أتمنى أن ما مر على الأسواق من هزات تكون عبراً للكثير من الناس ليتركوا وهم الثراء السريع والركض خلف سراب الربيع دون طائل ممكن، أو أمل مستمكن، لهث وضغط وسؤال ليس له جواب، ووهم ذاهب مع السراب. أموال تذهب بها الريح، وصاحبها غير مستريح، يظن بالأسواق العالمية والمحلية خيراً فتكون كذلك تارة، غير أنها لا تلبث أن تكون شراً مستطيراً، ووبالاً على متوسم يطلب من الماء جذوة نار. الركض وراء الوهم مضيعة للوقت والمال، والعودة إلى المنطق هو المنهج الذي لا يعطي ثراء سريعاً لكنه لا يحمل المرء ما لا يحتمل، ولا يجعله بطلاً في معركة دون صهوة جواد وسيف. من العبث ترك الانشغال بالإنتاج وأسبابه والسعي وراء طلب مكامن الثراء السريع الذي لن يكون حقاً إلا مع من يستطيع التأثير عليه بأساليب شتى. الكرسي الوثير مع المال العزيز محبب إلى النفس ينشده كل إنسان، غير أنه لا يتأتى لمن أراده وإلا لصف الناس جماعات وفرادى على أرائك مريحة ينظرون إلى شاشات فضية، تنثر عليهم الأموال وهم هانئين في غرف باردة الطقس، جميلة الفرش، حسنة المنظر. وهم الطامحين قد يقود إلى الكثير من المآسي والتضليل للنفس فيتم البذل دون المردود مع أن الظاهر غير الباطن. هذا الذي يحدث للمرء مع ذاته، يمكن أن يفعله مدير ناد من النوادي الكروية أو موظفاً في وظيفة خصوصية أو عمومية. الوهم الإعلامي كما هو الوهم المالي يقود إلى منظر جميل وأمل كبير، وحقيقة غير صحيحة ولهذا فعندما يقع الفأس على الرأس تكثر الأعذار والمخارج والأساليب والمسببات. لن أنبش التاريخ لأذكر رؤساء- رحمهم الله- كان لهم من الأدوات الإعلامية ما أوهمت الناس وجعلتهم يلهثون خلف سراب لهاث أصحاب الأسهم والذي تظهر لهم الشاشة جمال منظرها وتخفى وراءها الحقيقة، والحقيقة ولا شيء غير الحقيقة. وهم الشاشة كما هو وهم الإعلام له محللون ومزينون ومجملون وآخرون ساخطون متشائمون، مقيمون يظهرون الجانب السيىء دائماً وربما يقبحون ما هو حسن. الحقيقة الضائعة هي تلك التي يبحث عنها الفرد والمجتمع، وهي ما زالت غائبة وربما لا تكون ضائعة، والغائب ربما يحضر والضائع ربما يوجد، لكن أهم من الحضور أو الحصول هو كيفية التفعيل والعمل لأن ذلك يحتاج إلى جهاد النفس والتضحية وهذا ما يصعب على المرء بذله. وهم الأسهم ووهم الإعلام صنوان لهم تأثير على الأفراد والمجتمعات، وإدراك حقيقتهما لا تتم إلا بعد حين، وقد ظهر وهم الإعلام عند دول في أزمان خلت، وظهر وهم الثراء من الأسهم عند أناس ذاقوا حر جمرها في سنين قريبة مرت، وهل يظل السراب جاذباً للناس؟ لست أدري!