداً من القمح المشع من أوكرانيا وجمهورية مولدوفيا). مما سبق جعلني أتساءل مع غيري، هل ثروتنا الحيوانية تتغذى على شعير ملوث بالإشعاع، وبالتالي هل أصبحت لحومها وألبانها ملوثة بالإشعاع أيضاً، وإذا كان ذلك حقيقة فهل أثّر ذلك الإشعاع على سكان المملكة العربية السعودية نتيجة أكلهم لحوما وشربهم ألبانا من ماشية تتغذى على شعير أوكراني؟؟، والسؤال الآخر: هل الماشية في شمال شرق المملكة تتغذى على أعشاب ملوثة بالإشعاع نتيجة حرب الخليج. كما أتساءل هل اللحوم المذبوحة واللحوم المجمدة المفرومة وغيرها والأجبان المستوردة المصنّعة من تلك المناطق ملوثة بالإشعاع بسبب أن أبقار تلك البلاد تتغذى على الأعشاب الملوثة وبالتالي تأثر الحليب المصنوعة منه الأجبان، والحليب المجفف من تلك المناطق؟؟، ويباع علينا كحليب مجفف معاد تعبئته، أو أن بعض مصانع الألبان التي تستعمل ذلك الحليب المجفف في إنتاج ألبان غير طازجة، تباع في الأسواق، وهل أيضاً منتجات دول الخليج مثل الإمارات من لحوم وغيرها أساساً مستوردة من تلك المناطق ويعاد تعبئتها وتصدر إلى أسواقنا، (أطلق عليها مصطلح تبييض المنتجات الزراعية الملوثة مثل تبييض الأموال). كما أتساءل أيضاً هل هناك كشف إشعاعي على ما نستورده من جميع أنواع الحبوب من تلك المناطق، وماذا نستورد بالفعل، هل هو شعير فقط، ومن يقوم بالاستيراد، وهل لدينا معامل خاصة لكشف ذلك، أم أن كل واحد ( نايم ومطنش )، وأن ذلك لا يهمهم، أم هل هم يجهلون ما يحدث من ألاعيب؟ كما أتساءل عن مدى استعداد الجهة المسؤولة في بلادنا وجودة مختبراتها وقدراتها في أداء مسؤولياتها، وهل هناك برامج جودة لمراقبة أدائها والتأكد منه. وقبل أن نوقع اتفاقيات مع أوكرانيا التي مازالت تربتها ملوثة إشعاعياً، هل سألتم الأممالمتحدة والجهة المسؤولة فيها عن سلامة الغذاء عن موضوع ضرر التلوث الإشعاعي للتربة في أوكرانيا على الشعير المستورد منها. وما هو دور هيئة الاستثمارات العامة في ذلك! آلاف التساؤلات يحق لي ويحق لكل مواطن في بلادنا أن يسألها، وأرجو أن يحقق في جميع جوانب تلك القضية، وأن نتدارك الوضع، ونوقف استيراد أي منتجات زراعية وغذائية من تلك المناطق إذا تبين لنا أنها كذلك، ونشتري احتياجات المواطن من أماكن آمنة. أكرر طرح تساؤلاتي السابقة عسى أن أجد الإجابة عليها من هيئة الغذاء والدواء، ووزارة التجارة والزراعة والصوامع، ولا تنسوا سؤال هيئة الاستثمارات العامة، وبعض تجار الحبوب المتورطين في ذلك والذين لا يهمهم إلا الكسب غير المشروع حتى لو أثّر ذلك على صحة المواطن، فكروا كم شخص سعودي مرض وسيمرض بأمراض مستعصية، وفكروا في ما ستخسره الدولة - حفظها الله - من بلايين، بل ترليونات الريالات على علاج آلاف حالات السرطان الحالية والمستقبلية، خاصة سرطان المعدة والقولون والمستقيم، والأمراض الأخرى الناتجة عن ذلك. أرجو أن تكون شكوكي خاطئة ويدرس هذا الأمر من المختصين، ولإبعاد الشبهة أرجو أن نتعامل فيما يخص غذائنا، بأن نستورده من أماكن بعيدة عن تلك المناطق الملوثة بالإشعاع، مثل بعض بلاد أوروبا الشرقية التي تلوثت أراضيها نتيجة انفجار مفاعل تشيرنوبل، أو من بلاد تربتها ملوثة بجميع الملوثات الإشعاعية والكيميائية السامة نتيجة الحرب الطاحنة السابقة لأمريكا في آسيا والتي لم تترك شبراً في أرض أحد تلك الدول إلا ولوثتها بالسموم والإشعاع. والله يحفظ بلادنا من كل شر. والله من وراء القصد. د. عبدالملك بن عبدالله زيد الخيال